الإثنين, 02-مايو-2016
الميثاق نت -    عبدالرحمن مراد -
< مضت ستة أعوام ونحن في اليمن نعيش واقعاً مضطرباً وقلقاً، وكادت الأرواح فيها أن تبلغ الحناجر لولا عناية الله بعباده في هذه الأرض التي وصفها بالأرض الطيبة، أو بالنص كما قال عنها «بلدة طيبة ورب غفور»، ومثل ذلك الاضطراب والقلق والحركة المائجة هي من سنن الله في كونه وهو التدافع الذي يُعيد الأمور الى أنساقها والقوانين الطبيعية الى مساراتها، والمبادئ والقيم الى مفاهيمها الحقيقية، فالقضية هنا قضية كونية والعناية فيها عناية إلهية والقوانين التي تسير وفقها هي قوانين كونية تديرها عناية السماء، بدليل أنّ الكون قد جمع لنا قضّه وقضيضه، وجاءت الى سمائنا كل الطائرات الحديثة وألقت على وهادنا وجبالنا وسهولنا كل أنواع القنابل الحديثة من الإرجوانية الى القنابل الذكية، وتسللت الى مزارعنا وبيوتنا القنابل العنقودية واستقبلت مدننا كل الصواريخ الحديثة والمتطورة، وجاءت الشركات العالمية بكل خبراتها النوعية في المجال العسكري وجمع أعراب الخليج كل تجار الموت من العالم أجمع، فالتحالف الذي يبدو ظاهراً أمامنا كان يقف وراءه تحالف يماثله أو يزيد، وكان اليمن يقف وحيداً ومحاصراً من كل الجهات البرية، والجوية، والبحرية، وشهد البحر الأحمر والبحر العربي بوارج وكاسحات وزوارق وحاملات طائرات وسفناً حربية كما لم يشهده من قبل، وظل اليمن صابراً وصامداً، وكان سداً منيعاً أمام كل أطماع الغزاة، لم ينالوا منه شيئاً، وقد خابوا وخسروا، وتحقق وعد الله لنا، ورأينا معجزاته الكبيرة والبينة في صحراء ميدي، وهي تواجه عشرات الزحوفات التي تنكسر، وفي نهم التي ظلت عصية على المرتزقة من كل بقاع الدنيا رغم الخطط العسكرية المحكمة ورغم التعاضد الجوي والبري ورغم وجود أحدث الآليات المدرعة.. لم يكن جندي هذه البلدة الطيبة يملك في مواجهة هذا العدوان سوى بندقيته، وقضيته، ووعد الله بالانتصار لمظلوميته، وقد رأينا وعد الله وقدرته الخارقة التي لم يستوعبها العملاء ولا المرتزقة، وهي تعلن عن نفسها في تموجات الأحداث في جبهات القتال المختلفة.

مرّت تلك الأحداث وتمرّ في كل وقت وحين وتركت ألماً في النفوس وجروحاً ستظل تحز في النفس والذاكرة الجمعية للأجيال، ورغم المآسي والجراح التي تتركها ورغم الدماء المسالة والأشلاء الممزقة والأطلال والدمار والخراب ورغم كل الآثار القاتلة لهذا العدوان إلا أن المارد اليمني الذي وقف في وجه العدوان العالمي بكل حداثة أسلحته وتقنيتها الالكترونية وانتصر عليها وأذهل بصموده العالم، سيخرج من قمقم الأحداث أكثر إصراراً على الحياة، وأكثر تحدياً للعالم الذي تداعى عليه كما تتداعى الأكلة على قصعتها، وسيعيد بناء اليمن، وقد استفاد من تجربة العدوان خبرات جديدة، بعد أن اتضحت له الصورة على حقيقتها وتمايز الناس، وامتاز المجرمون وامتاز الصالحون، امتاز الذين نصفهم عميل للخارج ونصفهم الآخر وطني، وتغلّب العميل على الوطني، فكانت صورته أكثر وضوحاً للناس، ويبدو أن الماضي بكل تجلياته التي ظهر بها في العقود التي سلفت، يعلن عن أفوله، فالقومي الذي تعصف به الأحداث حتى يقع تحت أقدام الرجعية العربية خاضعاً ومتماهياً في مشروع التخلف العربي ويحاول التنظير والتبرير ويدور في فلك الاستعمار العالمي من حيث التماهي في المصطلحات واللعب على الدلالة وإحداث الفوضى وهي الفوضى التي تخلق مناخات جديدة تكون صالحة للقيام بدور سياسي وعسكري لفرض الهيمنة والخضوع حفاظاً على المصالح الاقتصادية، هو الآن يشهد نهايته المريرة، والاشتراكي الذي يتحدث عن البعد الانساني والعدالة الاجتماعية، ويرى في القوى التقليدية حركات معيقة للطبقات الاجتماعية التي ترغب في التقدم والإنتاج، ويمقت التمايز الطبقي والاقتصاد الريعي، ويقف في الطرف النقيض، ها هو اليوم يمسح بلاط القصور للقوى التقليدية ويرفع عقيدته في إهدار إنسانية الإنسان ويقف خاضعاً ذليلاً أمام الاقتصاد الريعي يمتاز منه ما شاء ويكدس ما شاء في البنوك الدولية، أما الاخوان الذين كانوا يقولون في نظام المملكة ما لم يقله مالك في الخمر فقد كان تناقضهم بين وجوب الجهاد وبين القول بالنصرة كافياً لتكون نهايتهم أكثر ضجيجاً من غيرهم.. ولا عزاء للعملاء الذين باعوا هذه البلدة الطيبة بدراهم معدودة لأن ساعة ندمهم قد أعلنت عن نفسها وسيندمون طويلاً.. وستبقى اليمن شامخة وقوية وعزيزة.

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 01-مايو-2024 الساعة: 10:59 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-45921.htm