أحمد الزبيري -
هناك ثلاثة احتمالات للمبادرات المتبادَلة بين محافظي مأرب سلطان العرادة التابع لتحالف العدوان، وعلي محمد طعيمان المعين من حكومة الإنقاذ بصنعاء لفتح الطريق الرابط بين صنعاء ومأرب، وحسب مبادرة العرادة ستُفتح طريق (مأرب – نهم – صنعاء)، ومبادرة طعيمان فتح طريق (مأرب – صرواح – صنعاء)..

بغض النظر عن النوايا أو الأسباب التي تقف وراء المبادرتين فإن مثل هذا الأمر مُرحَّبٌ به شعبياً سواءً أكان ناتجاً عن اتفاق بين صنعاء والتحالف غير معلن يجري تطبيقه عبر المحافظين، أو وصول اليمنيين إلى قناعة أن ينزعوا شوكهم بأيديهم بعد أن أصبح الطرف الذي اصطف وقاتل مع تحالف العدوان على قناعة أن ما تعرض له اليمن طوال تسع سنوات لم تكن الأهداف المعلنة له إلا غطاء لتحقيق مخططات ومشاريع تخدم الأطراف المشارِكة في التحالف الإقليمية والدولية، الأساس الغائب الحاضر فيها كيان العدو الصهيوني..

ويبقى الاحتمال الثالث أن هذا يأتي من باب تسجيل المواقف ومحاولة إعطاء صورة أن الطرف الآخر غير جاد أو لا يريد فتح الطرقات، خاصةً وأن من تَقَدَّم بفتح طريق صنعاء نهم مأرب هو محافظ التحالف وهو أمر سيئ، ومع ذلك إنْ صدق الطرفان فإن ما سمعناه مُرَحَّبٌ به شعبياً، ونرجو أن يكون هناك تغيُّر في الوعي وتأكيد أن ذلك إحدى بركات توحُّد غالبية اليمنيين واصطفافهم إلى جانب إخوانهم في فلسطين بعد أن اتضح أن من يشنون العدوان هم اليوم من يتواطأ ويتآمر على دماء أبناء غزة لتحقيق صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية والتطبيع مع الكيان الصهيوني وبما يحقق هيمنة إسرائيل على المنطقة كوكيل حصري لأمريكا والغرب الاستعماري..

بعيداً عن التحليلات والتأويلات والتفسيرات، كان ينبغي منذ البداية تحييد القضايا الإنسانية والقضايا الاقتصادية المرتبطة بأوضاع الشعب اليمني وأحواله الحياتية والمعيشية، ولطالما صنعاء قدَّمت مبادرات للطرف الآخر، ولكن على ما يبدو أنه كان عاجزاً أو لا يريد تحت ضغط تحالف العدوان أن يستجيب لمثل تلك المبادرات، وهذا ما يجعل النظر إلى مبادرة سلطان العرادة كتغيير إيجابي إنْ كان نابعاً عن قناعة فربما يفتح الطريق إلى التفاهم والحوار بين اليمنيين لحل قضايا أخرى فيما يخص الملفات الإنسانية، والمطلوب فَتْح كل الطرقات بين المحافظات اليمنية وخاصةً المقطوعة، وإنهاء هذا الوضع الذي كان له أبعاد إنسانية واجتماعية كبيرة، ونعني الطرقات في تعز وطريق (عدن - الشريجة - الراهدة - تعز)، وطريق (عدن – الضالع – صنعاء)، الذي قد ينسحب على الملفات الأخرى الاقتصادية والسياسية والعسكرية..

إن ما يبعث على التفاؤل في هذا الاتجاه هو ما نسمعه ونشاهده يومياً من مواقف وأحاديث وتصريحات لقيادات تدعو إلى الحوار بين اليمنيين وإيجاد الحلول، إلى حد أن البعض ممن كانوا صقوراً يطلقون دعوات لوجوب الحوار والتفاهم وحل القضايا وإدراك أن مصلحة اليمنيين في السير على هذا الطريق، ونأمل أن نرى مبادرات أخرى وتلاقياً جِدياً ومسئولاً مبنياً على الثقة وعلى قناعة أن استمرار الصراعات والحروب يخدم أعداء اليمن، وأن مصلحة كل اليمنيين أن يجدوا حلولاً تنطلق من معالجة الأسباب لتحقيق النتائج التي ينتظرها كل أبناء الشعب اليمني الذين غالبيتهم يجتمعون على وحدة الموقف لنُصْرَة فلسطين.