عبدالسلام الدباء* - في مشهد يبعث على الأسى والحزن العميق، خسر الشعب اليمني مؤخراً بعضاً من أعظم منجزاته ومكاسبه الوطنية التي أنجزها بجهد وتضحيات جِسام منذ ثورته الخالدة في 26 سبتمبر 1962م، والتي شكلت نقطة تحوُّل في تاريخ اليمن الحديث.. وهذه المنجزات لا تمثّل مجرد مبانٍ أو منشآت خدمية، بل إنها كانت بمثابة رموزٍ للسيادة والاقتصاد والتقدم والانفتاح على العالم.. وخسارتها اليوم تمثّل جرحاً غائراً في الذاكرة الوطنية والاقتصادية للبلاد..
مطار صنعاء الدولي، الذي ظل لسنوات، نافذة اليمن الحضارية نحو العالم، ومصدر فخر لكل يمني لما وفره من خدمات وربط خارجي، أصبح اليوم مدمَّراً بفعل غارات عدوانية غادرة نفذتها طائرات العدو الصهيوني.. ولم تتوقف الخسارة عند هذا الحد، بل امتدت يد العدوان لتطال أيضاً مصنع إسمنت عمران ومصنع إسمنت باجل، وهما من أهم ركائز الاقتصاد الوطني في قطاع الصناعة، حيث كان لهما دور حيوي في دعم مشاريع الإعمار والبنية التحتية، وتوفير فرص العمل لعشرات الآلاف من المواطنين..
كما أن ميناء الحديدة، الذي يُعد الشريان البحري الأهم لليمن على البحر الأحمر، لم ينجُ أيضاً من الاستهداف المتعمد، على الرغم من أهميته الاستراتيجية في استيراد المواد الغذائية والطبية، وتأمين الاحتياجات الإنسانية والأساسية للشعب اليمني، في ظل الحصار الخانق الذي يعاني منه اليمن منذ سنوات..
إن الخسارة التي لحقت بهذه المنشآت الحيوية لا تقتصر على الجانب المادي فقط، بل تحمل في طياتها أبعاداً اقتصادية واجتماعية كارثية، ستظل آثارها تلاحق المواطن اليمني سنوات طويلة.. فالحديث هنا عن عقود من البناء والعمل الوطني الجاد، انتهت بلحظات معها بعض من منجزات اليمن الكبرى تحت قصف عدواني غادر لم يراعِ أدنى مبادئ القانون الدولي أو القِيَم الإنسانية..
وفي ظل هذه المأساة المؤلمة لنا جميعاً، لا بد أن نطرح تساؤلاً جوهرياً: هل من الممكن أن تُدرَس كافة القرارات التي تؤثر على مستقبل الوطن وحياة الشعب من جميع جوانبها، وأن تُقدَّر نتائجها بعناية فائقة؟،
فاليمن ومواطنوه أمانة في أعناق الجميع.
*مستشار وزارة الشباب والرياضة اليمنية
|