موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الثروة السمكية تحذر من مخالفة قرار "حظر الجمبري" - صنعاء.. حشد جماهيري كبير مع غزة ولا خطوط حمراء - إسقاط طائرة أمريكية في أجواء مأرب - بيان هـام صادر عن وزارة الإتصالات - أبو عبيدة: مستعدون لمعركة استنزاف طويلة - وسط تهديد بتشديد الحصار: الجوع.. سلاح ضغط أمريكي على صنعاء - تربويون وأكاديميون لـ"الميثاق": تحصين الجيل الجديد بأهمية الوحدة اليمنية ضرورة قصوى - الوحدة اليمنية خيار شعب ومصير وطن - الأمين العام يعزي بوفاة الشيخ عبدالكريم الرصاص - الأونروا: 600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح -
مقالات
الأربعاء, 26-يناير-2011
الميثاق نت -    علي حسن الشاطر -
الاختلاف والتباين في السجايا والرؤى والقناعات والمواقف والمصالح، حقيقة اجتماعية وتاريخية لا مفر منها، باعتبارها إحدى السنن الإلهية في بناء الكون والمجتمعات، ولا أحد باستطاعته محوها أو تجاهلها، ولا خيارات أمام البشر سوى الاعتراف والقبول بها والتكيف معها باعتبارها من الحتميات الضرورية لتنظيم الحياة والممارسات والسلوكيات العملية.

هذه الحقيقة تنطبق على الديمقراطيات الناشئة التي تعاني من الفراغ أو الضعف في بناها المؤسسية على الصعيدين الوطني والحزبي، وتتميز خارطتها السياسية والاجتماعية بالكثير من التمزقات والتباينات الاجتماعية، الفكرية، الإيديولوجية، الثقافية، الأخلاقية، وفي البرامج السياسية والحزبية "الخ" من التباينات المولدة للصراعات الداخلية؛ وهو ما يحتم بالضرورة الحوار كخيار وطني لا بديل عنه بين مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي المتباينة للوصول إلى برنامج عمل مشترك تكون فيه الديمقراطية هدفاً مرحلياً لهذا التوافق الذي يفضي إلى تطوير آلياتها ومؤسساتها وتشريعاتها لتستوعب هذا الاختلاف والتباين، وتقلص إلى حد مقبول من حدة التناقضات واحتواء مخاطرها وآثارها السلبية على المجتمعات.

مجمل الديمقراطيات الناشئة التي لم تتجاوز بعد مرحلة الولادة، لا زالت في أمس الحاجة إلى إيجاد الأرضية الصلبة التي تقف عليها، عبر سلسلة طويلة ومتدرجة من الإصلاحات والتحديثات المواكبة لمستوى تطور المجتمعات وقابليتها العملية لاستيعابها وتحقيقها على أرض الواقع، وقد أكدت الكثير من التجارب حتى الآن أن الإصلاحات والتحديثات الديمقراطية الانتقائية الرامية لتوظيف العملية الديمقراطية كلعبة سياسية ظرفية، وتلك التي لا تستمد مضامينها وآلياتها وقوة فعلها ونجاحها من بيئتها الوطنية ستكون غير قابلة للتنفيذ لعجزها وعدم قابليتها استيعاب التباين والاختلاف السائد وتوفير الفرص المتساوية لكل الأطراف في المشاركة والمنافسة والتمثيل النيابي، والكثير من التجارب الديمقراطية سرعان ما تعرضت للتراجع والانتكاسة حين تم إحراق مراحل نموها الطبيعي، أو إخضاعها قسراً لخيارات تحديثية وإصلاحية انتقائية مستوحاة من تجارب شعوب وبلدان أخرى.

من الضرورة بمكان أن نعي جميعاً أن التجربة الديمقراطية ليست ظاهرة طبيعية محكومة مساراتها ومنظمة أفعالها وتأثيرها بقوانين كونية، ولا هي آلة ميكانيكية يمكن للعقل الفردي التحكم بعملها أو تطويرها وتحديثها أو استخدامها والاستغناء عنها عند الحاجة، ولكنها ظاهرة اجتماعية، سياسية، ثقافية وليدة واقعها وظرفها المكاني والزماني، حيث يستمر وجودها، ويتطور بنيانها وخصائصها من خلال هذا الواقع وبواسطته، ولذا فإن الإصلاحات الناجحة تمثل فعلاً موضوعياً يفرض وجوده كحتمية تاريخية ضرورية تعززها معطيات الواقع واشتراطاته واحتياجاته التنموية المرحلية، ليأتي بعدها دور المجتمع والنخب السياسية في استشفاف طبيعة ونوعية هذه الإصلاحات وضبط إيقاعاتها وتنظيم وتشريع آلياتها ووسائلها وتوفير الإمكانات والشروط اللازمة لنجاحها واستمرارها، وهذا يعني أن الإصلاحات الواقعية لم تكن، في يوم من الأيام وتحت أي ظرف من الظروف، فعلاً ذاتياً محكوماً بالرغبات والأهواء والمصالح والأمزجة الفردية، وأية محاولة من هذا القبيل وإن تم فرضها مرحلياً بوسائل قسرية في هذا المجتمع أو ذاك، لا يكتب لها النجاح وتترتب عنها نتائج سلبية خطيرة ومدمرة على مسار العملية الديمقراطية وتحويلها من عملية إيجابية واعدة إلى عملية سلبية لها تداعياتها على مختلف مجالات الحياة.

ما من شك أن التجربة الديمقراطية اليمنية مثل غيرها من التجارب الحديثة في المنطقة العربية، تعرضت للعديد من التحديات والإشكالات المعقدة الناجمة عن طبيعة الاختلافات والتباينات والتناقضات الحادة بين مختلف أقطاب العملية السياسية الديمقراطية، ونجاحها حتى الآن في تجاوز هذه التعقيدات بوسائل الحوار والواقعية الموضوعية التي خلقت، وفي مراحل مختلفة، توافقية سياسية توفرت من خلالها الضمانات والإمكانات لكل الأطراف لسلوك طريق عمل جماعي قانوني.. وإن كان في العديد من الحالات بشكل مؤقت إلا أنه مثل أفضل الخيارات العملية المتاحة ليتجاوز هذه الإشكالات الذاتية والانتقال المتدرج في تطوير العملية الديمقراطية والحفاظ عليها والحيلولة دون تراجعها أو انتكاستها.

لقد أفرزت هذه التجربة جملة من الدروس والخبرات العملية التراكمية التي يمكن استخلاص أهمها على النحو التالي:

أن الإصلاحات والتطويرات والإجراءات العملية المرحلية التي يتفق عليها الجميع يجب أن لا تكون على حساب التخلي الكلي أو الجزئي عن الإنجازات والمكاسب الديمقراطية التي سبق لها أن تحققت، وحتى لا يأتي التقدم والنجاح في قطاع تنموي محدد أو مستهدف على حساب التراجع أو الفشل في القطاعات الأخرى، أي اتفاقات أو تعديلات يجب أن تكون في ضوء المراجعة الشاملة لاحتياجات الديمقراطية التنموية في الحاضر والمستقبل، وموجهة أهدافها لأن تسهم في تعزيز فاعلية ووتيرة الإصلاحات والتحديثات في مختلف قطاعات التنمية الوطنية، ومستوعبة في الوقت ذاته لكل أشكال وقوى الحراك الاجتماعي المؤسسي المدني والسياسي وتناقضاتها الداخلية والبينية على الساحة، ومكرسة لأن تفتح المجال أمام الجميع للمشاركة والمنافسة وأن لا تكون في يوم من الأيام مكرسة لخدمة بعض الأطراف على حساب البعض الآخر.


أن تكون المراجعات والإصلاحات مبنية على أساس الفهم الواقعي لخصوصيات ومميزات وصعوبات التجربة الديمقراطية، والقراءة الدقيقة لسلبياتها وإيجابياتها، والتحديد الواضح لنقاط التقاطع والاختلاف بين مختلف أطراف العملية السياسية، والبحث عن نقاط التوافق والتقارب وجعلها قواسم مشتركة لصياغة رؤية توفيقية للمعالجات، مجسدة في مضامينها للمعايير التشريعية والإجرائية والأخلاقية التي تستوعب هذا الاختلاف، وتعزز في الوقت ذاته من مكانة ودور وفاعلية المؤسسات الرسمية والمدنية في العملية الديمقراطية.


صحيفة الرياض*
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
الوحدة لا تتحمل أوزار الموحّدين
أحمد الزبيري

فلسطين ستكون حُرَّة
يحيى الماوري

عالم يقاتل مقاومة..!!!
د. عبد الوهاب الروحاني

الحياة مِرآة كبيرة لأفعالنا
عبد السلام الدباء

شِلّني يادِرَيْوَلْ تِجَمّل !!
عبدالرحمن بجاش

حَبّيت الحديدة وأشتي أعيش فيها
منى صفوان

الوحدة اليمنية: تحديات وآفاق في ذكرى مرور 34 عاماً
عبدالله صالح الحاج

الأفعال والمواقف السياسية حول أحداث غزة
إبراهيم ناصر الجرفي

الجامعات الامريكية !!
د. طه حسين الروحاني

عن (المركزية الأوروبية).. الإنسان (السوبرمان) !!
محمد علي اللوزي

التعليم.. لا إفادة ولا إجادة !!
د. يحيى الخزان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)