الميثاق نت -

السبت, 25-مارس-2023
تقرير‮/ ‬نادية‮ ‬صالح -
ما أن يبدأ شهر شعبان من كل عام حتى تبدأ النساء اليمنيات في التحضير لشهر رمضان، ويضعن لأنفسهن خطط تنظيف المنزل وشراء بعض أدوات المطبخ والبهارات والبُن، ومكونات وصفات كثيرة بعضها يكاد يكون حصرياً لشهر رمضان؛ لكن هذه المهمة في الحقيقة ليست الأصعب على الإطلاق،‮ ‬فبمجرد‮ ‬دخول‮ ‬شهر‮ ‬رمضان‮ ‬تبدأ‮ ‬النسوة‮ ‬وربات‮ ‬البيوت‮ ‬في‮ ‬واحدة‮ ‬من‮ ‬أكثر‮ ‬مهام‮ ‬العام‮ ‬صعوبة‮.‬
يُعد شهر رمضان أكثر أشهر السنة تنوعاً بالطعام؛ فالمهمة مرهقة وتقع على عاتق النساء اللاتي يقضين ساعات طويلة في التحضير، ومعظم ذلك الوقت يكون خلال النهار.. المطبخ اليمني هو الآخر متنوع جداً، كما تختلف أنواع المأكولات من منطقة لأخرى؛ فأنواع الأطعمة في صنعاء مثلاً‮ ‬تختلف‮ ‬عما‮ ‬في‮ ‬حضرموت‮ ‬أو‮ ‬عدن،‮ ‬مع‮ ‬وجود‮ ‬عدد‮ ‬محدود‮ ‬من‮ ‬الوصفات‮ ‬المشتركة‮.‬

مهام‮ ‬شاقة
تصبح‮ ‬مهمة‮ ‬تحضير‮ ‬الطعام‮ ‬أكثر‮ ‬صعوبة‮ ‬أيام‮ ‬العزائم؛‮ ‬حيث‮ ‬اعتاد‮ ‬الناس‮ ‬في‮ ‬كثير‮ ‬من‮ ‬مناطق‮ ‬اليمن‮ ‬على‮ ‬دعوة‮ ‬الأقارب‮ ‬لتناول‮ ‬الإفطار‮ ‬في‮ ‬أيام‮ ‬محددة‮.‬
وعلى الرغم من بهجة الناس عموماً بما يجلبه رمضان من روحانية وتزاور؛ فإن الأوضاع الصعبة التي أفرزها العدوان السعودي على اليمن عموماً تسرق المزيد من أفراح الناس كل عام، وتُعتبر النساء من أكثر شرائح المجتمع تأثراً على الإطلاق؛ حيث تستمر المعاناة في صعوبة الحصول‮ ‬على‮ ‬غاز‮ ‬الطبخ‮ ‬ومياه‮ ‬الشرب،‮ ‬كما‮ ‬تستمر‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬النساء،‮ ‬خصوصاً‮ ‬في‮ ‬الأرياف،‮ ‬في‮ ‬القيام‮ ‬بمهام‮ ‬الرعي‮ ‬والعمل‮ ‬بالمزارع‮ ‬للحصاد‮ ‬أو‮ ‬جلب‮ ‬طعام‮ ‬المواشي‮.‬
تُعد صعوبة الحصول على غاز الطبخ إحدى المشكلات الأكثر شيوعاً؛ حيث تؤدي الأزمات المتكررة للغاز، والصعوبات المالية، إلى اعتماد الكثير من الأُسر على وقود الحطب للطبخ، بالذات في الأرياف.. يؤدي اعتماد النساء على هذا النوع من الوقود إلى تعرضهن إلى مخاطر الهواء الملوث،‮ ‬والذي‮ ‬يرتبط‮ ‬به‮ ‬العديد‮ ‬من‮ ‬المشكلات‮ ‬الصحية؛‮ ‬مثل‮ ‬السعال‮ ‬الجاف‮ ‬والصداع‮ ‬وتهيج‮ ‬العين‮ ‬والأنف‮ ‬وارتفاع‮ ‬ضغط‮ ‬الدم‮.‬
صعوبة الحصول على المياه هي مشكلة أخرى ضحيتها النساء والفتيات غالباً؛ حيث قد يضطررن إلى السير لمسافات طويلة وقضاء الكثير من الوقت والجهد لجمع ونقل المياه إلى بيوتهن.. لا يواجه هذه المصاعب سكان الريف فحسب؛ بل حتى في بعض المدن اليمنية، حيث تضطر الفتيات والنساء‮ ‬إلى‮ ‬الانتظار‮ ‬والتجمع‮ ‬في‮ ‬طوابير‮ ‬طويلة‮ ‬للحصول‮ ‬على‮ ‬بضعة‮ ‬لترات‮ ‬من‮ ‬المياه‮ ‬التي‮ ‬توزعها‮ ‬المنظمات‮ ‬الإغاثية‮ ‬أو‮ ‬التجار‮ ‬عبر‮ ‬خزانات‮ ‬المياه‮ ‬المتنقلة‮.‬
وتقول أم سلطان - موظفة حكومية :" بالنسبة لي كنت أبدأ الاستعداد لاستقبال رمضان من قبل مجيئ الشهر بأيام حيث أرتب ترتيباً مختلفاً في المنزل واجهز لبناتي الصغار ملابس جديده للصلاة ونهتم انا وزوجي بتوفير احتياجات المنزل الرمضانية قبل دحول الشهر الفضيل .. ونعيش الاجواء الرمضانية مع اسرتي بشكل مختلف في جزء كبير من الروحانية .. لكن الواقع اختلف تماماً في ظل العدوان واستمرار معاناتنا بسبب الحصار والتوقف المستمر عن صرف الرواتب الذي احالنا كموظفين الى اوضاع أسوأ من السوء ذاته.
واضافت: "طبعا أشعر بضغط كبير لا شك، وأحاول جاهدةً انا وزوجي توفير ما يمكننا توفيره من أجل تجهيز مائدة الإفطار التي تلبي الحد الأدنى مما يحلم به أطفالي، ومن المؤكد أن المرأة هي من تعطي السعادة للأسرة وهي من تخفف ضغط الظروف ومتاعب الحياة.

كفاح‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬العيش
خلال سنوات العدوان السعودي على اليمن تحملت المرأة اليمنية أعباء مضاعفة بالإضافة إلى تربية الأبناء اجبرتها الظروف المعيشية إلى الخروج إلى أسواق العمل وعلى وجه الخصوص استطاعت العديد من النساء القيام بفتح مشاريع استثمارية لتوفير لقمة العيش لأفراد اسرهن في ظل انعدام‮ ‬فرص‮ ‬العمل‮ ‬وانقطاع‮ ‬الرواتب‮ ‬الحكومية‮ ‬منذ‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬خمس‮ ‬سنوات‮.‬
وأجبرت الحرب النساء على تحمل أعباء مضاعفة خصوصاً اللواتي يكافحن مع أزواجهن في سبيل الحصول على لقمة العيش في ظل الأوضاع القاسية وعملن على إنشاء مشاريع استثمارية لمساندة أسرهن في تحمل تكاليف الحياة وهناك العديد من المشاريع الاستثمارية النسائية التي ظهرت مؤخراً‮ ‬في‮ ‬صنعاء‮ ‬وحققت‮ ‬نجاحاً‮.‬
تعددت المشاريع الاستثمارية النسائية في العاصمة صنعاء ما بين فتح المحلات التجارية الصغيرة، والأعمال اليدوية، والحرفية مثل صناعة البخور، والورود وغيرها من الأعمال بالإضافة إلى فتح محلات صناعة الأطعمة في المنازل وبيعها على وسائل التواصل الاجتماعي عوضاً عن العمل‮ ‬في‮ ‬الأسواق‮ ‬التجارية‮ ‬وغيرها‮ ‬من‮ ‬الأعمال‮.‬
وكانت المرأة في صنعاء حاضرة بمختلف مجالات الحياة واستطاعت الكثير من النساء ابتكار أفكار لمشاريع جديدة، لم يكن يعلمن بها من قبل وكانت مقتصرة على الرجال، وحاولت النساء جذب عدد كبير من المواطنين للشراء وحققت نجاحا باهراً وحتى اللحظة لاتزال تلك المشاريع الاستثمارية‮ ‬في‮ ‬ازدهار‮ ‬على‮ ‬الرغم‮ ‬من‮ ‬الحالة‮ ‬المعيشية‮ ‬الصعبة،‮ ‬والوضع‮ ‬الاقتصادي‮ ‬المتدهور‮ ‬نتيجة‮ ‬ما‮ ‬أفرزه‮ ‬العدوان‮ ‬السعودي‮ ‬المستمر‮ ‬للعام‮ ‬التاسع‮ ‬على‮ ‬اليمن‮..‬
وبالإضافة إلى فتح المشاريع الصغيرة تعمل عشرات النساء في بيع الخبز في شوارع العاصمة صنعاء بالإضافة إلى بيع المياه تحت أشعة الشمس الحارقة وغيرها الكثير من الأعمال الشاقة التي تقوم بها بعض النساء في سبيل الحصول على لقمة العيش، وهكذا تستمر المعاناة خصوصاً في الشهر‮ ‬الفضيل‮ ‬نظراً‮ ‬للمتطلبات‮ ‬الكبيرة‮ ‬التي‮ ‬يحتاجها‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 05:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63990.htm