حاوره: عارف الشرجبي -
< قال الأخ المناضل علي أحمد السلامي رئيس مناضلي الثورة بعدن: إن الوحدة اليمنية التي تحققت في الثاني والعشرين من مايو1990م هي المعجزة الكبيرة التي انجزها الشعب اليمني في العصر الحديث، وأضاف في حوار أجرته معه »الميثاق«: إن الحسنة الوحيدة في تاريخ أمتنا العربية هي تحقيق الوحدة اليمنية والتي جاءت في ظل الانقسامات والاختلافات التي تعاني منها كل دول المنطقة والعالم..مشيراً الى أن الحفاظ على هذا المنجز ليس مرهوناً بحزب معين بل هي مهمة وطنية يجب على كل الشرفاء بالوطن القيام بذلك، وأكد أن دعاة الانفصال وفك الارتباط مجانين يسيرون الى الهاوية ويجب أن يعيدوا حساباتهم قبل فوات الأوان.. وإلى نص اللقاء:
< وشعبنا يحتفل بالعيد الوطني العشرين.. كيف ترى واقع الوطن بعد عقدين على تحقيقها؟
- لقد تحققت الوحدة اليمنية في ظل ظروف إقليمية ودولية معقدة كثير من الدول شهدت تمزقاً وانقساماً وتفككاً وخلافات لاحصرلها وكانت الوحدة اليمنية هي الحسنة الوحيدة التي شهدها العالم العربي وبذل الشعب اليمني الجهود الكبيرة عبر تاريخ نضاله الطويل من أجل تحقيقها في ظل تلك الظروف المعقدة وهذا يحسب للقيادة السياسية في شطري الوطن آنذاك لاسيما فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي أبدى تحمساً كبيراً لاتمام هذا المنجز الكبير ولذلك اعتقد أن تحقيق الوحدة يعد أهم مكسب للشعب اليمني في التاريخ المعاصر، والحديث عن واقع الوطن بعد عشرين عاماً من عمر الوحدة يحتاج الى مجلدات، فهناك تحولات كبيرة تمت للوطن على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهي شاهدة على نفسها وموجودة على أرض الواقع، ويكفي أن تحقيق الوحدة اليمنية قد عمل على طي صفحة قاتمةمن قاموسنا السياسي والاجتماعي وذهبت معها سنوات العزلة بين أبناء الشعب الواحد وانتهت الانقسامات والحروب المتتالية والمعاناة للشعب منذ بداية الاحتلال البريطاني عام 1939 لعدن وحكم الإمامة البغيضة للمحافظات الشمالية ولو لم يكن الشعب اليمني قد قدم تلك التضحيات عبر مراحل الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر لما تحققت الوحدة ولما شعرنا بالعزة والكرامة التي نفتخر بها اليوم ولابد من الاشارة الى أن اليمن وجد موحداً منذ الأزل لولا المؤامرات التي حيكت ضده في ظل الاستعمار وحكم الإمامة، وهذان العاملان بالقدر الذي كان لهما آثار سلبية خطيرة على شعبنا بالقدر الذي وحد الشعب في كفاحه ونضاله وأوجد قواسم مشتركة سعى الجميع الى استغلالها للخلاص من الاستعمار والحكم الإمامي، ولذا علينا أن نعمل كل ما بوسعنا لتعزيز التلاحم والوحدة في صفوفنا.
تلاحم الثورة
< كيف تجسدت واحدية الثورة والنضال الذي تحدثت عنه؟
- لقد تكلمنا كثيراً عن واحدية الثورة ويكفي أنه عندما أعلنا النضال ضد الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن كانت القيادة في تعز وكان ثوار سبتمبر واكتوبر متلاحمين في الكفاح ضد الاستعمار والإمامة.
كثير من المناضلين ضد الإمامة هم من المحافظات الجنوبية والشرقية، وقد استشهد الكثير منهم في المحابشة وحجة ونقيل يسلح، وأيضاً كثير ممن قادوا معارك الكفاح المسلح ضد الاستعمار هم من تعز والبيضاء وإب وصنعاء وكل المحافظات من المهرة حتى الحديدة ولا ننسى التأكيد أن الهدف الذي كان يراود الجميع هو الخلاص من الاستعمار والإمامة لإقامة الوحدة اليمنية اللذين صنعا الحدود السياسية بين الشمال والجنوب وكرسا الانقسام ليضعفا حركة المقاومة وإفشالها ولكن إرادة الشعب والشرفاء كانت أقوى من مؤامراتهما.
جواسيس بيننا
< لماذا ظهرت مؤخراً بعض الاصوات النشاز لتغذية ثقافة الكراهية والمناطقية؟
- لابد من التأكيد أن الشعب اليمني كان وسيظل وحدوياً مهما سمعنا بعض تلك الاصوات تدعو لمثل تلك الثقافة الدخيلةعلى شعبنا اليمني العظيم ، وإذا كان هناك من يدعو للمناطقية والانفصال فهم قلة ولابد من التذكير أن الكفاح المسلح في جنوب الوطن سابقاً قد عمل على تلاحم كل القوى الوطنية الشريفة في كل مناطق الوطن شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وهذا التلاحم خلق لدى الاستعمار حالة من الخوف والهلع، فعمل على تنفيذ سياسة خطيرة وهي فرق تسد وسعى لتقسيم القوى الوطنية وزرع الجواسيس، فعندما بدأت القوى الوطنية تنشط في عام 1966م بقيادة جبهة التحرير في جنوب الوطن عمل الاستعمار على تفكيكها وأوجد الجبهة القومية بجانب جبهة التحرير وهذا الانقسام عمل لصالح تجزئة النضال وإضعافه وهناك أخوة لم يتنبهوا لهذا المخطط الاستعماري الجديد الذي مازالت ملامحه وخيوطه تمتد حتى اليوم.
وحدة الصف الوطني
< هل تعتقد أن الانقسام الحاصل اليوم في الصف الوطني هو امتداد لذلك التآمر؟
- بكل تأكيد، فمنذ 1966م وحتى اليوم نسير ضمن مخطط كبير لضرب قيم الوحدة اليمنية العظيمة وان الاستعمار كان ينظر إلى أن وحدة اليمن وقيام دولة يمنية كبيرة هو تهديد لمصالحه ولذلك سعى الى إضعاف إمكانياتنا وقدراتنا ومشاعرنا الوطنية، ورغم ذلك هناك الكثير من المناضلين والوطنيين يدركون ذلك وهم يعملون على إفشال تلك المخططات، وهناك أناس للأسف الشديد يسيرون في الاتجاه المعادي لوحدة الوطن إما بجهل أو سعياً لتحقيق مصالح شخصية على حساب الوطن وثوابته ولكن اعتقد جازماً أن أي مؤامرة على الوطن وثوابته سوف تتحطم على قلعة صمود الشرفاء في الوطن.
الأصوات النشاز
< كيف يمكن مواجهة تلك الدعوات وتكريس ثقافة الهوية الوطنية؟
- لابد من عمل كبير ومتواصل من أجل بناء الانسان اليمني من كافة الجوانب الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وإذا نجحنا في بنائه بالشكل الذي ينبغي فلاشك أننا نكون قد حصنّاه من أي اختراقات وسنجعله قادراً على الوقوف ضد الاعاصير، كثير من الناس لاسيما البسطاء كانوا يحلمون بيوم الوحدة من أجل تحقيق أعلى قدر من التقدم والرفاهية والمساواة في الحقوق والواجبات، ولكن على الرغم من الإنجازات الكبيرة التي تحققت للوطن والمواطن إلاّ أنه مازال يطمح بمزيد من التقدم والرفاهية.
ولذا وجد أناس شعروا بالإحباط أو الملل، لأن ازدياد البطالة وضعف الريال أمام العملات الصعبة جعله يفقد قوته الشرائية وبالتالي عانى المواطن بعض الصعوبات المالية والمعيشية وجعلهم أكثر عرضة للوقوع ضحايا في شراك البعض الذين أشرت الى أنهم يعملون وفق مخطط وامتداد استعماري، فوجدت الاصوات النشاز التي أرى أنها ستصبح ظاهرة صوتية لا أكثر وستنتهي إذا سارعت الدولة بحل قضايا البطالة أو حلت المشاكل والتظلمات التي يعاني منها البعض وتكون سبباً لوجود ثقافة أخرى غير التي عهدناها..
ومن خلال صحيفة »الميثاق« الغراء التي عودتنا على قول الحقيقة أقول: إنه لابد على الحكومة أن تختار المسؤول الشريف الكفء الذي يعمل على حل مشاكل الناس ويغلب مصالح الوطن والمواطن على مصالحه الذاتية، لأن المسؤول الفاشل أو الفاسد بكل تأكيد فإنه يعكس صورة مشوهة للحكومة وللوحدة ولكل شيء جميل في الوطن.. فلا يعقل مثلاً أن يأتي شخص من عدن أو لحج أو تعز الى صنعاء لديه معامله لا تحتاج الا لتوقيع أو توجيه ثم يجلس أكثر من شهر دون جدوى، وهذا لاشك أنه يكرس مفاهيم خاطئة عن الوحدة وتجعل البعض يتساءل ماذا حققت له الوحدة وربما يقع فريسة سهلة لمن يريدالشر للوطن سواء من الداخل أو الخارج وهذا الكلام أوجهه لفخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي عودنا دائماً على تفهم قضايا المواطن والعمل على حلها.
إصلاح الأوضاع ضرورة
< كمناضل وحدوي عندما تسمع دعوات المناطقية والانفصال .. ماهو شعورك؟
- بدون شك عندما أسمع مثل تلك الدعوات الانفصال أو فك الارتباط أشعر بالتقيؤ والغثيان وأدرك أن حجم المؤامرة على الوطن مازالت مستمرة، ولكن لابد من القول: إن القضاء على تلك الاصوات يبدأ بإصلاح أوضاع الناس والقضاء على الفساد سواء الذين من السلطة أو من المعارضة.. الجميع شركاء في البناء والتنمية.
< ولكن الحفاظ على الوحدة والثوابت الوطنية ليست مرهونة بالأشخاص أن صلحوا حافظنا عليها وأن أفسدوا تنكرنا لها؟
- صحيح .. الوحدوي هو شخص واعٍ لا يتأثر بتلك المتغيرات ولكن عندما يكون المسؤول الكبير في الوزارة مثلاً لا يهتم الا بمصالحه لاشك أن سلوكه ينعكس على قناعة المواطن العادي، ولذلك لابد من حسن اختيار الموظف صغيراً أم كبيراً لأنه سفير الحكومة والسلطة لدى الجماهير إذا أحسن في تعامله جعل الناس تلتف حول الدولة والسلطة، وإذا أساء انعكس سلباً، وهكذا ولابد من الإشارة الى أن الغالبية من المواطنين واعون لما يحاك ضد الوطن ولا يستمع لمثل تلك الاصوات التي بدأت تفوح منها رائحة العمالة للخارج.
مدعي الوصاية في الهاوية
< إدعاء الوصاية على بعض المحافظات الجنوبية والشرقية من قبل البعض كيف تراه كمناضل وحدوي؟
- لايجوز لأي شخص أو حزب أو جماعة أن يدعي الوصاية على أي شبر من الوطن اليمني الحبيب فالوطن للجميع من المهرة الى الحديدة.. ومن عدن الى صعدة ومن يدعي الوصاية إنما هو يجهل التلاحم الاجتماعي ووشائج القربى والدم، وإذا كانت اليمن هي مهد العرب الاول، فكيف للبعض أن يدعي الوصاية على بقعة معينة الا إذا كان مدعي الوصاية يجهل التاريخ ولا يدرك أن اليمن وجد موحداً وسيظل كذلك.. وفي شعوري ان الذي يدعي الوصاية أو يعمل على تكريس هذا المفهوم كأنه يحيط نفسه بسياج من العزلة والذهاب الى الهاوية.
القطيعة تضر بالوطن
< الوحدة اليمنية منحت الأحزاب كامل الحرية في التعبير عن آرائها لكن هناك أحزاب استغلت هذا الحق وراحت تتحالف أو تتحاور مع دعاة الانفصال والمتمردين ..كيف ترى ذلك؟
- الحوار ظاهرة حضارية وديمقراطية وقد عودنا فخامة الرئيس على هذا النهج منذ صعوده الى سدة الحكم وكان لحواره مع القيادات في جنوب الوطن قبل الوحدة أن أثمر بإعلان الوحدة اليمنية المباركة وإذا كانت المعارضة قد تحاورت مع أية جهة من أجل الوصول الى يمن موحد مستقر وفقاً للثوابت الوطنية في الثورة والوحدة فلابأس لأن القطيعة تضر بالوطن، أما إذا كان التحالف مع أية جهة بهدف الخروج عن الثوابت التي حددها الدستور فهذا هو الشيء الذي يجب إعادة النظر فيه، لأن الاصل في الحوار والاختلاف في وجهات النظر يجب أن يكون لصالح الوطن وليس للإضرار به.
الحوار لمصلحة الوطن
< كيف تقيّم أداء المعارضة؟
- لقد تحدثت قبل عدة سنوات وقلت على المعارضة أن تكون بناءة وليس معول هدم وتخريب، فالمعارضة هي الوجه الآخر للسلطة كما هو متعارف عليه في كل دول العالم.. من حق المعارضة أن تنتقد أية سياسة فاشلة سواء اقتصادية أو غيرها وان لا تنكر المنجزات التي تحققت للوطن وكنت أتمنى على أحزاب المعارضة والمؤتمر الشعبي العام أن يجلسوا للحوار والخروج بنقاط التقاء تعمل على حل المشاكل العالقة حتى نشعر العالم أننا أكبر من المؤامرات والدسائس وأن نغلب مصلحة الوطن على المصالح الحزبية الضيقة، ويجب أن يكون مناخ الحوار وهدفه هو الحب وتضميد الجراح وليس البحث عن نقاط الاختلاف وتسجيل المواقف، فاليمن اليوم يعاني من أزمة اقتصادية وهي امتداد للأزمة العالمية ويجب أن نكون صفاً واحداً لتجاوزها، ناهيك عن الدسائس التي تريد النيل من اليمن الموحد الكبير.
دعاة الانفصال مجانين
< ماذا تقول لدعاة الانفصال وفك الارتباط؟
- يمكن للشخص أن يكسر العصى منفردة ولكنه يعجز عن كسر عشرة عصي مجتمعة، فالوحدة هي حلم الاجيال عبر مراحل التاريخ وهي عزة وقوة وكرامة اليمن وكل أبنائه وهي شرف الامة ومنعتها ليس لليمن فحسب بل ولكل الوطن العربي، والذين يدعون للانفصال واهمون ومجانين ، والانفصال ضرب من الجنون، فلا يعقل أن يوجد شخص سوي يدعو للانفصال الا إذا كان يريدالوصول الى الهاوية، واتذكر كلمة المشير السلال عندما التقينا به اثناء تحقيق الوحدة وسألناه عن أهمية تحقيقها فقال: إن الوحدة هي المعجزة الثانية التي تحققت لليمن بعد الثورة اليمنية، لهذا نقول: إن الاختلاف يجب أن لا يؤثر على سلوكيات البعض ويجعلهم لا يفرقون بين الحفاظ على الوحدة والثوابت وبين الحفاظ على المصالح الشخصية أو الحزبية.
ولذا أقول للجميع: أرجو أن نبتعد عن حب الذات وأن نحب اليمن الكبير.{
| 
المناضل علي السلامي: الوحدة هي المعجزة التي حققها اليمنيون في العصر
