د. عبدالوهاب الروحاني - السلوكيات الفظة التي يسوقها الرئيس ترامب للعالم منذ توليه رئاسته الثانية (يناير 2025م) هي في جوهرها السياسة الأمريكية التي يعرفها العالم منذ زمن بعيد.. إهانة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي ووصفه بـ"عديم الاحترام" من قبل الرئيس ترامب ونائبه فانس، ثم طرده من البيت الأبيض (28 فبراير 2025م) لا تختلف عن تعامل القادة الأمريكيين مع قادة العالم، والفارق ان ترامب يمارسها بعلنية وشفافية مطلقة.
أمريكا هي المسئولة الأولى عما عاناه الشعب الفلسطيني، فهي أول دولة اعترفت بكيان الاحتلال في 1948م، الذي نفذ برعايتها النكبة الأولى، ودمر فيها 780 قرية ومدينة فلسطينية، وارتكب 70 مجزرة قُتل فيها أكثر من 25 ألفاً من المواطنين وهجَّر حوالي مليون من الفلسطينيين خلال عام واحد فقط.
أمريكا، هي تمويل حرب الإبادة الجماعية في غزة التي بدأت في أكتوبر 2023م ومستمرة حتى اليوم (مايو 2025م)، وهي القتل والتدمير والتجويع والتهجير الذي راح ضحيته اكثر من 150 ألف مواطن فلسطيني أعزل ينشد الحياة والسلام .
أمريكا، هي التدمير الهستيري في هيروشيما وناجازاكي التي قتلت في نهاية 1945م ما يزيد على 220 ألف ياباني، وهي الحرب العدوانية ضد فيتنام التي استمرت عشرين عاماً (1955- 1975م) وراح ضحيتها اكثر من مليون وثلاثمائة ألف قتيل، حتى غزو أفغانستان (2001م) والعراق (2003م) التي قتل فيها الامريكيون حوالي مليوناً من العراقيين.
أمريكا اليوم هي نفسها بالأمس، لم يتغير فيها سوى الشكل والظهور بوجه ولسان ترامب.. الوجه الأمريكي الحقيقي الأوضح واللسان الأفصح ولأوقح.
ترامب الرئيس المنتفخ زهواً ونشوةً ظهر كالثور الهائج الذي ما أن خرج من زريبته حتى انقضّ على كل شيء، فخرّب كل شيء، وتجاوز الحواجز وهو يحرك أكتافه ويضرب بقرونه يمنة ويسرة من ضم كندا وتهديد المكسيك، إلى شراء بنما واحتلال غرين لاند، حيث كانت الردود موازية وموجعة.
لكن المحطة الأكثر إغراءً وجذباً لترامب كانت ولا تزال هي غزة، حيث ما يزال يحلم باحتلالها أو شرائها، ثم تحويلها إلى ريفيرا الشرق.. سواحل، وفنادق ومنتجعات ترفيهية ليهجّر أهلها إلى مصر والأردن، وهو ما يعمله اليوم بمواصلة فتح ابواب جهنم على الغزيين، التي فتحت منذ أكثر من ستة عشر شهرا.
إنه قانون الغاب.. قانون أمريكا، الذي لا تقف أمامه الأسئلة حائرة.. قانون لا يقيم وزنا لا لأخلاق الدول ولا لقيم المجتمعات..فلماذا الغرابة إذاً؟!.
|