الميثاق نت -

الخميس, 30-يونيو-2016
عباس غالب -
تُرى هـل يحتاج المتحاورون في الكويت إلى نحو 50 عاماً من الحوار مثلما احتاجه الكولومبيون الذين استسلموا أخيراً لمنطق الحوار ووضعوا حداً نهائياً للحرب بين القوات الحكومية والثوار التي استمرت قرابة خمسة عقود؟ أم أننا- كيمنيين- نحتاج إلى أكثر أو أقل من تلك الفترة التي اكتوى بهجيرها قرابة 400000 قتيل وتهجير أكثر من مليوني مواطن كولومبي أو أعدادٌ مشابهة كالتي عاشتها بلدان اكتوت بنار الاحتراب الداخلي أو وقعت فريسة للعدوان الخارجي كما نتعرض له اليوم في بلادنا السعيدة من عدوان سافر واقتتال داخلي مؤسف! هل نحتاج إلى كل تلك الفترة من الدمار وإضاعة الفرص أمام البناء والتنمية حتى يتم التوصل بعد ذلك إلى تفاهمات لإيقاف حمام الدم بين أبناء الجلدة الواحدة وإفشال مؤامرة استمرار هذا العدوان البربري ضد مقدرات ومقومات الأمة أرضا وإنساناً.
لا أعتقد أن المتحاورين في الكويت يجهلون هذه الحقائق المريرة وهم يبذلون جل طاقاتهم للتوصل إلى صياغة عقد اجتماعي جديد يفضي في نهاية المطاف إلى إقامة منظومة سياسية قوامها الشراكة وإعادة تطبيع الحياة المدنية، إذ أنهم يمتلكون من الدراية والفهم الكاملين بمخاطر إطالة أمد الأزمة وانعكاساتها السلبية على المجتمع في المدى القريب والمتوسط.
ومن نافلة القول أن الإسراع في وضع خارطة طريق للتسوية الداخلية لن يتأتى فقط بحسن النوايا وإنما في ظل حرص وإرادة يمنية مستقلة تنأى بنفسها عن تجاذبات الخارج التي تفرضها قوى كان لها -ولا يزال- أهداف مبيته لضرب النظام السياسي وتفتيت لحمة المجتمع ونسيجه الاجتماعي الذي بـرهن هو الآخر عن صلابة وجلد في مقاومة هذا المخطط.ويبدو أن الجميع في مسيس الحاجة إلى التذكير بأن إطالة أمد الأزمات والحروب في عدد غير قليل من الدول النامية ترتب أعباء إضافية على لحاق هذه المجتمعات بركب التطور والرقي، لذلك تبدو النظرة الواقعية إلى أن ما يعصف باليمنيين راهناً من أزمات لا يمكن أن تخفى عن أي طرف من أطراف الحوار وبخاصة أولئك الذين يتمتعون بحس وطني لفهم طبيعة هذه المعاناة وبالتالي الحرص على تقديم تنازلات لتحقيق تفاهمات خروجاً من أسر تداعيات الوضع الكارثي الذي تعيشه بلادنا.
وفي هذا السياق لسنا ببعيد عن تداعيات الحروب الحالية التي تدور رحاها في سورية والعراق وليبيا.. والتي لا يمكن النظر إليها من منطلق التحيز لوجهة نظر هذا الطرف أو ذاك ولكن إلى ما يمكن أن تؤول إليه مـن نتـائج سلبية وكـارثية على هـذه المجتمعات.. وهي نفـس الحالة التي يمكن إسقاطها على الوضع في الداخل اليمني باعتباره مشكلة كل اليمنيين دون حصرها في أي من أطرف الأزمة الراهنة.وللتدليل أكثر فقد احتاج الأشقاء في لبنان إلى عقود من الحرب والاقتتال الأهلي بين فسيفساء المجتمع وتحت مسميات عديدة وتحالفات وتجاذبات ما أنزل الله بها من سلطان، دمرت خلالها بلادهم الجميلة وتشرذمت جراءها مكونات المجتمع وقواه السياسية قبل أن يعود أمراء الحرب إلى طاولة الحوار..بالتالي يمكن إسقاط الحالة ذاتها على الحروب التي اندلعت في سبعينيات القرن المنصرم في دول القرن الأفريقي التي ما زال بعضها يجر أذيال هـذه الحرب والأزمات إلى اليوم فيما توصل القليل منها إلى تسويات تحافـظ على الحد الأدنى من الاستقرار.
وثمة نماذج وأمثلة عديدة لا يمكن حصرها في هذا الحيز تشير إلى خطورة تدخل الخارج وفقا لأدوات محلية تعبث بأمن ومصير هذه الشعوب غير أن الواجب يحتم على جميع الأفرقاء اليمنيين وهم يعيشون هذه اللحظة الفارقة من تاريخ بلدهم استحضار تلك الدروس المريرة التي عاشتها تلك الدول والشعوب والتوقف ملياً عند آثارها الكارثية وما يمكن أن تؤول إليه في الحاضر والمستقبل.. ومن ثم العمل على إخماد فتيل انفجارها، الأمر الذي يتطلب من متحاوري الكويت تقديم المزيد من التنازلات من أجل إنقاذ ما يمكن إنقـاذه.-وقديماً قيل إن اللبيب بالإشارة يفهم.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 02-مايو-2024 الساعة: 01:08 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-46478.htm