الميثاق نت -

الإثنين, 12-مايو-2025
عبدالرحمن نشوان ابوراس -
في الثاني والعشرين من مايو عام 1990، لم يكن اليمن على موعد مع مجرد حدث سياسي عابر، بل مع لحظة تاريخية فارقة، خطّ فيها الشعب اليمني بوعيه وإرادته قرارًا سياديًا مجيدًا: إعلان الوحدة بين الشمال والجنوب، وقيام الجمهورية اليمنية، تحت راية واحدة وعاصمة واحدة.
لقد كانت الوحدة تتويجًا لحلم طالما راود أجيال اليمنيين، الذين رأوا فيها بوابة العزة، وضمانة الاستقرار، وأساس البناء والتقدم. لم تكن خيار طرف دون آخر، بل كانت مشروع أمة، وقرارًا جمعيًا عبّر عن نبض الشعب وإرادته الحرة.
اليوم، ونحن نستذكر هذه الذكرى العظيمة، يبرز في المشهد من يحاولون ضرب هذا الإنجاز الوطني الكبير، بالدعوة إلى تمزيق النسيج اليمني، وتفكيك الدولة، تحت شعارات خادعة مثل "استعادة الدولة" أو "الخصوصية الجنوبية"، وكأن الوحدة كانت نكبة، لا نهضة، وكأن العودة إلى التشظي ستجلب الاستقرار لا الفوضى.
هؤلاء يروّجون أن انفصال الجنوب سيحقق لهم السيادة، ويمنحهم دولة مستقلة، متناسين – أو متغافلين – عن حقيقة مؤلمة: أن من يمدهم بالدعم الخارجي لا يفعل ذلك حبًا فيهم، ولا رغبة في إقامة كيان موحد مستقل، بل طمعًا في تقسيم اليمن إلى مناطق نفوذ، تدار عن بُعد وتُحكم بالصراع.
إن المشاريع الخارجية التي تتغذى على الانقسام، لا تريد جنوبًا مزدهرًا، بل طرفًا دائم الصراع مع بقية الأطراف، لتبقى الساحة اليمنية مشتعلة ومفتوحة أمام التدخلات والمصالح. فكلما زادت الانقسامات، زاد التحكم، وكلما ضعفت الدولة، قوي التدخل الأجنبي.
ولمن يظنون أن الجنوب سيغدو موحدًا بمجرد الانفصال، نقول: انظروا حولكم. كم فصيلًا على الأرض؟ كم راية ترفع؟ كم مشروعًا يتصارع؟ وهل تبنى الدول على التنازع والتعدد العسكري؟ التمزق لا يصنع وطنًا، والانقسام لا يؤسس لسيادة.
الوحدة ليست خصمًا للعدالة، بل هي الإطار الحقيقي لتحقيقها. وهي ليست قيدًا على حرية أحد، بل هي الضمانة الأكبر لحماية الجميع. فالبديل عن الوحدة ليس الدولة، بل الصراع. وليس الاستقلال، بل التبعية. ومن يسعى لتفكيك اليمن، إنما يمهّد لمستقبل لا دولة فيه لأحد، ولا أمان فيه للجميع.
نعم، قد نختلف على السياسات، وعلى آليات الحكم، لكن لا يمكن أن نختلف على مبدأ بقاء اليمن موحدًا. لأن الحقيقة التي لا مفر منها، والتي يرفض البعض الاعتراف بها، هي: إما يمنٌ موحد... أو لا يمن على الإطلاق.
فلنعد إلى روح 22 مايو، إلى لحظة الاتفاق التاريخي التي قالت للعالم إن اليمني لا ينكسر، ولا يُقسَّم. فالوحدة هي جدار الصمود الأخير، والمشروع الوطني الذي يستحق أن نتمسك به، لا أن نفرط فيه.
عاشت الجمهورية اليمنية، وعاش شعبها الواحد في شمال الوطن وجنوبه
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 12-مايو-2025 الساعة: 03:47 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-67437.htm