م. هشام شرف عبدالله ❊ -
الحديث عن ذكري الـ30 من نوفمبر المجيدة 1967م ليس حديثاً عن ذكرى عابرة نحتفل بها كل عام فحسب، بل هو حديث عن عزة وكرامة وانتصار وعن مقاومة وتحرر وثورة شعبية رفضت كل اشكال الهيمنة والوصاية الأجنبية وتطهير من دنس الاحتلال ومشاريعه الشيطانية ضد الأرض والانسان اليمني.
نحفتل اليوم بالذكرى الـ52 للـ30 من نوفمبر، ولكن ليس من أجل الاحتفال فقط، وإنما لأننا هذه الأيام بأمس الحاجة لاستلهام الدروس والعبر من هذه المناسبة العظيمة والغالية على قلوبنا جميعاً، كيف وبعض المحافظات اليمنية تقبع تحت الاحتلال سواءً المباشر منه أو غير المباشر وأيضاً أبناء الشعب اليمني تحت الحصار الشامل منذ الـ26 من مارس 2015م، بل تعرضت وتتعرض معظم المنشآت والبنى التحتية للقصف والتدمير الممنهج من قبل أعداء الحرية والإنسانية المتمثل بالتحالف السعودي الاماراتي من لف لفهم من الداخل والخارج.
وفي هذه الذكرى العطرة نبعث برسائل لكل المعتدين والطامعين في هذا الشعب بأن مصيرهم الفشل الذريع وأن النصر قادم لا محالة ولهم أن يتذكروا ويعتبروا من تسلط وجبروت الاستعمار في المحافظات الشرقية والجنوبية ولأكثر من 129 عاماً من قبل الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس آنذاك.
من يسأل نفسه، كيف انتصر الأحرار في جنوب اليمن وبإمكاناتهم البسيطة جداً مقارنة بما يملكه الاحتلال وأدواته آنذاك، بكل بساطة انتصروا لأنهم أصحاب قضية واصحاب حق وكلمتهم واحدة وهدفهم هو التحرر من الاستعمار البريطاني البغيض، فكان لهم ما أرادوا وبدعم ومساندة من الشقيقة مصر وعلى وجه الخصوص من رجل القومية الأول الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.
على أية حال لم يأتِ يوم الـ30 من نوفمبر بالصدفة أو كهدية أو منحة من البريطانيين، بل جاء كثمرة طبيعية للنضال والكفاح المسلح والضربات الموجعة من قبل الأحرار والشرفاء في جنوب اليمن وامتداداً طبيعياً لثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م التي انطلقت شرارتها الأولى من ردفان الأبية.
وهنا نشير الى أنه بالرغم من تعدد قوى الثورة في الجنوب والتي كان من أبرزها جبهة تحرير جنوب اليمن »Floosy« والجبهة القومية للتحرير »NFL« وغيرها من الحركات النضالية، إلا أن هدفها كان واحداً وهو التحرر من قبضة الاستعمار ورحيل آخر جندي بريطاني من عدن وهو ما تحقق بالفعل يوم الـ30 من نوفمبر 1967م، بل كان لأبناء المحافظات الشمالية دور في ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م وفي نجاح هذه الثورة في الـ30 من نوفمبر 1967م من خلال بعض الأحرار الذين انخرطوا مع جبهة التحرير أو الجبهة القومية، وهذا ليس له دلالة غير أن الشعب اليمني واحد ومصيره واحد منذ الأزل والى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولن تنجح مخططات التقسيم والتمزيق التي يخطط لها المستعمر والمعتدي منذ عقود.
بهذه المناسبة العظيمة وبروح الثورة وتحقيق الاستقلال لجنوبنا المحتل آنذاك في 30 نوفمبر 1967م، نوجه رسائلنا لتحالف العدوان السعودي الاماراتي الى أن يبادروا الى استغلال الفرص ودعوات السلام والمبادرات التي أطلقها المجلس السياسي الأعلى وحكومة الانقاذ الوطني، ليس من باب الضعف أو الاستسلام، وإنما من باب القوة والحرص على حقن الدماء.
فكما انجبت اليمن عبدالنبي مدوم وشائع وشلال ولبوزة وغيرهم من أحرار اليمن الذين تمكنوا مع رفاق النضال المسلح من التحرر ورحيل آخر جندي بريطاني من عدن 1967م، فإن اليمن موطن الأحرار والنضال وموطن الرجولة ومصنع ملايين الثوار الذين لا يقبلون الضيم والاستسلام والقادرين على تحقيق النصر في القريب العاجل إن شاء الله تعالى.
يكاد التاريخ أن يكرر نفسه اليوم ويعود المستعمرون من جديد الى أرض السعيدة، وهيهات أن يتحقق لهم ذلك ونحن لهم ولمخططاتهم بالمرصاد.
ولهم جميعاً أقول:
أنا اليمني أنا في المجد خالد
بآثاري وأفعالي العظيمة
لي القرآن والتاريخ شاهد
بأني في جبين الدهر قيمة
بنيت السد والشورى اختراعي
وعلمت الحياة معنى العدالة
❊ وزير الخارجية - عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام
| 
ذكرى الـ30 من نوفمبر 1967م في واجهة التاريخ
