موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الثروة السمكية تحذر من مخالفة قرار "حظر الجمبري" - صنعاء.. حشد جماهيري كبير مع غزة ولا خطوط حمراء - إسقاط طائرة أمريكية في أجواء مأرب - بيان هـام صادر عن وزارة الإتصالات - أبو عبيدة: مستعدون لمعركة استنزاف طويلة - وسط تهديد بتشديد الحصار: الجوع.. سلاح ضغط أمريكي على صنعاء - تربويون وأكاديميون لـ"الميثاق": تحصين الجيل الجديد بأهمية الوحدة اليمنية ضرورة قصوى - الوحدة اليمنية خيار شعب ومصير وطن - الأمين العام يعزي بوفاة الشيخ عبدالكريم الرصاص - الأونروا: 600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح -
مقالات
الخميس, 03-أغسطس-2006
الميثاق نت - تدفعني الحرب الي الضحك أحياناً، ويجعلني ضحكي الجفل اضحك اكثر، احمل في داخلي دمعاً كثيراً واداريه، هذا مهيناً الي حد، لعينين تشعّان بقهرهما. معجزة انني اضحك، ولو قليلا كل يوم، هذه المعجزة المتواضعة، ومدعاة مع ذلك الي احترامي الشخصي.
قلت لأمي التي اخذ التهجير بخناقها، عناية جابر -
تدفعني الحرب الي الضحك أحياناً، ويجعلني ضحكي الجفل اضحك اكثر، احمل في داخلي دمعاً كثيراً واداريه، هذا مهيناً الي حد، لعينين تشعّان بقهرهما. معجزة انني اضحك، ولو قليلا كل يوم، هذه المعجزة المتواضعة، ومدعاة مع ذلك الي احترامي الشخصي.
قلت لأمي التي اخذ التهجير بخناقها، واجبرها علي ترك بيتها تحت مرمي نيران القصف الاسرائيلي واللوذ ببيتي، بأن عليها ان تقتصد في حل الكلمات المتقاطعة في المجلة التي تعكف عليها اغلب الاوقات، اذ لعل هذه تنفذ قريبا من المكتبات، فلا يتبقي لها ما تتسلي به.
في الحروب، يبقي هم التحرر من عاداتنا اليومية، هو المؤرق والموجع، اكثر بكثير مما تفعله بنا القذائف والصواريخ. عندما نحسب اننا تحررنا من الاشياء، ومن كل حيازة وطقس، نروح نكابد حرقتنا اليها، في وقتنا المسور والمغلق علي دنو الموت، وقربه.
شرب النسكافيه في الخامسة صباحا وحيدة، لا يعود يشبه شربها مع آخرين. ان تهيم علي وجهك في الغرف وبينها مرسلا صوتك في تمتمات واغنيات غريبة، لا يعود يشبه الارتطام بالاخرين، والاعتذارات السريعة المضحكة.
البيوت هي ما نحملها في دواخلنا، ولقد احدثت الحرب شرخاً جوانياً في اقل من ليلة. غدا المطرح مطرحاً آخر، وتكشفت الاشياء ارضية تماماً، وكنت تحسبها فلكية وفضائية.
جاهدت كثيرا ضد الميل الي الامتلاك، حتي انني اختزلت رغبتي الي الاشياء بعدد من الكتب وزجاجة عطري المفضل، وفرشاة اسنان قاسية مع معجون فائق التبييض. اي قمت بتشييد عالم من متاع بخس. ثمة لا شك، السفر المغوي والمتطامن فيّ غير انه كف عن تعذيبي، اذ تمرنت طويلا علي ان اسافر فيما انا علي كنبتي لا ابرح.
سوف اعترف ايضا، ان فكرة ان اترك بيتي بمن فيه، واللجوء الي غرفة في اوتيل، فكرة جذابة الحت علي، كما ان مرأي البولمانات او الاوتوبيسات الكبيرة التي تنقل الرعايا الاجانب من بيروت الي الشام في طريقهم الي بلدانهم اغواني، حين اوشكت في ثاني يوم علي اندلاع الحرب، علي الاندساس خلسة في احدها. البواخر ايضا، الراسية في بحري وعلي شاطئي، والعاملة علي ترحيل من تحترم حيواتهم دولهم وحكوماتهم، آذتني اذي بالغاً، وأيقظت فيّ غول نهمي الي البحر والرحيل.
ان يكون الخناق قوياً وكتل الصوان تجثم علي صدرك، ثم تدهمك بضعة شقوق، تصدع كتل الصوان، فتلك هي براعم روحك التي سرعان ما تورق في اليأس وفي العتم.
لم افعل بالطبع شيئا مما راودتني نفسي علي فعله. لم استقل بغرفة خاصة بي في اوتيل، ولم اندس في احد الباصات المسافرة، ولا حـــــملني هيامي الي حيث ترسو الباخرة، بل اشتريت بضعة علب من حليب الاطفال، وكمية لا بأس بها من الجيزات و التي شيرتات والواح الشوكولا واقلام التلوين والدفاتر، وقصدت احدي الحدائق العامة (حديقة الصنائع) التي اكتظت بالمهجرين. شيء من الاختلاط شبه السعيد يشوبهم، بسيط ومضن ٍ في العراء، وانا رميت بأغراضي علي الارض، تركتها لهم خجلي من عذابهم وظللت بعيدة.
كنت اقيس هذا التحول فيّ بتهليل، وبكآبة خفية لكوني ربطت اخيرا مصيري بمصيرهم. انا لا اجده فاتنا، ربط مصيري بمصيرهم، ليس فاتنا ولا شاعريا، لكنني مع ذلك لا املك الا ان اربط مصيري بمصيرهم بلا نفاد صبر وبلا مهارة.
كما وابدو الان قليلة الحس بأنني في الحرب، وانظر بعين شبعانة الي احلامي وعاداتي ووحدتي وخلوتي. كلها بالطبع اشياء من حقي، فاتنة وساحرة، لكنني مع اوجاع هؤلاء الاطفال لست جائعة حاليا لاسبابي الشخصية. الحرب تجعلني انتهي من نزاعي مع نفسي لانصرف الي هذه الارواح المقهورة التي تعمل رغما عنها، كوقود دائم للحرب، دون خلل ولا جهد، ودون صوت تقريبا.
ان قتلنا من قبل الاسرائيليين، ليس سببا كافيا لنكون امواتا بصورة نهائية. ربما كان اسم هذه المعادلة هو الحب، وربما العناد او العته.
نرث هذه الحروب المتوسطية التي لا تزال تهدمنا من الداخل ومن الخارج. هكذا تهدي الينا الحروب، من دون ان نسأل. الحرب معقودة في قلوبنا التي هي ثقيلة وغاضــــبة ويتعاقب عليها الفقد.
نقلاً عن القدس العربي
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
الوحدة لا تتحمل أوزار الموحّدين
أحمد الزبيري

فلسطين ستكون حُرَّة
يحيى الماوري

عالم يقاتل مقاومة..!!!
د. عبد الوهاب الروحاني

الحياة مِرآة كبيرة لأفعالنا
عبد السلام الدباء

شِلّني يادِرَيْوَلْ تِجَمّل !!
عبدالرحمن بجاش

حَبّيت الحديدة وأشتي أعيش فيها
منى صفوان

الوحدة اليمنية: تحديات وآفاق في ذكرى مرور 34 عاماً
عبدالله صالح الحاج

الأفعال والمواقف السياسية حول أحداث غزة
إبراهيم ناصر الجرفي

الجامعات الامريكية !!
د. طه حسين الروحاني

عن (المركزية الأوروبية).. الإنسان (السوبرمان) !!
محمد علي اللوزي

التعليم.. لا إفادة ولا إجادة !!
د. يحيى الخزان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)