أحمد الزبيري - اليمن -شعباً وقيادةً- لن يتوقف عن إسناد غزة ونصرة الشعب الفلسطيني مهما كانت التهديدات والتحدّيات والأخطار، لأنه يعي أن الخطر الأكبر عليه وعلى الأمة كلها هو وجود هذا الكيان الإجرامي العنصري الذي لا يتوقف حقده على الشعب الفلسطيني ولا على العرب والمسلمين فحسب، بل وعلى الإنسانية كلها، لأنه كيان بُنِي كمشروع غربي مؤسَّساً على عقيدة يهودية صهيونية محرَّفة ومنحرفة، وجد فيها الغرب الاستعماري ضالته للتخلص من المشكلة اليهودية التي لم تبدأ بما يُسمى بالهولوكوست ألمانيا النازية، بل بدأت منذ أمدٍ بعيد، وكذلك اعتبر اليهود الصهاينة المرتبطين بأساطين المال اليهودي الذين اخترعوا الصهيونية للهيمنة على هذه المنطقة وتحقيق مصالحهم المرتبطة بالغرب الاستعماري وعلى رأسه بريطانيا وأمريكا..
موقف اليمن ينطلق بدرجةٍ أساسية من حقيقة أن هناك شعباً فلسطينياً عربياً مسلماً يتعرض للإبادة والتهجير على امتداد ما يقارب 100 عام؛ وطوال هذه الفترة الزمنية لم يستكِنْ ولم يتراجع ولم يسلّم رغم كل ما تعرَّض له من مؤامرات؛ وجزء كبير من الأنظمة العربية كانت وما زالت إحدى الأدوات لتحقيق الأهداف الاستعمارية للغرب بعد أن تم ربط بقائها بوجود هذا الكيان، وهي صنيعة استعمارية ترجع كل فضل وجودها إلى بريطانيا، وحمايتها فيما بعد من أمريكا..
النظرة السطحية للمشهد خاصةً في الأشهر الأخيرة قاتمة وخاصةً بعد الذي تعرَّضت له المقاومة في لبنان، وسقوط سوريا الدراماتيكي المشبوه والسريع بأيدي الميليشيات التكفيرية التي هي صناعة أمريكية بامتياز ومرتبطة بالكيان الصهيوني وتركيا الأردوغانية الأطلسية، وبين هؤلاء أنظمة البترودولار في الجزيرة العربية والخليج.. وما يحصل اليوم في سوريا أكد أن ما كنا نقوله ليس نظرية مؤامرة أو تعصُّباً لجهة أو نظام بل تحليلاً موضوعياً لطبيعة الصراع وما تمثّله القاعدة وداعش والتي أصبحت اليوم تسوّق بأنها دولة بعد أن سمحت تلك الأطراف لكيان العدو الصهيوني بالعبث في جغرافيتها وحاضرها ومستقبلها كما يشاء..
وهنا، يبقى الصمود الأسطوري لأبناء الشعب الفلسطيني في غزة وعلى امتداد عشرين شهراً أمام التوحُّش الأمريكي الغربي الصهيوني متحمّلاً بإيمان ووعي الإبادة والدمار والجوع والتعطيش في ظروف تفوق في صبرها وتحمُّلها أي قدرة لشعبٍ آخر عبر التاريخ، لا سيما وأن غزة بمساحتها التي لا تتجاوز 360 كلم2 كانت دائماً تتعرض للعدوان والإجرام طوال السنوات والعقود الماضية وانتصرت على هذا الكيان..
وفي ذات السياق، اليمن الذي واجه -وما زال- عدواناً تصدَّرته السعودية والإمارات ومن دار في فلكهما من الأعراب والعرب، خطَّط له الصهاينة وقادته أمريكا وبريطانيا، وتعرَّض للحصار والتدمير لكل مقدراته والمجازر ضد أبنائه، وكان الضحايا من الأبرياء معظمهم أطفال ونساء، كل هذا جعل الشعب اليمني وأبناءه الأحرار يحسون ويشعرون ويعيشون ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة وكل فلسطين، وعلى هذا كان موقفه الصلب بالإسناد الذي تصاعد بتصاعد هذا العدوان، ليظهر الأصيل بعد أن فشل الوكيل ونقصد أمريكا وإسرائيل بعد أن كانت الواجهة النظام السعودي والإماراتي.. صحيح أن الوضع مأساوي وكارثي في غزة والضفة الغربية، ولكن ليس كل ما يخطط له الصهاينة في فلسطين المحتلة وأمريكا والغرب يتحقق خاصةً إذا عرفنا أن المنطقة يلفُّها ضباب، والعالم يموج بأزمات وتحوُّلات وصراعات تجري ومحتملة في المستقبل؛ والترجيح أن البشرية ستنتصر لنفسها من كل هذا التوحُّش والغطرسة والانحطاط، ولن نحتاج إلى وقت طويل لنرى تغيُّرات كبرى عاصفة ومفاجئة وإيجابية.
|