الميثاق نت -

الإثنين, 06-يوليو-2020
محمد‮ ‬علي‮ ‬اللوزي -
الإصلاح عليه كحزب كبير ان يراجع مسيرته السياسية وبروح نقدية عالية ويقف على مكامن النجاح ويعززها ومكامن الإخفاق ويعمل على تجاوزها. باعتبار أن غض الطرف عن اختلالات فيه توقعه في مصيدة الآخر المتربص به. نحن نعرف أن هناك قوى تحاول النيل منه في شل قدراته على مستوى دول وتنظيمات حزبية وسياسية تدفعها ثارات سياسية قديمة ترجع الى ماقبل الوحدة ومابعدها، ربما كانت فتاوى علمائه أحد هذه الأسباب وعلى وجه الخصوص ماتعرضت له قوى اليسار الذي تداعى عليه اليمين (الاصلاح)بشدة وبالذات في حرب صيف 1994م التي تحرك فيها الاتجاه الديني لمحق كل ماهو يساري واعتباره إلحاداً وكفرا، صحيح أنها مواقف أشخاص لكنها في قلب التنظيم فاعلة وكان على الإصلاح في حينها ان يحدد موقفه من تلك الفتاوى، واعتبر الصمت حينها علامة رضى، ولقد استفاد من كل هذا الشعبي العام الذي فك ارتباطه مع الإصلاح وتحول إلى خصم عنيد وفاعل ومؤثرمستغلاً تلك الفتاوى ليضعه في خانة التطرف، الأمر الذي حدا بالإصلاح إلى البحث عن معادلة أخرى سياسية يواجه بها الشعبي العام، وبفعل تضرر الأحزاب اليسارية من الاقصاء والتهميش على إثر حرب صيف تواجد مايسمى أحزاب المشترك، حيث وجد كل تنظيم فيه ضالته مع البقاء على مسافة حذر من التجمع اليمني للإصلاح نتاج مواقفه السابقة التي كان فيها متشددا مع الآخر ومقصياً له لدرجة القسوة، وهو ماجعل تكتل المشترك يعيش حالة مداراة ومجاملة لاتعبر عن قناعة نضال مشترك قدر ماهي بحث عن مكامن قوة هدفها مواجهة النظام السابق، الذي حاول إقصاء الجميع وتمادى لدرجة الاشتغال على التوريث الذي كان سببا في قلع العداد كله، حتى اذا ماتهاوى النظام أخذ كل تنظيم في المشترك ينأى قليلا بنفسه عن التكتل ليحدث ضررا في الإصلاح ويتركه لمواجهة القادم، بما يشله سياسيا ويقع في أزمات المواجهة مع‮ ‬المتغير‮ .‬لنرى‮ ‬بعد‮ ‬إذ‮ ‬حجم‮ ‬الضربات‮ ‬الموجعة‮ ‬التي‮ ‬لحقت‮ ‬به‮.‬
والواقع ان الإصلاح تنظيم اناني في عمله السياسي وحتى الخيري فهو منغلق على نفسه ولم يدرك أن ثقله على الساحة اليمنية يستدعي منه العمل الوطني برؤية بانورامية واستحضار اليمن كجغرافيا ودولة، والعمل من أجل وطن وليس تنظيم .وللأسف الشديد أن الإصلاح اشتغل من أجل نفسه بإفراط فهو يرى ان كوادره لها الاولوية في كل ما يحصل عليه من مكاسب بغض النظر عن الكفاءة والقدرة، لتبقى الديمقراطية لديه مجرد ديكور لمكاسب تخصه في القوة والثروة والسلاح. وهنا مكمن الخلل ففي حين يقف إلى جانب أعضائه يفقد في المقابل ثقة الجماهير العريضة. اي انه من ذات الربحية يقع في الخسارة، ليحتشد الجميع ضده بلغة تدينه كحزب للتشدد والانغلاق والإرهاب.. .هذا ما ساعد دولاً خليجية وعلى وجه الخصوص الإمارات في محاولة الإجهاز على التنظيم، وقمع وصل إلى مستوى الاغتيالات لاعضائه الفاعلين، ولم يجد من يقف بحزم إلى جانبه‮ ‬ويدين‮ ‬جرائم‮ ‬تمسه‮ ‬وظل‮ ‬يدفع‮ ‬ثمن‮ ‬انانيته‮ ‬رغم‮ ‬محاولاته‮ ‬النأي‮ ‬بنفسه‮ ‬عن‮ ‬جماعة‮ ‬الاخوان‮ ‬المسلمين‮ ‬وهو‮ ‬مالم‮ ‬يصدقه‮ ‬أحد‮ ‬من‮ ‬القوى‮ ‬السياسية‮ ‬والحزبية‮ ‬ودول‮ ‬المنطقة‮.‬
والواقع ان إفراط الإصلاح في الانغلاق على نفسه ومعالجة قضايا فردية تخص أعضاءه قد جعله يقصي نفسه تماما وينظر إليه في مستوى لايقل عن المناطقية.. فهل يقدر اليوم وهو على عتبات ضياع كامل والسهام توجه إليه من الداخل والخارج، على نقد ذاته بروح متجردة من رغبة الاستحواذ والسيطرة والبرجماتية ليصل إلى مستوى التعبير عن وطن وشعب ؟أم سيبقى بذات الخط الدوغمائي اللامتحرر من (مغلق) هو فيه.. إن التفكير في جعل الوطن في خدمة الحزب، والحزب في خدمة مجموعة، هو ديدن التعددية الحزبية في بلادنا والاصلاح في قلب هذا المعنى المتعارض مع جوهر الفعل الديمقراطي والانتماء الوطني، ودونما مغالطات وممحكات فإن تمكين أعضائه من مقدرات وطن على شكل وظائف ورتب عسكرية وامتيازات خاصة، هو عمل آني يجر الى فشل، ولعل هذا المعاش من السهام القوية الموجهة للإصلاح تأتي أحد أهم أسبابها في هذا السياق .واذاً هل يعيد قراءته في المسألة الوطنية ؟وهل يقف أمام سؤال مهم ماهو مفهوم الدولة لديه ؟ وهل يعمل على إحداث متغير ربما يستطيع من خلاله انقاذ مايمكن في ظل أوضاع صعبة تريد النيل منه داخليا وخارجيا؟ أم سيبقى مستخذياً لواقع الحال مكتفياً بما جنته قيادته من رساميل هائلة، ربما يدفعها ذلك لأن تكون أول الساعين الى هزيمته، لكونه تحول حصارا لها، وعبئا عليها، فيما هي تحتاج الى الاستثمار والحركة الحرة والى حياة رفاه، بعد انهزام التيار الديني الذي استغل السلطوي زمنا ليس بالقصير، وكان سوطه وجلاده في آن. ليجد نفسه اليوم أمام موروث من القمع والتطرف يدينه ويحد من اتساعه، ولاسبيل إذاً سوى التخلص من حمل حزبي ليبقى الرأسمالي هو عنوان القادم، بتسوية ما مع أطراف النزاع يقبل بها كيفما اتفق، طالما أنها تحفظ له حركة اقتصادية يطمح إليها قادته بمعزل عن قواعد أصابها اليأس كثيرا ولم تعد تقوى على العمل الحزبي المتخاذل.وليس أمامها ان أرادت أن تظل قوى فاعلة، سوى انقلاب جذري على قياداته وعلى مفاهيم مدرسية عطلت الحياة ردحاً من الزمن.. وفي كل الاحوال يبقى ماتناولته وجهة نظر قد تكون خاطئة وقد تصيب في بعض منها..
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 09:35 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-58744.htm