فريد باعباد -
لم أكن أود أن أتطرق إلى حادثة طائرة الخطوط الجوية اليمنية المنكوبة والتي سقطت في المحيط الهندي قبالة سواحل جزر القمر حتى تظهر نتائج التحقيقات وهذا هو المنطق والمتبع في كل الأحوال.
لكن تصريحات المسؤولين الفرنسيين بتوجيه التهم للخطوط اليمنية في وقت مبكر وبعد حصول الحادث بأقل من 24 ساعة ودون دليل ظهر وقبل الحصول على الصندوقين الأسودين أو أحدهما بل وقبل بداية جهود الإنقاذ ومغالطة الرأي العام الفرنسي والعربي في وقت لم تظهر أية معلومات أو حقائق حول أسباب الحادث دليل على أن الفرنسيين يبحثون عن ضحية.
وإن كانوا يعتقدون أننا كيمنيين يسهل التهامنا واتهامنا لأننا من دول العالم الثالث فهم مخطئون، فقد أصبحت المعلومة في هذا العصر مباحة ومن السهل الوصول إليها، وإن كان في اعتقادهم أنهم يستطيعون السيطرة على الإعلام وتزوير الحقائق قبل ظهورها فهو دليل على أنهم ليسوا محل ثقة في سير التحقيقات من وجهة نظري .
وإذا كانوا كفرنسيين يريدون أن يدافعوا عن شركاتهم المصنعة للطائرات أمام العالم فذلك من حقهم، لكن ليس على حسابنا نحن اليمنيين وخصوصاً انه ليس لديهم دليل يثبت اتهاماتهم لنا ولدينا إثباتات تدحض افتراءاتهم.
ولو ثبت فعلاً أن طائرة "اليمنية" كان فيها خلل كما يحاولون أن يسوقوه للعالم ولشركات الطيران فيجب أن نعترف بذلك ونحاسب المقصرين في طيراننا الوطني وهذه قمة الشجاعة والتي كنا نتوقعها من الفرنسيين.
لكن لو لم يستطع الفرنسيون أن يثبتوا ذلك فعليهم أن يواجهوا شركات الطيران العالمية وأن يعترفوا أن هناك خللاً في صناعاتهم بدلاً من أن يرموا التهم علينا فنحن لسنا لقمة سائغة ولن نكون.
أما زعمهم وشكوكهم في طائرة "اليمنية" وأنها محظورة في الأجواء الأوروبية فيبدو أن طائرتنا تذهب إلى ألمانيا وايطاليا وفرنسا وبريطانيا دون أن تمر بالرادار أو ماذا!؟ أو أن تلك الدول لم تعد في أوروبا التي يتحدثون عنها !؟
وقبل كل ذلك لابد أن يتذكر الفرنسيون أن الطائرة الفرنسية التي سقطت وهي في رحلة من البرازيل إلى فرنسا هي من نفس طراز الإيرباص وعليهم أن يثبتوا للعالم أسباب سقوط تلك الطائرة في أسرع وقت ممكن وإلا على مصانع الإيرباص أن تتحمل تبعات تلك الحوادث بعزوف الشركات عن تلك الأنواع من الطائرات ولن يقبل منهم العالم الكذب والافتراء مرتين في وقت واحد.
وصمة عار في جبين الشركة المصنعة، طائرتان من نوع واحد تسقطان في البحر في ظروف جوية متشابهة وإن اختلق الفرنسيون مبررات كاذبة على شركتنا الوطنية، فماهي المبررات التي سيذكرونها والتي تسببت في سقوط الطائرة التابعة للشركة الفرنسية، أكاد أشفق عليهم في الحصول على تبرير!
إن مرور أربعين سنة على طيران اليمنية دون حوادث تذكر - والحمد لله - لشهادة على نوعية الخدمات والصيانة المتبعة وهي شهادة نعتز بها لطيراننا الوطني، لا يمكن أن نسمح للفرنسيين أن يغالطوا على حسابنا، فعصر الاستعمار والضعف قد ولى، ولو كانوا نزيهين وصادقين لما تفوّهوا بما انزلقت به ألسنتهم على حساب اليمن.
وأكاد أجزم أنهم مع عدم حرصهم وبذل الجهود المضنية لإيجاد الصندوق الأسود لطائرتهم المنكوبة فإنهم سيبذلون أقصى الجهود لإيجاد الصندوق الأسود لطائرتنا المنكوبة، ربما من أجل العبث بأية أدلة تدينهم وتثبت للعالم وجود أخطاء فنية في صناعاتهم، وما إحساسي هذا إلا ناتج عن التصريحات المتعجلة والاتهامات المستهدفة للخطوط الجوية اليمنية قبل ظهور أي دليل يثبت كل ذلك، ولأول مرة في حوادث الطيران تظهر أسباب حدوث الحادث قبل بداية أعمال الإنقاذ.
وإذا كان الفرنسيون حريصين على صناعة الطائرات ومستقبلها فهذا من حقهم، أيضاً نحن بالمثل حريصون على شركتنا الوطنية للطيران وسمعتها فهي تحمل أغلى اسم في قلوبنا، لكن كنا نأمل ألا يتهور المسؤولون الفرنسيون بالإدلاء بكل تلك التصريحات الهجومية غير المنطقية، وأتذكر هنا إحدى خطط كرة القدم التي تقول "خير وسيلة للدفاع الهجوم"، ويبدو أن الفرنسيين يريدون أن يلعبوا هذه اللعبة علينا وهنا لابد أن نقول لهم: " أيها الفرنسيون العبوا غيرها فاللعبة مكشوفة !".