الميثاق نت -

الإثنين, 21-سبتمبر-2020
حاوره/ جمال الورد -
مرت الثورة اليمنية المجيدة 26 سبتمبر 1962، بالعديد من المنعطفات التاريخية، وتعرضت منذ اليوم الأول للمؤامرات الداخلية والإقليمية الرامية لوأد الثورة وكسر عزيمة شعبنا اليمني العظيم الذي خرج في ثورته الخالدة منادياً بقيم العدالة والحرية ومطالباً بدولة مستقلة قوية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، مبنية بالعلم ومحصنة بالولاء المطلق لله ثم الوطن والمبادئ القومية، ورغم مرور 58 عاماً على الثورة يبقى العداء السعودي لها هو الأشد وإن حاول التخفي والتظاهر بقبوله لخيار شعبنا، ولكنه سرعان ما يعاود حربه المباشرة وغير المباشرة‮ ‬ضد‮ ‬اليمن‮ ‬وثورته‮ ‬كما‮ ‬فعل‮ ‬في‮ ‬مطلع‮ ‬الثورة‮.‬



وللحديث عن بعض محطات ثورة 26 سبتمبر 1962، ومآلاتها والتحديات التي تواجهها، والمسؤولية الملقاة على عاتق الجميع بضرورة الحفاظ على الثورة ومكتسباتها نستضيف احد مناضلي الثورة، اللواء الركن علي محمد عبدالمغني - الأمين العام المساعد لمنظمة مناضلي الثورة اليمنية والدفاع‮ ‬عن‮ ‬الوحدة‮.‬











- سيادة اللواء أهلاً ومرحباً بكم معنا في صحيفة الميثاق، ويا حبذا لو تحدثونا من خلال تجربتكم النضالية عن دلالات ثورة 26 سبتمبر بعد 58 عام على إنطلاقتها؟

** مرحباً بكم أستاذ جمال.. وشكراً لصحيفة الميثاق ولكل العاملين بها، والتي تتوخى المصداقية ولا تُنشر إلا الحقائق.

بالنسبة لثورة 26 سبتمبر، هي الإنعتاق من الموت إلى الحياة، ومن التخلف إلى العلم، ومن الحرمان من كل متطلبات الحياة، إلى تحقيق كل مطالب الحياة، والخير كله، هي المدارس والجامعات والمستشفيات والطرقات والكهرباء، هي المصانع، وهي كل شيء لحياة الإنسان، فهي الأمن والأمان، والمستقبل الزاهر للاجيال،وهي في الإجمال ثورة الحق على الباطل.

قبل ثورة 26 سبتمبر كان يوجد أربع مدارس في صنعاء (العلمية، الثانوية، المتوسطة، ومكتب الأيتام)، ومدرسة في تعز وأخرى في الحديدة، ست مدارس في اليمن، والأن وبفضل الله والثورة هناك أكثر من 17000 مدرسة حكومية غير المدارس الخاصة، وعشرات الجامعات الحكومية والخاصة، والمستشفيات في كل محافظة، ومئات المستوصفات والطرقات إلى كل قرية وخدمات الكهرباء والإتصالات التي توفرت للمواطن اليمني بدون تمييز..

كان الإنسان اليمني يتنقل بين المدن سيراً على الأقدام أو فوق الجمال والحمير لعدة أيام حتى يصل إلى مبتغاه واليوم وفي ظل الثورة تبدل كل شيء للأحسن وبات الإنتقال سهل خلال ساعات من مدينة لأخرى في ظل شبكة كبيرة من الطرق.

الثورة هي أيضاً حلم الأباء والأجداد الذين تمنوا ثم فجروا هذه الثورة للعيش بحياة كريمة مثل سائر الشعوب.. وللتأكيد لابد أن يعلم الجميع بأن الثورة جاءت للتخلص من حكم ملكي كهنوتي متخلف ورجعي، حتى أن هناك أفراد من الأسرة الحاكمة ماكانوا راضين بهذا الحكم،وقد ثاروا على هذا الحكم ولعل من أبرز رموز الأسرة الحاكمة الذين ثاروا ورفضوا ممارسات الإمامة من أمثال سيف الإسلام عبدالله يحيى حميد الدين وأخوه إبراهيم والعباس، الذين انقلبوا على اخوهم الإمام أحمد 1955 بقيادة الشهيد البطل أحمد الثلايا.

وفي ثورة 26 سبتمبر كانوا الأمراء مع الثورة وعلى رأسهم الحسن بن علي، ومحمد بن الحسين، وعبدالله بن الحسين، والحسن بن حسن. ولهذا فالثورة هي ثورة الشعب اليمني بكل فئاته وأطيافه ومكوناته من العلماء والعسكريين والمشايخ والطلبة والمثقفين من كل المحافظات اليمنية الشمالية والجنوبية.



_ كيف كان التلاحم والتكامل بين أبناء شعبنا اليمني لإنجاح ثورة 26 سبتمبر وتحقيق تطلعات الشعب ؟

**ما أن أعلنت الثورة حتى هب الشعب من كل حدب وصوب وخصوصاً من أبناء المحافظات الجنوبية الذين لبوا النداء ودافعوا عن هذه الثورة في كل الجبهات وشاركوا في السلطة.. فالضباط الأحرار الذين فجروا الثورة من كل الأسر القحطانية والهاشمية،وكانوا رموزاً للثورة منهم البطل الشهيد محمد مطهر زيد، ويحيى المتوكل، وحسين شرف الكبسي، وعلي محمد الشامي ومن بيت المؤيد والمهدي وزبارة والوشلي والموشكي وغيرهم فهي كما قلنا ثورة ضد حكم وليست ضد اسرة أو أشخاص كما يحاول البعض تصويرها، كما شارك فيها تفجير الثورة كوكبة من كبار مشايخ اليمن قاطبة.

كما لا ننسى مظاهرات الطلاب الصاخبة في صنعاء وتعز والحديدة والتي تعد الشرارة الأولى للثورة والتي هزت عرش الحكم، وهي خلاصة أيضاً لثورة 48 والتي كان رموزها بيت الوزير والشهيد حسين الكبسي و قادها الشهيد جمال جميل.



_ هل كانت هناك لقاءات بين الضباط الأحرار والثوار في المحافظات الجنوبية لتدارس أمر الثورة؟

** نعم.. في يوليو 1962 عندما بلغ أحرار الجنوب أن أحرار الشمال يعدوا العدة للقيام بالثورة بقيادة الشهيد علي عبدالمغني، وذلك غندما بلغهم المناضل عبدالغني مطهر (تاجر من أبناء تعز وقد كان على اتصال دائم بعلي عبدالمغني وسفيره الى مصر لنقل رسالة الى الزعيم جمال عبدالناصر).

وصل إلى تعز مجموعة من رموز أحرار الجنوب لمقابلة علي عبدالمغني الذي كان حضر الى تعز لمقابلتهم، وتقرر الإجتماع بعيداً عن أعين الإمام، وتم اختيار منزل الشيخ مطيع دماج في النقيلين ناحية السياني في النجد الأحمر مكان للإجتماع وحضر من أحرار الشمال علي عبدالمغني ومحمد مطهر زيد، وأحمد أحمد الكبسي، وناجي علي الأشول، سعد الأشول، القاضي عبدالرحمن الإرياني، والشيخ محمد علي عثمان، عبدالغني مطهر، والشيخ أمين أبو راس، والشيخ مطيع دماج، والشيخ عبدالعزيز الحبيشي.. كما حضر من أحرار الجنوب قحطان الشعبي، فيصل عبداللطيف، واليافعي، وعبد القوي مكاوي، والشيخ راجح غالب لبوزه، والشيخ محمد عبدالله الشعيبي والد الدكتور يحيى الشعيبي، والمناضل عبدالعزيز محمد الترب وعبدالفتاح اسماعيل، وصالح مصلح وعلي شايع وعلب عنتر ..كانوا حوالي ثلاثين مناضل لا أذكرهم كلهم، وخلاصة الإجتماع أن احرار الجنوب كانوا يريدونها ثورة في الجنوب وطرحوا مبرراتهم على علي عبدالمغني، وبعد أن رحب بهم قال لهم (لي وجهة نظر أخرى

الثورة في الجنوب مستحيلة حالياً لعدة اسباب منها انكم ستواجهون بريطانيا ومن مع بريطانيا.

ثم أن أن الثورة تحتاج المال والسلاح والارض الأمنة لإقامة معسكرات تدريب وهذا كله غير متوفر لديكم، وهذا لن يحقق لكم أي نجاح بل ستفشل الثورة ونخسر كل شيء.

لكن الثورة في الشمال وهذا سيتم فقد أعدينا كل شيء وستنجح الثورة في ليلة واحدة وأعلنا الجمهورية، وبعدها سنحضر معاً للثورة في الجنوب وسنسخر لها كل الأمكانيات بفتح معسكرات التدريب للشباب من الشمال وندعمها بالمال ونمدها بالسلاح ونختضن الأحرار وأسرهم وستنجح الثورة بعون الله فما كان منهم إلا أن باركوا الإقتراحات.

ثم قال لهم علي عبدالمغني، عودوا الى عدن ولطفوا الجو مع المستعمر ليطلق سراح كل الأحرار من السجون، وتواصلوا مع كل الطلائع من المثقفين والمشايخ والوجهاء وجهزوا الشباب وعندما تنطلق الثورة عليكم سرعة المبادرة إلينا للدفاع عنها وتشكيل الحكومة من الشمال والجنوب.



- ماهي التحديات المستقبلية امام الثورة، وكيف يتم التعامل معها وتجاوزها ؟

** التحديات كثيرة بلاشك، ولكن ما قامت وتقوم به السعودية منذ إنطلاقة الثورة هو أكبر تحدي ماثل فالسعودية تأمرت منذ اليوم الأول وحتى اليوم على هذه الثورة ودعمت كل المشاريع المضادة منذ 1962، فهي ترى في محاربتها للثورة اليمنية حماية لنظامها ومسألة وجودية بالنسبة لها، لذلك وعلى مدى 58 عام دأبت على زرع الفتن وخلق مراكز النفوذ للإضرار بالثورة واليمن أرضاً وإنسانا.. كما ان التحدي الأخر للثورة هو محاولة تصويرها بأنها ضد شخصيات او أسر وإغفال الحقيقة بأنها ثورة ضد نظام حكم ملكي ظالم شارك فيها كل اليمنيين قحطانيين وهاشميين.



_ توثيق الثورة اليمنية تعرض له الكثير وتحدث البعض عن نفسه دون التعرض للحقائق ، فهل مازالت الثورة بحاجة للتوثيق؟

**بالطبع ما زالت الثورة بحاجة ملحة للتوثيق من أولئك الصادقين الذين شاركوا فيها وناضلوا في سبيلها، لابد من توثيقها بمصداقية ومهنية له وللتاريخ بعيداً عن الحشو وصنع البطولات الغير صادقة، وهنا يتحمل بعض الثوار والأحرار جزء من العتب، خصوصاً وأن مفجري الثورة قد استشهدوا في بداية الثورة، وللحقيقة فقد بدأ بعض المناضلين من أمثال اللواء علي عبدالله السلال والمناضل اللواء الركن حسين علي خيران - الأمين العام لمنظمة مناضلي الثورة، وأحد الأبطال الأوائل وواحد من الضباط الأحرار الذين فجروا الثورة ودافعوا عنها وما زالوا يناضلوا لأجل تطبيق أهدافها حتى اليوم، جميعهم مشكورين بدأوا بالكتابة والتوثيق، وهنا اتقدم بالشكر للواء علي عبدالله السلال الذي اتذكر أنه شارك في مختلف جبهات الدفاع عن الثورة في مارب وخولان والجوف وغيرها، فهو مثال للمناضل إبن المناضل، فهو ابن الرئيس حينها وكان سباق في المقدمة وهنا يكمن الإختلاف بين القادة المناضلين الثوار الذين يدفعون بأنفسهم وأبناءهم في المقدمة، وهنا لابد أن تعرف الأجيال الدور الريادي العظيم للمشير عبدالله السلال الذي كان له الدور البارز في إنجاح والثورة بإنحيازه للشعب ومساندته للضباط الأحرار وتحمل مسؤولية قيادة البلد بحنكة وكفاح ونضال مشهود منذ كانت الثورة مجرد خطة حتى تطبيقها على أرض الواقع وإعلان الجمهورية.



الجيل الحالي خصوصا جيل ما بعد الوحدة لا يعرف شيء، او لنقل لا يعرف الحقائق عن الثورة مالسبب في ذلك.

** كما قلت لك القصور يتحمله الكثيرون، وفي مقدمتهم صناع القرار، فالاغلبية أولت الثورة اهتمام صوري أو إحتفالي ، ولم ترسخ قيم ومبادئ الثورة من خلال التعليم والإعلام ومختلف الوسائل التثقيفية التي تربط المجتمع بتاريخه وثورته وثوابته الوطنية، فصناع القرار غفلوا عن هذه النقطة ولذلك لدينا جيل لا يعلم الثورة وقيمتها ومسارها ومراحلها أو متساهل بها سطحي الفهم والمفاهيم.. ولذلك ينبغي على المثقفين والمفكرين والكتاب ووسائل الإعلام والتعليم ترسيخ مفاهيم الثورة وشرح نضالات الأباء والأجداد وتبيين الفرق بين ماكان قبل وما بعد ثورة 26 سبتمبر بإعتبارها منجز لكل اليمنيين.



المسار الحزبي

- هل الاحزاب اليمنية خصوصا تلك المؤدلجة، هل اعطت الثورة حقها برأيك ام لا ؟

**الاحزاب في غالبها لم تحافظ على الوطن ولم تؤمن به، لذا ليس منطقياً أن تحافظ على مكتساباته، فأحزابنا ركنت لمصالحها وتطبيق افكارها وتحقيق مصالحها دون ان تحافظ على الثورة السبتمبرية التي كانت وستظل الأساس في مناخ الحرية والعلم والديمقراطية التي يتعاملون، وهنا لا اقصد ان كل الأحزاب مفرطة فهناك بالتأكيد أحزاب لها باعها الطويل في الوطنية وتحقيق تطلعات الثوار كالوحدة والديمقراطية.



- هل ممكن إعطاءنا فكرة عن منظمة (مناضلي الثورة) ونشاطاتها؟

**منظمة مناظلي الثورة اليمنية تأسس على يد نخبة من المناضلين الثوار ومن عاصر الثورة، ونخبة من المثقفين، وكان لنا مقرنا الخاص بجوار السفارة الروسية، لاشأن لنا بالسياسة والأحزاب، وكان عملنا يتمحور حول اللقاءات بين الثوار وكبار المناضلين، وكذلك المتابعة حول حقوق المناضلين وتفقد أحوالهم ومساعدتهم وتقديم المساندة اللازمة ومتابعة مستحقاتهم من الدولة.

إلا أنه ومنذ 2015 تم السيطرة على مقرنا جزئياً ، ومنذ ثمانية أشهر أي في مطلع 2020 قاموا بتجميع اثاث المنظمة في الحوش بعد ان تم السيطرة على المبنى كليا واخراجنا منه ، وقد رفعنا عدة مذكرات لقائد جماعة أنصار الله السيد عبدالملك الحوثي، وكذلك لرئيس المجلس السياسي مهدي المشاط ووجهوا اكثر من مره بإخلاء مقرنا وتسليمنا إياه، إلا أنه لاحياة لمن تنادي، لم يتم تنفيذ تلك التوجيهات، رغم انه تم طردنا منه بصورة لا تليق بتاريخنا كمناضلين خدمنا الوطن والشعب ولا بأعمارنا أيضا، فالعالم والشعوب الحُرة تكرم مناضليها وتفتخر بهم.







تمت طباعة الخبر في: السبت, 20-أبريل-2024 الساعة: 08:38 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-59249.htm