الميثاق نت -

الثلاثاء, 24-نوفمبر-2015
فايز بن عمرو -
«كلما حرمتم على المجتمع ممارسة الحياة، كلما ازداد عطشه لممارسة الموت».. تنطبق هذه العبارة على الحركة الوهابية وفكرها العبثي القائم على تمجيد ثقافة القتل والإلغاء وادعّاء الطهارة الإلهية للحاكم ، ورفض الحوار والنقاش والاعتراف بالآخر ، فنتائج ومعطيات ومخرجات الفكر الوهابي هو ما تعيشه البشرية اليوم من أعمال القتل والعنف والتدمير وتسخيف للفكر البشري والإصرار على العيش بين القبور وتقديس الاسلاف . لا يمكن تسمية المنهج الوهابي فكراً او مذهباً او طريقة في فهم الدين ، وإنما هي حركة هجينة جمعت شتات وصراعات الماضي وتداعياته الدينية والسياسية والتاريخية ، فالوهابية حركة يغلب عليها الطابع السياسي الايديولوجي رغم أنها تدعو لتصحيح العقيدة فيما يسمى بمحاربة الشرك " التعامل مع الجمادات والأحجار والأشجار " وناموسها الاساس في تلك الدعوة كتاب التوحيد لمحمد عبدالوهاب التميمي النجدي ، بينما تتعامل مع الانسان والحكام بجمود وتخلف وتكرس طاعة السمع والطاعة وتدعو للخضوع بقولهم : اسمع وأطع وإن ضُرب ظهرك وأخذ مالك وانتهك عرضك.. واستدعت الحركة الوهابية تاريخ الصراع بين المعتزلة والاشاعرة في أسماء الله الحسنى وصفاته وجعلتها من ضمن مناهجها لتكفير وتبديع المخالف ، واستندت على فتاوى ابن تيمية فيما يعرف "بالولاء والبراءة من الكفار"، تلك الفتاوى المتأثرة بالصراع بين المسلمين في عصر انحطاطهم وخضوعهم لسلطة التتار والمغول ، وتخضع الوهابية ايضاً للفكر الحنبلي التقليدي رافضة الاجتهاد . ترى الوهابية الخير والبركة والتمكين في السلف الاول من الصحابة والتابعين وتابعيهم ، فهم من يُؤخذ برأيهم ويُهتدى بأقوالهم، وما يأتي بعد هذه العصور فهو محدث وبدعة ويخالف شرع الله . تلك النظرة والقراءة العاطفية للتاريخ الاسلامي بأنه تاريخ منير ومشرق ومثالي وخالٍ من الامراض البشرية تستجره الحركات والجماعات الجهادية اليوم لإعادة الخلافة الاسلامية بقوة السلاح والقتل والتفجير ، وتتجاهل الوهابية تماماً الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وترى المعاملة الحسنة والاقتداء بالأخلاق والقيم والمبادئ الفاضلة والكلمة الطيبة ضعفاً وعجزاً، وتؤمن بأن الحاكم يفرض الاسلام بقوة السيف وإخضاع المخالف بالعنف وهو ما تمارسه ادارة الحسبة من احتكار للدين وتفسيره ليصير المسلم خاضعاً وتابعاً وخائفاً من الحسبة وسطوتها ، ومتى ما وجد فرصة للتحايل او الهروب من تلك التكاليف الاسلامية تركها وتنازل عنها . الركيزة الاساس في الحركة الوهابية تفسيرها السطحي والحرفي للكتاب والسنة ، فإعمال الذهن والاجتهاد والتفكير في دلالات النصوص الاسلامية محرم ضمناً ومسكوت عنه في السلوك الوهابي ، ولذلك تتسم الحركات والجماعات المؤمنة بالفكر الوهابي بإقامة المحاكمة الفردية والميدانية ومحاسبة الناس دون النظر في مبررات الجريمة وخلفياتها ، فقطع يد السارق شرع منصوص من الله لابد من إقامته دون توفير الحياة الكريمة او النظر في اسباب السرقة او البحث عن الخلفيات والتداعيات ، وترى الطابع السياسي شاخصاً في السلوك والفكر الوهابي.. تنظر للحاكم بأنه ظل الله على الارض لا يجوز نقده او نصيحته او الخروج على ظلمه ، وإنما السمع والطاعة له والسكوت على جرائمه وظلمه وفجوره وفسقه . العالم يشن حرباً فاشلة على الارهاب والجماعات المتطرفة ، وهي حرب عسكرية لن تحل المشكلة بل ستفاقمها وستكبر جيش الساخطين والمضللين من قبل هذه الحركات العبثية العنفية ، لا يمكن محاربة الارهاب دون محاربة الفكر الوهابي الركيزة الاساس لكل الحركات المتطرفة والإرهابية، واستعادة قيم التسامح والرحمة لديننا الاسلامي الحنيف المخطوفة من قبل الفكر الوهابي الظلامي.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 28-أبريل-2024 الساعة: 07:46 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-44328.htm