د. علي العثربي -
لقد كانت دعوات المؤتمر الشعبي العام من أجل الولاء لقدسية التراب الوطني وحماية كيان الدولة اليمنية الواحدة والموحدةوالقادرة والمقتدرة من أعظم وأقدس الواجبات التي ناضل الوطنيون الشرفاء من أجل بنائها في فكر الانسان اليمني الحر الأصيل وقد حاول المؤتمر الشعبي العام منذ تأسيسه في 24 أغسطس 1982م تعميق مبدأ الولاء الوطني في عقول النشأ باعتباره الركيزة الأساس في بناء الدولة ومن أعظم عناصر الأمن القومي، وعندما نطرح ذلك فإنه لا يعني المفاخرة فحسب بنهج المؤتمر الشعبي العام ولكنه من باب تعظيم قدسية بناء الدولة ومن أبلغ استراتيجيات البناء الفكري الذي يؤصل للوحدة الوطنية ويقوي روح الفداء والاستعداد المطلق للذود عن سيادة الوطن وأمنه واستقراره ووحدته، وقد أدرك المؤتمر الشعبي العام منذ اللحظات الأولى لنشوئه أن بناء الدولة اليمنية القادرة والمقتدرة يعتمد في بداياته الأولى على قوة الولاء الوطني والايمان بقدسيته ووحدته باعتباره القوة المعنوية الجبارة التي تدفع الكافة للتضحية من أجل سلامة الوطن من أية تحديات أو تهديدات سواءً أكانت داخلية أو خارجية، وقد يرهن المؤتمر الشعبي العام خلال مسيرته النضالية صواب نهجه وقوة تأثيره وعظمة انجازاته وسر بقائه وتطوره، وبلاغة تأثيره وشديد ولائه لقدسية التراب اليمني الواحد والموحد.
إن التزام المؤتمر الشعي العام باستراتيجية الولاء الوطني وقوة ارتباطه ببناء الدولة اليمنية الحديثة قد انطلق من فكر الوطن وتراثه واعتزازه بالمكونات الجغرافية والبشرية لليمن الواحد والموحد، وقد وجد المؤتمر الشعبي العام كل ذلك في أهداف الثورة اليمنية المباركة سبتمبر وأكتوبر عامي 62، و1963م، ولذلك فقد كان لازماً عليه أن يصنع نظرية سياسية وفكرية واقتصادية وادارية واجتماعية وأمنية ودفاعية تترجم الأهداف الستة الكبرى للثورة اليمنية الخالدة والمتجددة فكراً وسلوكاً في حياة اليمنيين كافة، وكانت الانطلاقة الكبرى عندما أعلن الأخ الزعيم علي عبدالله صالح تشكيل لجنة الحوار الوطني التي تكونت من 51 عضواً ضمنت مختلف انواع الطيف السياسي وحددت مهمتها بصناعة نظرية سياسية استراتيجية شاملة تمثل القاسم المشترك لأبناء اليمن الواحد من قلب المحيط جنوباً إلى قلب الصحراء شمالاً وشرقاً، ولم يكن التفكير الذي يسيطر على اللجنة الوطنية سوى هم الوطن الواحد والموحد والقادر والمقتدر حيث تجرد اعضاء اللجنة من كل المؤثرات الحزبية والمذهبية والفردية والقبلية والمناطقية ولم يكن آن لهم سوى خارطة اليمن الكبير بكل مكوناته البشرية والجغرافية وتنوعاته الفكرية والثقافية وتقاليده الحميدة.
إن انجاز الميثاق الوطني الذي بات القاسم المشترك لكل ابناء اليمن الواحد والموحد والقادر والمقتدر كان الانطلاقة الأولى لانجاز أهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، وقد كانت الرؤية الوطنية الاستراتيجية التي أجمع عليها اليمنيون كافة من خلال الاستفتاء الشعبي المفتوح البوابة التي تحقق من خلالها انجاز الوحدة اليمنية وتحقيق التنمية واستخراج النفط وبناء السدود ونشر العلم والمعرفة وبناء المدارس والمعاهد والكليات والجامعات وتأهيل القدرات والانتقال التدريجي نحو اللامركزية المالية والادارية الكاملة.
إن المؤتمر الشعبي العام الذي امتلك رؤية بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون كان واقعياً في التفكير فلم يطلق وعداً إلاّ وفّى بإنجازه ولم يدرك تحديداً إلاّ وواجهه بوحدة الفكر والهدف ووحدة الارادة السياسية وثورة البناء الاستراتيجي والانتماء المقدس لتراب اليمن الواحد والموحد، ولذلك كانت رؤية المؤتمر الشعبي العام تنص على أهمية انجاز الوحدة اليمنية باعتبارها اللبنة الأولى في صرح الوحدة العربية الكبرى، فكان نضاله المستمر والمثابر من أجل انجاز هذا الهدف الاستراتيجي الذي كان حلماً فحوّله المؤتمر الشعبي العام الى واقع في 22 مايو 1990م ومعه كل القوى الوطنية الخيرة.
إن الحديث عن انجازات المؤتمر الشعبي العام على مدى ثلاثة وثلاثين عاماً من الريادة الوطنية يحتاج الى مجلدات.. وأكتفي بالقول إنها انجازات على أرض الواقع الذي لا ينكره إلاّ مريض نفسي عاجز عن الاتيان بالأفضل، وهنا فقط أذكر بأن المؤتمر الشعبي العام رائد وقائد للاصطفاف الوطني لأنه بيت اليمنيين الأحرار الذي فيه كل ملامح الوطن المعافى والقوي والقادر، فالمؤتمر الذي صمد في سبيل حماية الشرعية الدستورية في 2011م وحذر من محاولة الانقلاب على أهداف الثورة اليمنية ووقف في وجه العاصفة التي استغلها الانقلابيون لتدمير اليمن وكل انجازاته فها هو اليوم يقف مع الوطن في مواجهة الإرهاب والقوى الطامعة في تمزيق الوطن والانقلاب على مبادئه وقيمه ومحاولات العودة باليمن الى ما قبل 62، 1963م أو ما قبل الثاني والعشرين من مايو 1990م، لقد ضحى المؤتمر الشعبي العام بالغالي والنفيس في سبيل حماية الوحدة اليمنية وصون النظام الجمهوري وها هم رجالاته العمالقة يتدافعون الى الاصطفاف الوطني المقدس الذي دعا اليه الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية - النائب الأول لرئيس المؤتمر الشعبي العام - الأمين العام - من أجل الانطلاق نحو المصالحة الوطنية الكبرى التي دعا اليها الأخ الزعيم علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية السابق - رئيس المؤتمر الشعبي العام- ومن أجل كل ذلك وقف المؤتمر في وجه الدعوات الانشطارية وحارب محاولات استعباد الشعب والدعوات الضلالية وقدم القدوة في الحفاظ على الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة واعتبر أن الوسيلة الوحيدة للوصول الى السلطة هي الانتخابات الحرة والمباشرة فقط وما دون ذلك لا يعبر عن ارادة الشعب وهو مرفوض جملة وتفصيلاً.. فألف تحية لكل وطني غيور في ذكرى تأسيس المؤتمر الثانية والثلاثين والقوى والمجد لليمن الواحد الموحد بإذن الله.