محمد انعم -
الأسبوع الماضي واصل مجلس القضاء اجتماعاته بنفس الوتيرة المعروفة، والتي صارت مرتبطة بقرارات جريئة مثل رفع الحصانة، الإحالة الى التقاعد، الفصل من العمل.. وغيرها من الإجراءات التأديبية المألوفة.
بيد أن المثير للدهشة أنه ومنذ أكثر من عامين ومجلس القضاء الموقر يتحفظ عن نشر أسماء رؤساء وأعضاء المحاكم والنيابات وغيرهم من الذين تم إدانتهم بمخالفات مجرمة قانوناً.. أوحتى مجرد الإشارة الى أماكن عملهم.. أو ذكر أسماء المجني عليهم من المواطنين.
هذا يجعلنا نطرح مثل هذا التساؤل أمام فضيلة القاضي عصام السماوي رئيس مجلس القضاء الأعلى رئيس المحكمة العليا، حتى نكون على بينة ان كان ثمة درجات أو تمايز بين المدانين أمام القضاء، بحيث لا يتساوى بالعقوبات العاملون في السلطة القضائية أسوة بالمواطنين العاديين الذين تنشر أسماؤهم وتعلن على الملأ داخل المحاكم وفي جلسات مفتوحة.. بينما لا يجوز تطبيقها على حكّام المحاكم والنيابات.. بمعنى هل للمتهمين العاملين في السلطة القضائية استثناءات خاصة ومحاكمات من نوع سبعة نجوم وأحكام لا تعلن أسماء المدانين ولا نوع الجرائم التي اقترفوها أو مكانها، كما يحرم ذكر ضحايا أولئك الحكام وأعضاء النيابات.
لا نريد أن نشكك بقرارات مجلس القضاء إطلاقاً.. لكن نريد أن نتبين وبهدف تعميم الفائدة: هل هناك حصانة كفلها الشرع والقانون لأولئك البعض من العاملين في القضاء والذين تثبت إدانتهم بما يتخذه مجلس القضاء من قرارات عقابية ضدهم.
لا أخفيكم سراً أنه من كثرة الأحكام العقابية التي يصدرها مجلس القضاء بدأت تساورني شكوك - أعوذ بالله منها - وأرجع أجلد نفسي وأقول: إن الاحكام حقيقية وليست على ورق كما يوسوس لي الشيطان.. لكن سرعان ما أشعر بالحزن عندما أتخيل البعض يعلقون عليها، وخصوصاً من الذين يعانون الأمرّين من فساد بعض الحكام، ولم يفطنوا الى هذه الحكايات بعد.
مرة أخرى اعترف بعدالة ونزاهة ومصداقية واستقلالية وحيادية قضاء بلادنا.. ولأني حريص على أصحاب الفضيلة رئيس وأعضاء مجلس القضاء، من تقولات المغرضين ومزاعم وكيد المتضررين من التوجهات الهادفة الى معالجة العديد من الاختلالات.. لهذا نطرح هذه التساؤلات حتى لا نجد أن أحد المدانين ينبري علينا ويدعي أنه عوقب لأنه كان مختلفاً مع بعض أعضاء المجلس، أو يزعم آخر أنه أُبعد من عمله لأنه أصدر حكماً ضد أحد معاريف أو أقرباء أحد أعضاء المجلس، وسواهم سيذهب الى تبرير جرمه بدعوى »صهر« أحد المسؤولين أراد أن يكون قاضياً بدلاً عنه، فدبروا له هذه المسرحية.. ومدان آخر قد لا يتوانى من ادعاء النزاهة ويزعم أنه طلب منه مبالغ مالية، فرفض وفضل الجلسة في البيت، فتم معاقبته على نظافة يده واستقامته.. و.. و... الخ.
حقيقة لا أريد من هذه الإشارة إلا التعلم من أصحاب الفضيلة العلماء الذين يحرسون ويقيمون ميزان العدالة وشرع الله الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين له أجمعين.. ولهذا رأيت أنه لا بد من طرح مثل هذه التساؤلات لشحة معرفتي بعد أن وجدت أنه منذ ما يزيد على عامين ومجلس القضاء يصدر أحكاماً، ولكن ليس لها تأثير إيجابي في عمل معظم أو بالأصح أغلب المحاكم والنيابات.. لقد خلصت الى نتيجة وقناعة أن السبب من وراء فشل بعض العاملين في محاكمنا هو غياب الرادع من تلك الأحكام، وخصوصاً أن عدم التشهير بأسماء المدانين من العاملين في القضاء قد جعل ضعاف النفوس يمارسون إفسادهم وإساءاتهم له، ولا يخشون أية عقوبة من تلك التي يعلنها مجلس القضاء.. طالما أنه لا يتم التشهير بأسمائهم مثل بقية المواطنين.. على الرغم أنه يجب أن يكون جميع المواطنين أمام القضاء متساويين دون تمييز أو تفضيل كما أشار الى ذلك الدستور.
فعلاً لم يتغير شيء في أداء المحاكم، نقولها بصدق، وهذا يجعلنا نعتقد أن استمرار تطويل العاملين في القضاء للقضايا سنوات دون البت فيها ليس سببها تدني المرتبات، ولا غياب الكادر الخاص ولا الامتيازات، ولا غير ذلك من الاسباب التي ظلت شماعة تعلق عليها أخطاء وقصور أداء بعض العاملين في القضاء.. وإنما المشكلة تكمن في غياب العقوبات الرادعة والتي أقلها التشهير بأسماء المدانين وعلى وجه الخصوص العاملين في القضاء على الملأ، أما إذا استمرت الأحكام تصدر بهذا النمط، فهذه ستكون مضحكة الزمان.. أقولها بصدق، لأن كل الأديان السماوية والتشريعات الوضعية لم تسقط الحدود على القضاة فقط وليس هناك حصانة لهم من عقوبات السجن أو غيرها - حسب ما اعتقد.
رسائل سريعة
التطويل في البت في قضايا المتمردين والمتهمين بأعمال التقطع والشغب والاختطاف شجع المجرمين على اقتراف المزيد من سفك دماء المواطنين الأبرياء، ومقاتلة الدولة والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
ولو نظرنا الى المحاكم في الصين أو إيران أو غيرها وتعاملهم مع أمثال هذه القضايا لوجدنا أن مشكلتنا تكمن في هذا التقاضي الذي له بداية ولا نهاية له.
لو أردنا فعلاً أن نعمل على توفير فرص عمل لشبابنا ونحارب الفقر والبطالة لدافع حكام المحاكم باستماتة على حقوق المستثمرين وحموهم من بطش مافيا الأراضي واعتداءات المتنفذين وخدموا عملية التنمية في بلادنا.
لو وجد شبابنا أن بعض العاملين في القضاء يطبقون شرع الله ويحمون الحقوق لما ذهب بعضهم مع المتطرفين معتقدين أن شرع الله في جعبهم فقط.{
benanaam@gmail.com
مجلس القضاء يعاقب جناة بدون أسماء
