الميثاق نت -

الإثنين, 02-ديسمبر-2019
د‮. ‬يحيى‮ ‬قاسم‮ ‬سهل‮ -
أشار الباحث العراقي إبراهيم خلف العبيدي في رسالته لنيل الدكتوراه من جامعة بغداد في 12 فبراير 1979م والموسومة: (الحركة الوطنية في الجنوب اليمني (1945 -967) في صفحة 16 إلى الآتي: (أن المنطقة موضوع الدراسة كانت منذ أقدم العصور جزءاً لا يتجزأ من اليمن الطبيعية ولم تنفصل عن الشمال اليمني إلا في حالات نادرة خاصة خلال فترة ضعف السلطة المركزية وانحلالها نتيجة للنزاعات القبلية والصراع على السلطة وانفصلت هذه المنطقة نهائيا عن اليمن في سنة 1728 عندما أعلن سلطان لحج استقلاله عن إمام اليمن أسوة بسلاطين يافع العليا ويافع‮ ‬السفلى‮ ‬والعوالق‮ ‬والبيضاء‮ ‬وأبين‮.‬
وأدى انفصال هذه المنطقة عن الوطن الأم إلى إطلاق عدة تسميات عليها فأطلق عليها البريطانيون بعد احتلالهم عدن وعقد معاهدات الحماية مع الإمارات المحيطة بها (مستعمرة عدن ومحمياتها) وبقيت هذه التسمية تستخدم في المراسلات الرسمية البريطانية حتى جلاء البريطانين عن المنطقة‮ ‬سنة‮ ‬1967م‮.‬
وسميت كذلك بـ (النواحي التسع) أو (المحميات التسع) وظهرت هذه التسمية بعد إبعاد العثمانيين عن جنوب اليمن سنة 1873م وبعد توقيع معاهدات الحماية مع تسع من الإمارات سنة 1880م وهذه الإمارات هي: (العبدلي، الفضلي، العولقي، اليافعي، الحوشبي، الضالع، العلوي ، ألعقربي،‮ ‬الصبيحي‮)‬،‮ ‬وظلت‮ ‬هذه‮ ‬التسمية‮ ‬متداولة‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬العثمانيين‮ ‬بصورة‮ ‬خاصة‮ ‬لفترة‮ ‬طويلة‮ ‬على‮ ‬الرغم‮ ‬من‮ ‬أن‮ ‬الإمارات‮ ‬التي‮ ‬وقعت‮ ‬على‮ ‬هذه‮ ‬المعاهدات‮ ‬ازداد‮ ‬عددها‮.‬
وظهرت في سنة 1947 تسمية أخرى هي (الجنوب العربي) وقد تبنتها (رابطة أبناء الجنوب العربي) لتؤكد عروبة المنطقة ولتقضي على تسمية عدن والمحميات لما فيها من معاني التجزئة وإزالة الحدود الوهمية بين الإمارات.
واستخدمت‮ ‬الثورة‮ ‬الوطنية‮ ‬الداعية‮ ‬إلى‮ ‬وحدة‮ ‬الشمال‮ ‬والجنوب‮ ‬تسمية‮ (‬الجنوب‮ ‬اليمني‮) ‬ثم‮ ‬أضيف‮ ‬إليها‮ ‬كلمة‮ (‬المحتل‮) ‬في‮ ‬فترة‮ ‬النضال‮ ‬للدلالة‮ ‬على‮ ‬واقع‮ ‬الاحتلال‮ ‬فاصبحت‮ ‬التسمية‮ (‬الجنوب‮ ‬اليمني‮ ‬المحتل‮).‬
وترجع فكرة قيام مشروع الاتحاد الفيدرالي إلى عام 1933م وأول من فكر في هذا المشروع هو (السير ستيورات سايس) وكان حينذاك المقيم السياسي بعدن، إلا أنه ليس الشخص الذي بدأ يدون الفكرة على الورق وإنما هي بنت (كندي تريفاسكس) مستشار محمية عدن الغربية الذي سود المشروع‮ ‬للاتحاد‮.‬
وبصرف النظر عن المعارضة التي واجهها مشروع الاتحاد، من النظام الحاكم آنذاك في الشمال ومصر وجامعة الدول العربية، والقوى الوطنية المتعددة في الداخل ، فقد تكون الاتحاد من إمارات ست هي : إمارة بيحان، الضالع، سلطنة الفضلي، العوذلي، يافع السفلى والعوالق العليا. وقد‮ ‬اقتصر‮ ‬الاتحاد‮ ‬على‮ ‬هذا‮ ‬العدد‮ ‬بسب‮ ‬تحفظ‮ ‬غالبية‮ ‬الزعماء‮ ‬المحليين‮.‬
أما سلطان لحج فقد جاهر بعدائه ومعارضته للاتحاد، لذلك قامت بريطانيا باحتلال لحج وأعلنت حالة الطوارئ، وخلعت السلطان وعينت مكانه سلطانا أخر انضم للاتحاد في اكتوبر 1959م وفي فبراير 1960م التحقت بالاتحاد العوالق السفلى، العقربي، دثينة. وفي مارس 1962م التحقت إمارة‮ ‬الواحدي‮ ‬من‮ ‬المحمية‮ ‬الشرقية‮ ‬ثم‮ ‬انضمت‮ ‬بقيت‮ ‬المشيخات‮ ‬إلى‮ ‬الاتحاد‮ ‬ماعدا‮ ‬سلطنات‮ ‬حضرموت‮ ‬ويافع‮ ‬العليا‮.‬
وفي ابريل 1962م بدل (اتحاد إمارات الجنوب العربي) اسمه وأصبح: (اتحاد الجنوب العربي) وذلك بسبب قرب دخول مستعمرة عدن في الدولة الاتحادية، وانضمت عدن إلى الاتحاد بمعاهدة ابرمت بين الاتحاد والمملكة المتحدة في 16 يناير 1963م.
ومن المشاريع التي عرفتها المنطقة ما ورد في رسالة موثقة في سكرتارية الحكومة القعيطية، المكلا تحت الرقم (75 - 24-1385) بتاريخ 3/ 5/1965م (بعون الله تعالى وقدرته تم التوفيق التام، بين: وزير السلطنة القعيطية والسيد سكرتير الوجيه الشيخ: عبد الله عوض بن لأدن، ممثل‮ ‬حكومة‮ ‬السعودية‮ ‬وذلك‮ ‬بناء‮ ‬على‮ ‬طلب‮ ‬السعودية،‮ ‬السعي‮ ‬في‮ ‬إقامة‮ ‬اتحاد‮ ‬بين‮ ‬كل‮ ‬من‮ : ‬الدولة‮ ‬القعيطية‮ ‬والدولة‮ ‬الكثيرية‮ ‬ودولة‮ ‬المهرة‮.‬
وبعد ذلك تنضم إليها حكومة بيحان، ومشيخة العوالق والواحدي وبعد إقامة الاتحاد الشرقي، مطالبة الحكومة البريطانية إعطاء الاتحاد الشرقي الاستقلال الفوري، خارجا عن استقلال المحمية الغربية وعدن شريطة أن يراعي الاتحاد الشرقي المصالح البريطانية في الاتحاد المزمع، وأن‮ ‬يدمج‮ ‬الاتحاد‮ ‬الشرقي‮ ‬في‮ ‬اتحاد‮ ‬كونفدرالي‮ ‬مع‮ ‬الحكومة‮ ‬السعودية‮.‬
ووقعت‮ ‬الرسالة‮ ‬بتوقيع‮ ‬كل‮ ‬من‮ ‬وزير‮ ‬السلطنة‮ ‬القعيطية‮ ‬وسكرتير‮ ‬بن‮ ‬لادن‮.‬
انهيار الاتحاد: أنهار الاتحاد بعد ثماني سنين فقط من قيامه ، على الرغم من محاولات بريطانيا لتطويره، وفعلا سعت بريطانيا إلى تطويره إلى جمهورية وصدرت (مسودة قانون تنص على دستور مؤقت لجمهورية الجنوب العربي..) ونشرت المسودة في الملحق القانوني رقم (3) لجريدة حكومة‮ ‬اتحاد‮ ‬الجنوب‮ ‬العربي‮ ‬رقم‮ (‬2‮) ‬بتاريخ‮ (‬1‮) ‬يوليو‮ ‬1967م‮ ‬ويتكون‮ ‬الدستور‮ ‬من‮ (‬151‮) ‬مادة‮ ‬وثلاثة‮ ‬جداول‮ ‬ملحقة‮ ‬به‮.‬
وتنص‮ ‬المادة‮ ‬الأولى‮ ‬على‮ ‬أن‮ (‬يسمى‮ ‬هذا‮ ‬القانون‮ ‬قانون‮ ‬الدستور‮ ‬المؤقت‮ ‬لعام‮ ‬1967م،‮ ‬ويسري‮ ‬مفعوله‮ ‬في‮ ‬اليوم‮ ‬الذي‮ ‬قد‮ ‬يحدده‮ ‬المجلس‮ ‬الأعلى‮ ‬بموجب‮ ‬أعلان‮) .‬
وبحسب‮ ‬المادة‮ (‬137‮) ‬سيظل‮ ‬المجلس‮ ‬الاتحادي‮ ‬المؤسس‮ ‬بموجب‮ ‬الباب‮ ‬الرابع‮ ‬من‮ ‬دستور‮ ‬اتحاد‮ ‬الجنوب‮ ‬العربي‮ ‬قائما‮ ‬في‮ ‬اليوم‮ ‬المحدد‮ ‬وبعده‮ ‬ولن‮ ‬يحل‮ ‬قبل‮ ‬اليوم‮ ‬الأول‮ ‬من‮ ‬شهر‮ ‬يناير‮ ‬عام‮ ‬1968م‮.‬
ويعلق آخر مندوب سام (حاكم عام) لعدن وجنوب اليمن همفري تريفيليان في كتابه (الشرق الأوسط في ثورة) عدن 1967م (لم يشعر المحامون البريطانيون بالسعادة لأن المسودة رسمت مستقبل عدن دون موافقة أهلها، الذين من الصعب أو الصعوبة بمكان التشاور وتبادل الرأي معهم بعد أن جرى‮ ‬إقصاء‮ ‬ممثليهم‮ ‬المنتخبين‮ ‬وكانت‮ ‬هناك‮ ‬حرب‮ ‬عصابات‮ ‬وأثار‮ ‬أعصاب‮ ‬المحامين‮ ‬هجوم‮ ‬الكنائس‮ ‬عليهم‮ ‬لأنهم‮ ‬أجازوا‮ ‬بندا‮ ‬يحظر‮ ‬التبشير‮ ‬بواسطة‮ ‬الإرساليات‮.‬
وأخيرا‮ ‬تم‮ ‬الاتفاق‮ ‬على‮ ‬الدستور‮ ‬ولكن‮ ‬بحلول‮ ‬ذلك‮ ‬الوقت‮ ‬كان‮ ‬قد‮ ‬أصبح‮ ‬عديم‮ ‬الدلالة‮ ‬وأبيت‮ ‬أن‮ ‬أكلف‮ ‬نفسي‮ ‬عناء‮ ‬قراءته‮).‬
وسقطت كل المشاريع البريطانية، ونال الشعب استقلاله، واستعاد هويته بميلاد جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بحسب قرار رقم واحد من بيان الاستقلال صبيحة 30 نوفمبر1967، ثم صدر دستور 17 نوفمبر 1970م ونصت مادته الأولى على أن (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية جمهورية‮ ‬ديمقراطية‮ ‬شعبية‮ ‬ذات‮ ‬سيادة‮ ‬وتسعى‮ ‬لتحقيق‮ ‬اليمن‮ ‬الديمراطي‮ ‬الموحد‮) ‬وأكدت‮ ‬المادة‮ (‬2‮) ‬من‮ ‬الدستور‮ ‬على‮ ‬أن‮ (‬الشعب‮ ‬اليمني‮ ‬واحد‮ ‬وهو‮ ‬جزء‮ ‬من‮ ‬الأمة‮ ‬العربية‮ ‬والجنسية‮ ‬اليمنية‮ ‬واحدة‮).‬

المصادر‮:‬
1‮ - ‬د‮. ‬عمر‮ ‬عبد‮ ‬الله‮ ‬بامحسون،‮ ‬التطور‮ ‬السياسي‮ ‬والدستوري‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬الديمقراطية،‮ ‬مكتبة‮ ‬مصر‮ ‬الطبعة‮ ‬الثانية،‮ ‬دون‮ ‬إشارة‮ ‬لسنة‮ ‬النشر‮.‬
2‮ - ‬د‮. ‬عمر‮ ‬محمد‮ ‬الحبشي،‮ ‬اليمن‮ ‬الجنوبي‮ ‬سياسيا‮ ‬واقتصاديا‮ ‬واجتماعيا،‮ ‬الطبعة‮ ‬الأولى‮ ‬دار‮ ‬الطليعة‮ ‬،‮ ‬بيروت،‮ ‬1968م‮.‬
3‮ - ‬د‮. ‬إبراهيم‮ ‬خلف‮ ‬العبيدي،‮ ‬الحركة‮ ‬الوطنية‮ ‬في‮ ‬الجنوب‮ ‬اليمني‮ ‬1945‮ - ‬1967م،‮ ‬جامعة‮ ‬بغداد،‮ ‬دون‮ ‬إشارة‮ ‬لسنة‮ ‬النشر‮.‬
4‮- ‬د‮. ‬محمود‮ ‬علي‮ ‬محسن‮ ‬السالمي،‮ ‬اتحاد‮ ‬الجنوب‮ ‬العربي‮ (‬خلفية‮ ‬وأبعاد‮ ‬محاولة‮ ‬توحيد‮ ‬المحميات‮ ‬البريطانية‮ ‬في‮ ‬جنوب‮ ‬اليمن‮ ‬وأسباب‮ ‬فشلها‮ (‬1945‮ - ‬1967‮) ‬الطبعة‮ ‬الأولى،‮ ‬دار‮ ‬الوفاق‮ ‬للدراسات‮ ‬والنشر،‮ ‬عدن،‮ ‬2010م‮.‬
5‮ - ‬د‮. ‬يحيى‮ ‬قاسم‮ ‬علي‮ ‬سهل،‮ ‬النظام‮ ‬القانوني‮ ‬والقضائي‮ ‬في‮ ‬عدن‮ ‬والمحميات‮ ‬واتحاد‮ ‬إمارات‮ ‬الجنوب‮ ‬العربي،‮ ‬الطبعة‮ ‬الأولى،‮ ‬مكتبة‮ ‬مركز‮ ‬الصادق،‮ ‬صنعاء،‮ ‬2008‭.‬
6‮ - ‬همزي‮ ‬تريفيليان‮ ‬في‮ ‬كتابه‮ (‬الشرق‮ ‬الأوسط‮ ‬في‮ ‬ثورة‮ ) ‬عدن‮ ‬1967م‮ ‬،‮ ‬ترجمة‮ ‬حامد‮ ‬جامع‮ ‬،مجلة‮ ‬المنارة،‮ ‬اتحاد‮ ‬الأدباء‮ ‬والكتاب‮ ‬،‮ ‬عدن‮ ‬،‮ ‬العدد‮ ‬السابع،‮ ‬خريف‮ ‬2002م‮.‬
7‮ - ‬دستور‮ ‬جمهورية‮ ‬اليمن‮ ‬الديمقراطية‮ ‬الشعبية‮ ‬30‮ ‬نوفمبر‮ ‬1970م‮.‬
8‮ - ‬الملحق‮ ‬القانوني‮ ‬رقم‮ ‬3‮ ‬لجريدة‮ ‬حكومة‮ ‬اتحاد‮ ‬الجنوب‮ ‬العربي‮ ‬رقم‮ ‬2‮ ‬بتاريخ‮ ‬1‮ ‬يوليو‮ ‬1967م‮ (‬مسودة‮ ‬قانون‮ ‬تنص‮ ‬على‮ ‬دستور‮ ‬مؤقت‮ ‬لجمهورية‮ ‬للجنوب‮ ‬العربي‮).‬
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 06:16 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-57226.htm