الميثاق نت -

الإثنين, 18-مارس-2019
شوقي‮ ‬شاهر‮ ‬ -
يبدو ان الشعوب العربية مستمرة في دفع الثمن غالياً للفكرة التي رسختها الانظمة العربية لعقود والمتمثلة في انه ليس أسوأ من السيئ إلا الاسوأ منه والتي دأبت على ترسيخه في اذهان مواطنيها مستخدمةً لذلك كافة الادوات المشروعة وغير المشروعة وذلك مقابل بقائها واستفرادها‮ ‬بالحكم‮ ‬ولإخماد‮ ‬جذوة‮ ‬أي‮ ‬حركة‮ ‬تستنصر‮ ‬للحقوق‮ ‬والمطالب‮ ‬وذلك‮ ‬رغبةً‮ ‬في‮ ‬تحقيق‮ ‬الرضا‮ ‬والقبول‮ ‬والاستكانة‮ ‬تجاه‮ ‬ماهو‮ ‬كائن‮ ‬وبأي‮ ‬حالٍ‮ ‬من‮ ‬الاحوال‮.‬
إن ماتمر به عديد الدول العربية اليوم هو نتاج لهذه الممارسة وهذا الفكر الذي اثبت كم هو عقيم فجنى في نهاية الامر على نفسه وعلى شعوبه وأُستنزفت الاوطان ومازالت دماً ولم يظهر حتى الآن من مؤشر يستدل من خلاله على موعد ايقاف هذا النزيف.
لقد كان من سوء حظ المجتمعات العربية أن أُبتليت بأنظمة عسكرية لعقود آلت على نفسها ترسيخ تواجدها وفرض سيطرتها على جميع مناحي الحياة وأغفلت واجباتها تجاه النهوض بأوطانها ومجتمعاتها وعندما شعرت بخطأ ماتقوم به وتوجست ريبةً من انكشاف ملعوبها بفعل ازدياد الوعي المجتمعي والتغيرات على الصعيد الديمغرافي سعت إلى تأسيس احزاب ظاهرها يوحي بمدنيتها بينما باطنها يدفع بأهداف تعزز من سيطرتها وبسط نفوذها على مختلف الجوانب الحياتية، كما تسعى من خلالها الى تلميع تلك السيطرة وشرعنتها إلى جانب سعيها نحو "ذر الرماد على العيون " وجعل‮ ‬الشعوب‮ ‬تستمر‮ ‬في‮ ‬نومها‮ ‬في‮ ‬العسل‮.‬
كل تلك المساعي اثبت الراهن فشلها ودفع ثمنها فيما بعد الجميع ، والسبب في ذلك ان تلك الانظمة لم تكن لتستوعب الدروس والتجارب التي يمتلئ بها التاريخ ولم تكن تدرك - في خضم نشوتها- بوعي او بدونه ان حركة المجتمع لاتتوقف ومطالب التغيير لايحدها زمن ولايتم تطويقها بأي‮ ‬سياج‮ ‬مهما‮ ‬كان‮ ‬نوعه‮ ‬ولونه‮.‬
ان واقع المعاناة التي تمر بها مجتمعاتنا العربية اليوم هو نتاج لتلك الممارسات ولغيرها، والنتائج التي يبدو انها ستستمر في مضاعفة آلام هذا الواقع الذي يدفع ثمنه الجميع لن تتغير حتى يستوعب الجميع الدرس فلا تحجيم ولاتقييد ولا وأد لأي مرحلة قادمة تكون أكثر تحرراً‮ ‬وتقدماً‮ ‬وامناً‮ ‬واستقراراً‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬مناخ‮ ‬ديمقراطي‮ ‬حقيقي‮ ‬تحكم‮ ‬من‮ ‬خلاله‮ ‬الشعوب‮ ‬نفسها‮ ‬بنفسها‮..‬
لم‮ ‬تكن‮ ‬لتدرك‮ ‬تلك‮ ‬الانظمة‮ ‬أن‮ ‬القانون‮ ‬الثابت‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬الحياة‮ ‬هو‮ ‬التغيير،‭ ‬أو‮ ‬ربما‮ ‬تكون‮ ‬قد‮ ‬ادركت‮ ‬ذلك‮ ‬ولكنها‮ ‬تجاهلته‮ ‬واعتقدت‮ ‬أنها‮ ‬قادرة‮ ‬على‮ ‬لّي‮ ‬عنق‮ ‬التاريخ‮.‬
إن‮ ‬المنطقة‮ ‬اليوم‮ ‬تعيش‮ ‬جراء‮ ‬ذلك‮ ‬الركود‮ ‬الآسن‮ ‬مرحلة‮ ‬مخاضات‮ ‬مستمرة‮ ‬لكنها‮ ‬ستنجو‮ ‬بإذن‮ ‬الله‮ ‬حتى‮ ‬وإن‮ ‬بدا‮ ‬الجنين‮ ‬مشوهاً‮ ‬او‮ ‬بدت‮ ‬هذه‮ ‬المرحلة‮ ‬عسيرة‮ ‬في‮ ‬بداية‮ ‬الأمر‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 12:50 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-55409.htm