ناصر محمد العطار -
بقصد أو لقصور، قلَّدت بعض الشعوب العربية والاسلامية ثقافات غيرها من الشعوب التي تعاني الشتات والتمزق ولم ينفعها ويحصنها موروثها الحافل بقيم ومبادئ الدين الاسلامي من الوقوع في مستنقع الصراعات الفكرية ثم الفتن والحروب والمآسي.. الخ.
أما وطن الايمان والحكمة فيستحق الاشادة بثقافته على مر العصور وازاء جميع القضايا لتوافقها مع واقعه وتاريخه الحافل بالخصال والمواقف النبيلة والحميدة في تشييد وتعميم الحضارات العريقة ذات النهج الشوروي والمتسامح الذي يؤمن بالحوار، ولم تضق الارض والبشرية ذرعاً يوماً ما بأبناء هذا الوطن.. ذلك ماضي الوطن أما حاضره ومستقبله فقد أسس منذ فجر 22 مايو 1990م على المواكبة بين الحداثة والمعاصرة بانتهاج الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وحق الشعب في حكم نفسه بنفسه من خلال الوسائل الحديثة ممثلة بالنظام السياسي المختلط والنظام الانتخابي الاكثر شيوعاً -نظام الفائز الأول- احد الانظمة العددية.. وعن المستقبل فقد بدت ملامحه الطيبة والآمنة بالقرار الشجاع والوطني للقيادة السياسية والقيادات الحزبية بتشكيل لجنة الحوار الوطني من نخب المجتمع السياسية والثقافية والدينية لتتولى مهاماً عظيمة ومصيرية للوطن.. والامل يحدونا جميعاً ان نتمكن من ترميم ما خلفته الفتن والمهاترات من ثقوب في جسد الوطن ارضاً وانساناً هذا اولاً، أما ثانياً تحديث وتطوير الوسائل والآليات بما من شأنه الحفاظ على مكتسبات الوطن في الثورة والوحدة والديمقراطية دون الوقوع في المصيدة التي وقعت فيها شعوب تجاهلت واقعها وتاريخها واخذت بالنظام النسبي المفرط والكامل والذي لايصلح الا للشعوب المتعددة المركبة من طوائف وعرقيات وفي نطاق جغرافي صغير وتسير يوماً بعد يوم نحو المزيد من التمزق والاذعان للوصاية والنفوذ الخارجي.. ونعتقد ان لجنة الحوار يجب ان تنطلق من تجارب الوطن بالتقييم الموضوعي والفعلي وتحديد جوانب القصور والسلبيات التي رافقت الفعاليات والأنشطة السابقة والتي تكمن بحسب الواقع في عدم تمثيل المرأة والاحزاب الصغيرة في مجلس النواب وعدم التواؤم في بعض النتائج بين ما حصل عليه كل حزب من مقاعد مع عدد الاصوات.. وهذه الحالات تم تجاوزها من قبل الشعوب الاخرى وفي مقدمتها ايطاليا من خلال الابقاء على نظام الفائز الأول في الدوائر الانتخابية الفردية وتخصيص عدد من المقاعد في مجلس النواب للتمثيل النسبي ووفقاً لأحد الأنظمة شبه النسبية والتي مزجت بين مزايا نظام الفائز الأول بتقوية بناء المجتمع بجعل الولاء خالصاً للوطن بعد الله -عز وجل- فأبعدت الاحزاب المتطرفة وأُخرجت تلك الشعوب من عنق الزجاجة لتشكيل حكومات قوية ومعارضة قوية ايضاً.
ومن مزاياه ايضاً تقوية العلاقات بين الناخب والمرشح وتحرير الناخب من الوصاية الحزبية وكذا مساهمتها في الاستقرار السياسي على مستوى كل حزب وعلى مستوى جميع الاحزاب كما سهل ويسهل هذا النظام على الناخب ممارسة حقوقه بيسر ودون مشقة كما هو الحال لدى الناخب الذي يمارس حقه عن طريق النظام او القائمة النسبية الكاملة الذي يخضع لخيار الحزب بالتصويت له، او الوقوف على قائمة قد تضم الآلاف من الاسماء والرموز وفي نفس الوقت تحرمه من حق الترشيح كمستقل.. ومن مزيا النظام النسبي -فقط- تمثيل المرأة وتعويض الاحزاب لما افتقدته من مقاعد نظير الاصوات التي حصل عليها مرشحوها اجمالاً على مستوى كافة الدوائر الفردية وهي المزايا الوحيدة لنظام التمثيل النسبي.
وبذلك تمكنت تلك الشعوب من تجاوز القصور المحدود في نظام الفائز الأول وتعزيز الجوانب الايجابية فيه وهذا ما ننشده من لجنة الحوار الوطني.وبالله التوفيق. <
# رئيس دائرة الشئون القانونية
شيء عن القائمة النســـبية!!
