استطلاع/ عبدالرحمن الشيباني - في الـ15 مارس 2025 استأنفت الولايات المتحدة الأمريكية عملياتها العسكرية في اليمن، عقب أوامر أصدرها الرئيس دونالد ترامب للجيش الأمريكي، بشن تلك الهجمات وعلى نطاق واسع طال القصف العديد من المحافظات والمواقع الآهلة بالسكان، خلف عشرات الشهداء والجرحى جراء القصف والاستهداف، ناهيك عن الأضرار المادية التي خلفتها تلك الضربات، الأمر الذي قوبل برفض واستنكار شعبي ورسمي كبيرين، عملية "الراكب الخشن" التي اطلقتها واشنطن علي العملية، تهدف بالأساس إلى ثّني صنعاء عن مُساندتها ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني.
خصوصاً وأن الصواريخ التي تطُلقها اليمن تصل إلى العمق الإسرائيلي، والتي أحدثت ارتدادات خطيرة علي الأمن القومي الإسرائيلي، والذي طالما كانت تعتبره الأخيرة خطاً أحمر تجاوزته صنعاء بفعل القُوة الصاروخية التي تمتلكها، كل ذلك واليمن يجدد تمسكه بخياراته في مواصلة دعمه لغزة، التي ما انفكت واشنطن تجاهر بدعمها المطلق لحليفتها إسرائيل، والتي مازالت تواصل شن حرب إبادة في غزة، خلّفت أكثر من 170 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود والعدد مرشح للزيادة.
الضربات التي توجهها صنعاء للبارجات وحامله الطائرات ما بين الفينة والأخرى، وضعت أمريكا في موقف حرج جدا، بعد وصول النيران إلى تلك القطع العسكرية، إذ تعتبر صنعاء هذه البوراج أهدافاً مشروعة، كونها تنطلق منها طائرات، تقصف أهدافاً مدنية وأحياء مكتظة بالسكان، وطالت حتي المقابر وصولاً إلى استهداف المُهاجرين الأفارقة في مدينة صعدة الأسبوع المنصرم، والذي يضم 125مهاجراً، والتي أحدثت إرباكا كبيرا وسقوط طائرات إلى البحر، فقد أعلنت البحرية الأمريكية أن " حاملة الطائرات يو إس إس هاري إس ترومان فقدت طائرة مقاتلة من طراز إف/إيه-18 إي سوبر هورنت التابعة للسرب المقاتل الضارب وجرار سحب أثناء عملها في البحر الأحمر.. وقد تم التأكد من سلامة جميع الأفراد، مع إصابة بحار واحد بإصابة طفيفة" حد قول بيان البحرية الأمريكية الأمر الذي حدا بواشنطن إلى استدعاء أنظمة دفاع جوية متطورة لردع هجمات اليمنيين حسب قول شركةEbirus التي مدت البحرية الأمريكية بهذا النظام الدفاعي مؤخراً.
إدانة واستنكار
وزير الخارجية بحكومة صنعاء جمال عامر كان قد قال في هذا الصدد إن الولايات المتحدة قامت بشن 1300 غارة جوية وقصف بحري على اليمن منذ 15 مارس الماضي، داعيا إلى تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق بتلك "الجرائم"، جاء ذلك في رسائل بعثها وزير الخارجية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومجلس الأمن الدولي، ومسؤولين أمميين آخرين، وقال عامر في رسائله، إن "أمريكا شنت حتى اليوم ما يقارب 1300 غارة وقصف بحري استهدفت خلالها مئات المدنيين بمن فيهم نساء وأطفال، والعشرات من الأعيان المدنية من أحياء سكنية وموانئ ومطارات ومزارع ومرافق صحية وخزانات مياه ومصانع ومواقع أثرية".. وأضاف عامر: "آخر الجرائم الأمريكية كانت استهداف مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين في مدينة صعدة، والذي يضم 125 مهاجراً جميعهم من الجنسيات الأفريقية، وأسفر عن مقتل 60 وإصابة 65 في حصيلة غير نهائية" ودعا عامر مجلس الأمن "للخروج عن صمته المطبق، وإدانة الجريمة التي ارتكبتها أمريكا بحق المهاجرين الأفارقة، وكذا الجرائم التي ترتكبها بحق المدنيين والأعيان المدنية في اليمن".. كما طالب بـ"تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في كافة الجرائم التي ارتكبتها أمريكا بحق الشعب اليمني ومقدراته، لضمان تحقيق المساءلة وعدم الإفلات من العقاب".
حرب مُروعة
الصحفي اكرم الأشول تعليقاً علي ما حدث يقول إن قيام العدوان الأمريكي، باستهداف مركز إيواء المهاجرين الأفارقة بمحافظة صعدة يعتبر قتلاً للإنسانية مضيفاً "أن هذه الجريمة ليست الأولى ولا الأخيرة، فقد سبق وارتكبت أمريكا عدة جرائم في حق الإنسانية، بقصف المدنيين في كل بقاع الأرض، والتاريخ يوثق ذلك.. وأشار الاشول إلى "أن ما قامت به أمريكا هي حرب مُروعة تستدعي إدانة واسعة النطاق، فالمهاجرون الأفارقة كانوا يبحثون عن الأمان والحماية وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية والإنسانية عندما تم قصفهم بتلك الصورة الوحشية.
ضغط دولي
"نستغرب بشدة وباستياء حالة التجاهل الدولي إزاء تلك الجريمة" بهده العبارة يواصل الاشول: يجب على مجلس الأمن الدولي، ومنظمة حقوق الإنسان الأممية، ومحكمة الجنايات الدولية، اتخاذ الإجراءات العاجلة في محاسبة المسئولين عن هذه الجرائم، كما أنه يجب أن تُقدم المساعدات الإنسانية للمتضررين، فهذا من باب العدالة والمساءلة التي يغردون بها فقد حان الوقت أن تُحقق العدالة والمساءلة عن هذه الجرائم، لضمان عدم تكرارها في المستقبل.
وطالب الاشول: بإجراء تحقيق دولي مستقل في جرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية التي تُرتكب في اليمن.. والمساءلة القانونية وتقديم المسؤولين عن هذه الجرائم للمحاكمة، سواء أكانوا من أمريكا أو من أي طرف آخر.
مؤكداً على ضرورة ممارسة الضغط الدولي على الادارة الأمريكية لوقف دعمها للعدوان على اليمن .
إنصاف الضحايا
المحامي عبدالرحمن الزبيب يصف استهداف المنشآت المدنية بأنها جرائم حرب كونها محمية وفقاً لاتفاقيات جنيف التي تنص على منع استهداف المدنيين والمنشآت المدنية أثناء الحروب.. واعتبر الزبيب مراكز الاحتجاز والايواء منشآت مدنية يستوجب عقاب مرتكبيها وإنصاف الضحايا عن طريق إثبات وتوثيق مسرح الجريمة وفقاً للمعايير الدولية.. وأضاف الزبيب: يجب التحقيق في الجرائم واستكمال الإجراءات القانونية ليتم رفع دعاوى أمام القضاء الدولي ضد مرتكبي هذه الجرائم وعقاب وردع مرتكبيها والقضاء الدولي ممثلا في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية إلى جانب أن الردع الجنائي يستلزم تعويض الضحايا وقال: إن عدم تحريك الدعاوى ضد مرتكبي هذه الجرائم يشجعهم في الاستمرار في جرائمهم فمن أمن العقاب أساء الأدب، فكيف بمن يزهق أرواح المدنيين بشكل متعمد.
وعي الشعوب
بدروره يقول أحمد داوود مدير تحرير صحيفة المسيرة:
لا توجد جهة معينة ستكون قادرة على محاسبة أمريكا على جرائمها في اليمن أو فلسطين وغيرها، وعزا ذلك إلى التاريخ الحافل بالانتهاكات التي تمارسها أمريكا في العالم وقال "يعلمنا أن العدو الأمريكي ارتكب مجازر كثيرة في بلدان متعددة مثل فيتنام والعراق وأفغانستان وفلسطين وأن العدالة لم تصل إلى مجرمي الحرب ولم يتم محاسبتهم واستدرك داوود بالقول إن وعي الشعوب وتحركهم في طرد الأمريكيين كان الانتصار الأكبر وأكبر محاسبة، وأضاف "نحن في اليمن نراهن على وعي الشعب اليمني العظيم المتزايد، وعلى القيادة الثورية والسياسية والعسكرية، فكلما ارتكب العدو مجازر بحق المدنيين يأتيه الرد سريعا باستهداف الحاملة ترومان, وفينسون وقطعه الحربية في البحرين الأحمر والعربي، وباستهداف عمق العدو الإسرائيلي، وهذا في حد ذاته رد على الجرائم المرتكبة في حق المدنيين وانتهي إلى القول" بأن اليمن في معركة متكاملة مع العدو الأمريكي، داعيا إلى أن ترسيخ ثقافة السخط والعداء لأمريكا، التي ستصد أي اختراقاتهم وستعزز من مكانة اليمن في المستقبل.
|