الميثاق نت -

الإثنين, 08-سبتمبر-2014
بقلم/ عبده محمد الجندي -
البيان الصادر عن اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام أكد على المواقف الثابتة والمتوازنة للمؤتمر من الأزمة السياسية الناتجة عن الانقسام بين المؤيدين للجرعة والحكومة وبين المعارضين للجرعة والحكومة.. يمكن النظر إليها من زاوية الحرص على نجاح التسوية السياسية في ضوء الحقائق العشر التي نشير الى أهمها بما يلي:
الحقيقة الأولى: إن الحوار هو الوسيلة الوحيدة للتقريب بين القوى السياسية وأن السلام هو البديل الوحيد للصراعات والحروب الدامية والمدمرة، غايته الوحيدة تقدم الطرف المؤيد خطوات الى الأمام وتراجع الجانب المعارض خطوات الى الخلف من أجل حلول وسطية معتدلة ومعقولة ومقبولة لا يتضرر منها المجتمع ولا تتضرر منها الدولة.
الحقيقة الثانية: إن الوسائل والاساليب السلمية هي الممكنات الوحيدة المشروعة للمطالبة بما هو مكفول من الحقوق والحريات الدستورية والقانونية مثل حق التظاهر والاعتصام وأن الوسائل والاساليب العسكرية والإرهابية غير المعقولة وغير المقبولة لحل الخلافات ولتحقيق مكاسب سياسية وحزبية ضيقة، لا يمكن للشعب اليمني القبول بها مهما كانت مبرراتها المذهبية والطائفية المحرضة على الفتنة.
الحقيقة الثالثة: إن المبادرة المؤتمرية التي قوبلت بالترحيب من أنصار الله عبر الناطق الرسمي للجماعة الاستاذ محمد عبدالسلام هي المنطقة الوسطية التي توازن بين مصلحة الشعب ومصلحة الدولة وهي التي تقف عند الاسعار الدولية للمشتقات النفطية وتحمل الدولة أية تكاليف أخرى اضافية كأقل الواجبات الحكومية تجاه التخفيف من معاناة الشعب الاقتصادية والاجتماعية المؤلمة.. وهي التكلفة القابلة للمعالجة مهما بدت ذات أرقام كبيرة وتكلفة عالمية.
الحقيقة الرابعة: إن أية حكومة جديدة وبديلة للحكومة الفاسدة لابد أن تلتزم بما نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقرارات مجلس الأمن الدولي بحيث يتم مراعاة المساواة بين الطرفين الموقعين على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وأقصد بهما المؤتمر الشعبي العام وحلفاءه وأحزاب اللقاء المشترك وشركاءهم، مضافاً إليهما انصار الله، والحراك السلمي وفق رؤية يتم الاتفاق عليها يراعى فيها طبيعة الاحجام والأوزان لكل منهما حلاً للقضية الجنوبية وقضية صعدة حسب ما نصت عليه مخرجات الحوار الوطني مع مراعاة النسب التي نصت عليها بين الشمال والجنوب وللمرأة والشباب في أية ترشيحات جديدة للحقائب الوزارية.. أي أن تلتزم بها الأحزاب في تسمية مرشحيها الجدد للحكومة الجديدة كبديل أفضل لتلك الحكومة الفاسدة.
الحقيقة الخامسة: إن المؤتمر الشعبي العام يقف على مسافة واحدة من طرفي العملية، ولا يجوز لأعدائه اتهامه بما ليس فيه من الاتهامات الزائفة والكاذبة لأنه لا يرتبط بأي نوع من انواع التحالفات الثنائية التي تروج لها بعض الوسائل الاعلامية الاصلاحية والحكومية لهدف في نفس يعقوب كالتحالف مع أنصار الله كقوى معارضة دون تقديم أي دليل يؤكد صحة تلك الاتهامات الكيدية ولو كان متحالفاً مع أنصار الله فلديه الشجاعة على اعلان تحالفه دون حاجة الى التكتم لأن أنصار الله أصبحت قوى سياسية معترفاً بها من قبل الدولة لكنه يقدم المصالحة الوطنية على مثل هذه التحالفات الجزئية التي توسع من هوة الخلاف وتدفع البلد باتجاه التكتلات القتالية المسلحة وما ينتج عنها من الصراعات والحروب الأهلية الدامية والمدمرة لأن المصالحة الوطنية تؤدي الى التسامح، والتسامح يؤدي الى الثقة وتسليم الأسلحة الثقيلة للدولة.
الحقيقة السادسة: إن الخطاب الاعلامي المروج للاتهامات الطائفية والمذهبية يعكس ما يوجد بين «الاخوان» وبين «أنصار الله» من خلافات وأحقاد كيدية لا تقل خطورة عن العصبيات الأسرية والعشائرية والقبلية والجهوية والمناطقية الذميمة والقبيحة المحرضة على الفتنة النائمة نظراً لما تنطوي عليه من نزعات دكتاتورية تتنافى مع الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة، فالمروجون لها يسعون إلى اشعال الفتنة بين أبناء الشعب اليمني الواحد بمختلف مذاهبه وطوائفه وهذا من شأنه الحيلولة دون بناء الدولة المدنية الحديثة دولة النظام وسيادة القانون والمواطنة المتساوية التي لا تلغي التعددية الحزبية والعشائرية والقبلية والمناطقية والمذهبية ولا تؤثر على وحدة الوطن الراسخة رسوخ التاريخ والجغرافيا ورسوخ الإسلام والعروبة.
الحقيقة السابعة: إن واجب الجميع المضي قدماً في تطبيق مخرجات الحوار الوطني وعدم الانسياق وراء ما يوجد فيها من الالغام والنصوص المفصَّـلة على مقاس الأفراد واستكمال إعداد مشروع الدستور الجديد تمهيداً لإقراره من الهيئة الوطنية للمراقبة على تنفيذ مخرجات الحوار وطرحه للاستفتاء الشعبي باعتباره المرجعية الوحيدة لبناء اليمن الجديد وتحقيق الحكم الرشيد على أرقى ما وصلت اليه الدساتير في البلدان الديمقراطية الناشئة والناضجة.
الحقيقة الثامنة: إن إجراء الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية هي الحل الأمثل لمثل هذه الصراعات والنزاعات والحروب التي تحاول السيطرة غير المشروعة على القدر الأكبر من السلطة والثروة بصورة تتنافى مع الديمقراطية المعبرة عن إرادة الشعب.. بحيث يكون لكل مواطن يمني حق الترشح وحق الانتخابات لجميع السلطات الدستورية.
وفي هذا الاطار يصبح من الأهمية بمكان تجنب الاصطفافات الهادفة الى إثارة الفتنة بين كافة القوى السياسية المنقسمة في الاعتصامات والتظاهرات التي تدين بالولاء والاحترام لفخامة الأخ رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وتعتبره المرجعية الوحيدة لحل الخلافات المطلبية والخلافات السياسية وتحرص على إبعاده من الشبهات المثيرة للجدل والمعمقة للتناقضات باعتباره رئيساً لجميع اليمنيين مهما كانت لديهم من وجهات نظر متناقضة فهو أملهم الوحيد في العبور من الماضي الى المستقبل، ولا يمكن أن يكون منحازاً لأي طرف من الأطراف على حساب الاطراف الأخرى، غايته الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، لا يجوز لأحد الاطراف التمترس خلف الولاء له ضد الآخرين لأن اقحامه بهذا النوع من الصراعات لا يجعله المرشح الذي يحظى بالاجماع في أي انتخابات رئاسية قادمة وخصوصاً من قبل أولئك الذين يقتنصون خطاباته ضدهم في وقت تقتضي المصلحة العامة الوطنية- جنباً الى جنب مع المصلحة الذاتية- إبعاد الرئيس عن هذه الاصطفافات باعتباره الاقدر على التقريب بين كافة القوى والفعاليات السياسية والجماهيرية المتباعدة.
الحقيقة التاسعة: إن المؤتمر الشعبي العام يحرص على أن تكون وجهة نظره متميزة حتى لا يتعرض للظلم في حالة الربط الخاطئ بين موقفه ومصلحته وبين موقف ومصلحة فخامة الأخ رئيس الجمهورية حتى لا يؤدي ذلك الى إثارة شكوك بقية القوى السياسية والحزبية التي تفتح المجال لتكرار ما كان يحدث في عهد الرئيس السابق من اتهامات بالانحياز للحزب الذي ينتمي اليه ومطالبتهم له بعدم الجمع بين رئاسة المؤتمر ورئاسة الجمهورية، كما أن رئيس الجمهورية لا يمكن أن يكون مرجعية ورئيساً للجميع إلاّ من خلال تفرغه لرئاسة الجمهورية وقيادته للقوات المسلحة التي يحرم عليها الدستور والقانون أي نوع من أنواع الانتماءات الحزبية والمذهبية والمناطقية والقبلية باعتبارها الضامن الوحيد للشرعية الدستورية التي تقدم الانتماء للشعب اليمني على غيره من الانتماءات وتقف على مسافة واحدة من جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية المتنافسة على السلطة.
الحقيقة العاشرة: إن الهدف الأبرز للمؤتمر الشعبي العام في مجمل مواقفه وما يصدر عنه من بيانات وخطابات نابع من استقلالية مواقفه واعطاء الأولوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتباره الغاية المحققة للسعادة في ظروف بلغت فيها القلوب الحناجر، وفي حرصه على التقريب بين وجهات النظر المتباعدة وعدم اللجوء للحروب كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية بالقوة.. لأنه يؤمن بأن السلام هو السلاح الوحيد لتحقيق الديمومة لوحدة الشعب وأمنه واستقراره لأنه من الأحزاب الليبرالية المؤمنة بالديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة بشرعية انتخابية تعكس الارادة الحرة للهيئة الناخبة صاحبة القول الفصل في تقييم الأحزاب والتنظيمات السياسية من خلال ما لديهم من البرامج الانتخابية التي يتطور بها من خلال اللغة السياسية التي تكتب بها وتحلق ديمقراطياً على قاعدة الموازنة بين جناحي المصداقية والموضوعية وما ينتج عنه من القبول الناتج عن الثقة.
أقول ذلك وأقصد به أن المؤتمر الشعبي العام يتميز بالشفافية بحكم تكوينه ونشأته السياسية التي ولدت في أجواء العلنية، وما تنطوي عليه من اقتناع بالتعدد والتنوع التي تفرق بين رحمة الخلاف ولعنة الكراهية والحقد وتغلب الرحمة على الكراهية لأنها ليست ذات طبيعة شمولية متأثرة بالسرية الناتجة عن التحريم، تعيش هاجس التفرد على قاعدة أنا ومن بعدي الطوفان.. أو أنا وحدي على حق وغيري على خطأ.. أنا وحدي الجمهوري وغيري ملكيون أو إماميون.. أنا وحدي الثوري وغيري رجعيون ومتخلفون ومستبدون.. أنا وحدي الصادق والآخرون كذابون لا يعملون سوى الظلم ولا يقبلون بالآخر لأي سبب من الأسباب.. واذا كان المؤتمر الشعبي العام قد جرب التحالفات على قاعدة الشراكة بالسلطة فإن تجربته مع التحالفات قد أسفرت عن سلسلة من الصدامات التي أسفرت عن سلسلة من الصراعات والحروب التي تضرر منها الجميع ولم يستفد منها أحد.. لأن أجمل الالفاظ التي تدعو الآخرين الى هذا النوع من الاصطفافات والتحالفات تحاول عبثاً من خلال الشراكة في السلطة أن تجمع بين أجمل ما في الحكم من مصالح ومنافع وأجمل ما في المعارضة من مزايدات ومكايدات الباحثة عن ثقة الهيئة الناخبة.
لذلك ترسخ لديه أن الديمقراطية هي أغلبية تحكم وأقلية تعارض.. أغلبية تحكم ولكن بعقلية من سيعارض في الغد وتعتبر المعارضة هي الوجه الآخر للديمقراطية الهادفة الى تقييم ايجابيات السلطة وما يرافقها من السلبيات بلغة النقد البناء.
وأقلية تعارض ولكن بعقلية من سيحكم في الغد، فلا تفرط في الوعود بقدرتها على صنع المعجزات دون مراعاة لما تتطلبه من موضوعية في الربط الدائم والمستمر بين الامكانات والطموحات فلا تحاول تقديم ايجابيات مَنْ هم في الحكم بصورة سالبة بهدف الوصول الى السلطة حتى ولو استوجبت تغليب الكذب على الصدق والمزايدات على ما يجب أن يسود من علاقات تعاون بين مَنْ هم في الحكم ومَنْ هم في المعارضة لأن اليمن ملك للجميع والاضرار به يعرض حياة الجميع للمعاناة.
لذلك يدعو المؤتمر الشعبي العام الذين يجيشون الجيوش، ويحشدون الحشود في الاعتصمات والمظاهرات من باب الرغبة في اضعاف ما لديهم من منافسين تحت شعارات مذهبية وطائفية.. إلى إن الاعتصامات والمظاهرات أحد أركان الديمقراطية لكنها ليست الأركان الوحيدة وبدون استعداد للمنافسات الانتخابية التي تظهر الحقيقة المستترة لجميع الأحزاب والتنظيمات السياسية المعبرة عن إرادة الهيئة الناخبة عبر انتخابات حرة ونزيهة.. واذا كانت الشراكة في السلطة ضرورة وطنية في مرحلة استثنائية عارضة فإن التداول السلمي للسلطة هو الجوهر الذي تتحدد من خلاله العملية الديمقراطية على أساس أغلبية تحكم وأقلية تعارض لأن سلطة المعارضة لا تقل فائدة عن سلطة الحكم..
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 30-أبريل-2024 الساعة: 03:33 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-40217.htm