موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


السياسي الأعلى: اليمن يتموضع بقوة في المنطقة - الاحتلال يغلق مدارس للأونروا في القدس - صنعاء تطالب بلجنة تحقيق دولية - اليمن يستهدف "رامون" و"ترومان" - 213 صحفياً استشهدوا في غزة منذ 7 أكتوبر - 57 شهيداً وجريحاً في صنعاء وعمران - ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان على غزة - صنعاء تعلن صرف نصف راتب - إعلان صرف معاشات مايو في صنعاء - صنعاء: العدوان الصهيوني لن يمر دون عقاب -
مقالات
الميثاق نت -

الأحد, 03-فبراير-2019
إبراهيم‮ ‬ناصر‮ ‬الجرفي‮ ‬ -
تتغير نظرة الأشخاص لماهية الحياة ، بحسب المبادئ والقيم والأسس الفكرية ، التي ترسخت في عقولهم ، ونشأت معهم منذ الصغر ، وبحسب الثقافة الأسرية والمجتمعية السائدة ، وبحسب البيئة المحيطة ، فعادةً ما تطغى المادية والمصلحية والنفعية لدى الأشخاص الذين نشأوا في مجتمعات مادية ، وعادةً ما تطغى المثالية لدى الأشخاص الذين نشأوا في مجتمعات تسود فيها القيم والمبادئ والفضيلة ، ونظراً لتنامي النزعة المادية لدى جميع المجتمعات البشرية مؤخراً ، نتيجة سيطرة الثقافة الرأسمالية على مسيرة الحضارة الإنسانية ، فإن النزعة والثقافة المادية‮ ‬اصبحت‮ ‬هي‮ ‬المسيطرة‮ ‬على‮ ‬غالبية‮ ‬الأفراد‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬مختلف‮ ‬المجتمعات‮ ‬البشرية‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬انهيار‮ ‬وتراجع‮ ‬كبير‮ ‬للمبادئ‮ ‬والقيم‮ ..‬
ومن هذا المنطلق المادي والمصلحي ، أصبحت تدار تفاعلات الحياة اليومية ، ومن هذا المفهوم الضيق لمعنى الحياة ، تحول الأفراد إلى أدوات لتجميع الأموال والثروات ، وجُل تفكيرهم يدور حول كيفية الحصول على المزيد من الأموال والمصالح ، سواء بطرق شرعية أو غير شرعية ، بل إأن الطرق غير الشرعية باتت هي سيدة الموقف ، ونادراً ما تجد أفراداً ملتزمين بالطرق الشرعية في هذا الخصوص ، بل ان التنافس اليوم حول كسب المزيد من الأموال والمصالح ، بالطرق غير الشرعية في مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص ، بات نوعاً من أنواع الذكاء والمباهاة والفخر ، وبالمفهوم البلدي (حمرنة العين) ، فكلما حصل هذا الشخص أو ذاك على المزيد من الأموال والمصالح والمناصب ، بالطرق غير المشروعة ، كلما نال درجة مرتفعة في مقياس حمرنة العين المادي المصلحي ، والعكس صحيح ..
وهذا الأمر طبيعي جداً ، في ظل مجتمعات أصبحت السيطرة فيها ، للثقافة والنزعة المادية والمصلحية ، في ظل تلاشي الثقافة الروحية والمعنوية ، قد يقول قائل بأن في كلامي نوعاً من التحامل ، لكن ما يحدث على أرض الواقع العربي عموماً واليمني خصوصاً ، من صراعات وحروب ، ما هو إلا نتاج سيطرة النزعة المادية على ثقافة هذه المجتمعات ، فالصراعات القائمة اليوم ، وتغيير الولاءات ، هي من أجل المال والسلطة والمناصب ، فكم رأينا من أشخاص وهم يبدلون ولاءاتهم وأقنعتهم ، من أجل الحصول على المال ، او من اجل الحفاظ على المناصب التي تُدر عليهم الأموال ، وكم رأينا العديد من صور الخيانات والتآمرات في سبيل ذلك ، وذلك لأن هؤلاء الأشخاص قد جعلوا من الحصول على الأموال والمناصب والثروات هدفهم الرئيسي في هذه الحياة ، وفي سبيل ذلك هم على استعداد للتضحية بأغلى ما يملكون ، فالمادة أصبحت بالنسبة لهم كل‮ ‬شيء‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬الحياة‮ ‬،‮ ‬ولديهم‮ ‬قناعات‮ ‬بأن‮ ‬الحياة‮ ‬بدون‮ ‬المادة‮ ‬والأموال‮ ‬والمصالح‮ ‬والمناصب‮ ‬لا‮ ‬تساوي‮ ‬شيئاً‮ ‬،‮ ‬ولا‮ ‬قيمة‮ ‬لها‮ ‬،‮ ‬وهكذا‮ ‬تكون‮ ‬آثار‮ ‬النزعة‮ ‬المادية‮ ‬عندما‮ ‬تستحوذ‮ ‬على‮ ‬تفكير‮ ‬الإنسان‮ .. ‬
وهذا يوصلنا إلى حقيقة مؤسفة جداً ، مفادها أن المادة والأموال والمصالح والمناصب ، قد تحولت من أدوات ووسائل ، إلى دين ومنهج حياة ، ونحن بهذا الطرح لا ننكر أهمية المادة ، فالمادة والأموال أداة ووسيلة وزينة في هذه الحياة ، قال تعالى ((المال والبنون زينة الحياة الدنيا)) ، لكن في ظل ثقافة متوازنة تجمع بين الروح والمادة ، فلا تطغى الروح على المادة ، كما هو حال الرهبنة والتصوف والتطرف والتشدد ، وصولاً إلى تعذيب الجسد وحرمانه من نعم الله الحلال في هذه الحياة ، ولا تطغى المادة على الروح كما هو حال النزعة المادية الرأسمالية‮ ‬،‮ ‬وصولاً‮ ‬إلى‮ ‬إهمال‮ ‬الجوانب‮ ‬الروحية‮ ‬،‮ ‬على‮ ‬حساب‮ ‬الإفراط‮ ‬في‮ ‬تلبية‮ ‬رغبات‮ ‬وشهوات‮ ‬الجسد‮ .. ‬
وفي كل الأحوال يظل السمو والرفعة للمبادئ والقيم ، كون الحفاظ عليها والتمسك بها ، يحتاج إلى قوة ، وعزيمة ، وإصرار ، وإيمان ، وإرادة ، بينما ليس من الصعوبة بمكان تغيير المبادئ والمواقف والولاءات والقيم والثوابت ، في سبيل الحصول على الأموال والمناصب والمصالح ، فأصحاب المبادئ هم من يمتلكون القدرة على تحمل الصعاب وضغوطات الحياة ، على أن يتنازلوا عن مبادئهم وثوابتهم ، وعلى أن يبدلوا مواقفهم ويغيروا ولاءاتهم بين فينةٍ وأخرى ، وهذا ما يمنح المبادئ السمو والرفعة ، وهو نفسه ما يجعل المصالح والمادة تتقزم أمامها ..
وبالتالي.. فإن قوة وعظمة النفوس البشرية تقاس بمدى قدرتها على التمسك بالمبادئ والقيم والثوابت ، ومدى رفضها للمغريات والشهوات والنزوات ، وضعف النفوس البشرية وانحطاطها يقاس بمدى تخليها عن المبادئ والقيم والثوابت ، ومدى خضوعها للمغريات والشهوات والنزوات ، وبذلك فإن السمو هو سمو المبادئ ، فالحفاظ عليها والتمسك بها يحتاج لنفس قوية عظيمة صادقة وفية ، والعكس صحيح ، فلا يظن من يحصد الأموال ويجني الثروات على حساب تخليه عن مبادئه وقيمه وثوابته ، أن ذلك دليل ذكاء أو قوة ، بل إنه دليل غباء وضعف ، أمام نفسه أولاً ، وأمام‮ ‬الناس‮ ‬ثانياً‮ ‬،‮ ‬ومظاهر‮ ‬السلطة‮ ‬،‮ ‬ومكاسب‮ ‬الأموال‮ ‬والمصالح‮ ‬،‮ ‬لن‮ ‬ينقذه‮ ‬من‮ ‬تأنيب‮ ‬الضمير‮ ‬،‮ ‬ولن‮ ‬ينجيه‮ ‬من‮ ‬لوم‮ ‬الناس‮ ‬له‮ ‬،‮ ‬ولن‮ ‬ينقذه‮ ‬من‮ ‬نظرتهم‮ ‬الدونية‮ ‬له‮.‬
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
بقلم/ صادق بن أمين أبو راس- رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
قرار متسرّع وغير مدروس!!
راسل عُمَر

لنرفع القُبعات للقضاء المصري
زعفران المهنا

ثرثرة وجع..
لمياء الإرياني

22 مايو يتجدد بصمود الوحدة
أ.د أحمد مطهر عقبات*

يسألونك عن المشهد ..!!!
د. عبدالوهاب الروحاني

واشنطن واليمن حرب بلا ملامح
الدكتور / علي أحمد الديلمي*

أميركا في لحظة الحقيقة.. الحاملات ليست مدناً خارقة
لقمان عبدالله

ما وراء التشدد الأمريكي في اليمن.. عن المبادرة الصينية.. فتّش
مريم السبلاني

اليمن وطننا الواحد الكبير.. ولن نرضى بتمزيقه
عبدالسلام الدباء*

العنف في المدارس وآثاره الكارثية
د. محمد علي بركات

لحظة تُترَك للصمت فقط
يحيى الحمادي

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2025 لـ(الميثاق نت)