الميثاق نت -

الإثنين, 28-سبتمبر-2020
يحيى‮ ‬محمد‮ ‬عبدالله‮ ‬صالح -
يحتفل اليمن واليمنيون بأعياد الثورة اليمنية (العيد 58 لثورة 26 سبتمبر 1962م الخالدة) وبالعيد السابع والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م، والتي تؤكد الحقائق التاريخية أنهما ثورة واحدة وإن اختلف الميعاد بعض الوقت بين انطلاقتها في 26 سبتمبر في شمال الوطن،‮ ‬واستكمالها‮ ‬في‮ ‬14‮ ‬اكتوبر‮ ‬في‮ ‬جنوب‮ ‬الوطن،‮ ‬نتيجة‮ ‬الظروف‮ ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬قائمة‮ ‬في‮ ‬جنوب‮ ‬الوطن‮ ‬الخاضع‮ -‬يومئذ‮- ‬لاحتلال‮ ‬أجنبي‮ ‬يجيد‮ ‬المناورة‮ ‬والكرّ‮ ‬والفرّ،‮ ‬ويجيد‮ ‬نهب‮ ‬ثروات‮ ‬الأوطان‮.‬
وكما تشير معظم الروايات واللقاءات التي عقدها الثوار شمالاً وجنوباًً، فقد كان الكثير من المثقفين يظنون، بل يعتقدون، أن الثورة ستبدأ من هناك من جنوب الوطن، ومن عدن خاصةً حيث توجد طليعة مستنيرة وصحافة معارضة للاحتلال ولحكم الفرد المستبد في الشمال، لكن التاريخ لا يقوم على الحدس والظنون، ولا تصنعه التكهنات والافتراضات، لذلك كانت البداية من شمال الوطن، ومن صنعاء العاصمة التاريخية، لتعلن للعالم بأسره أن الشعوب قد تمرض لكنها لا تموت، وتصبر لكنها لا تذل ولا تستسلم وحين تثور لا يمكن لشيء أن يقف في وجهها مهما علا شأنه‮ ‬وزاد‮ ‬بطشه‮ ‬وإجرامه‮.‬
لقد فجر شعبنا ثورة الحق على الباطل، ثورة ضد الاستئثار والظلم والكهنوت والرجعية، ضد الجهل والظلام والتخلف والمرض، ثورة مستحقة وواجبة لكي تبقي للإنسان اليمني كرامته وتمنحه حق الحياة الكريمة، وتحفظ لليمن حضوره بين الأمم خصوصاً وأنه مر بفترة حالكة السواد عنوانها‮ ‬الانغلاق‮ ‬والجهل‮ ‬والخرافة‮ ‬وعدم‮ ‬التأمل‮ ‬فيما‮ ‬وصلت‮ ‬له‮ ‬الأمم‮ ‬او‮ ‬البحث‮ ‬عن‮ ‬مخرج‮ ‬من‮ ‬واقع‮ ‬مفروض‮ ‬رغم‮ ‬بشاعته‮ .‬
لقد شارك شعبنا بكل فئاته في صنع فجر تاريخ جديد في 26 سبتمبر، ولم تكن الثورة الخالدة ضد فئة أو أسرة بعينها كما يصورها الناقمون والمتآمرون، بل ثورة ضد نظام مستبد وحكم ملكي متسلط ومتخلف، ثورة مسلحة ضد أئمة الحكم الإمامي الفردي الكهنوتي الظالم ونظامه الاستبدادي القمعي المتسلط والمتخلف، ثورة وطنية وشعبية إنسانية وإصلاحية شاملة أعادت للوطن اليمني وجهه التاريخي الأصيل وحضارته العريقة ومكانته الطبيعية التي عُرف بها عبر التاريخ والتي حوَّلها النظام الإمامي الكهنوتي البائد خلال عهده المنسي ونظامه الزائل إلى بلاد منسية‮ ‬ووطن‮ ‬معزول‮ ‬وارض‮ ‬مهجورة‮ ‬الا‮ ‬من‮ ‬أشباه‮ ‬الأحياء‮ ‬ودولة‮ ‬مجهولة‮ ‬على‮ ‬خارطة‮ ‬العالم‮.‬
ولكن‮ ‬يا‮ ‬تُرى‮ ‬هل‮ ‬حققت‮ ‬الثورة‮ ‬السبتمبرية‮ ‬الخالدة‮ ‬لأبد‮ ‬الآبدين‮ ‬كل‮ ‬أهدافها،‮ ‬وما‮ ‬كان‮ ‬يتطلع‮ ‬له‮ ‬الثوار‮ ‬الأبطال‮ ‬وشعبنا‮ ‬المناضل؟‮ ‬
فرغم ما تحقق من مكاسب وطنية وتنموية شهدها الوطن خصوصاً قبل 2011، وما جاء بعد ثورة 26 سبتمبر 1962 من المنجزات والتحولات الكبيرة والعملاقة على مختلف الاصعدة التي نقلت اليمن إلى العصر الحديث، يبقى السؤال هل تحققت أهداف الثورة، أم أن التآمر والعمل ضد الثورة عرقل وما زال يعرقل تحقيق العدالة والمواطنة المتساوية والمساواة والتطبيق الفعلي العادل للقانون، وهل ما زال العدو التأريخي للثورة المتمثل في نظام بني سعود يسعى جاهداً لإجهاض الثورة وإعادة عجلة الزمن للوراء، كما فعل من خلال دعمه للإماميين منذ اليوم الأول للثورة بالمال والسلاح والمرتزقة ؟! وبعد أن تأكد له ولعملائه فشلهم في تطويع شعبنا وتركيعه وثنيه عن ثورته الجمهورية في 26 سبتمبر، استخدم أدوات جديدة من نافذين ومشيخيات وقيادات عسكرية لبست ثوب الجمهورية وعملت بكل طاقتها لوأد الثورة والجمهورية.
لقد اعادت ثورة 26 سبتمبر الاعتبار لليمن والعروبة بشكل عام، وأكدت واحدية المصير المشترك، وكانت ملحمة وطنية وقومية للدفاع عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر امتزج فيها الدم العربي المصري بالدم العربي اليمني، على ضوء القاسم المشترك الجامع بين دعاة الثورة وأنصارها،‮ ‬متمثلاً‮ ‬في‮ ‬وحدة‮ ‬الرؤى‮ ‬والتوجهات‮.‬
ويجب على الأجيال أن تعرف تضحيات أبطال الثورة ومناضليها وما قدمه شعبنا في سبيل انعتاقه وحريته لتحظى الأجيال بحياة عنوانها العلم والتعليم والتنوير والحرية والديمقراطية، وأن الحفاظ على هذه الثورة والذود عنها واجب لأجل الكرامة، ومعرفة العدو التاريخي للثورة ومؤامراته‮ ‬فهو‮ ‬لا‮ ‬يؤمَن‮ ‬جانبه‮.‬
عاش‮ ‬اليمن‮ ‬وثورته‮ ‬الخالدة‮..‬
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 02:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-59284.htm