موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


القوات اليمنية تدشن المرحلة الرابعة ضد الاحتلال الصهيوني - 3 مجازر و26 شهيدًا بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة - عدوان أمريكي جديد على صيادين يمنيين - اليونسكو تمنح جائزة الصحافة للصحفيين الفلسطينيين بغزة - سلسلة غارات عدوانية جديدة على الحديدة - ارتفاع حصيلة الشهداء فى غزة إلى 34596 - حادث مروع يقتل ويصيب 31 شخصاً في عمران - ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 34568 - غزة.. ارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 90% - نائب رئيس المؤتمر يعزي القاضي شرف القليصي -
منتدى الميثاق الأسبوعي
الميثاق نت -

الثلاثاء, 06-أبريل-2010
الميثاق نت -
في مايلي تغطية خاصة بالندوة تحديد سن الزواج التي نظمتها صحيفة الميثاق يوم السبت الماضي.. ننشر نصها كما يلي في هذا الملف..

رئيس مجلس الشورى: الرافضون للقانون لا يستأثرون بالحقيقة الشرعية المطلقة< افتتح الاستاذ عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى أعمال الندوة العلمية المتخصصة حول الأدلة الشرعية والصحية والاجتماعية على جواز تحديد سن الزواج التي نظمتها »الميثاق« أمس الأول بقاعة معهد‮ ‬الميثاق‮ ‬للدراسات‮ ‬والبحوث‮ ‬والتدريب‮.‬
وأكد عبدالغني الحاجة الى تحديد سن للزواج وأن المجادلين في هذه القضية يرفضون من حيث المبدأ هذا التحديد، وهذا يعني أن الفتاة القاصر أي العاجزة ستبقى ضحية مباحة لكل متربص بالزواج منها، بغض النظر عن فارق السن وشرط الكفاءة.
‮ ‬وهنا‮ ‬نص‮ ‬كلمة‮ ‬رئيس‮ ‬مجلس‮ ‬الشورى‮.‬
أيها‮ ‬الأخوة‮.. ‬أيتها‮ ‬الأخوات‮.. ‬الحاضرون‮ ‬جميعاً‮..‬
يسعدني أن أشارككم ندوتكم حول »الأدلة الشرعية والصحية والاجتماعية على جواز تحديد سن الزواج« وهو الموضوع المتعلق بمستقبل الأسرة اليمنية.. الذي أخذ حقه من النقاش والتداول والأخذ والرد خلال الفترة السابقة.. وأنه لمن التوفيق أن تنعقد هذه الندوة التي تنظمها صحيفة »الميثاق« قبيل أيام من تصويت مجلس النواب على قانون تحديد سن الزواج، وتأتي هذه الندوة ضمن الاهتمام الذي يوليه المؤتمر الشعبي العام بقضايا الأسرة منذ وقت مبكر باعتبارها الأساس المتين لرقي وتطور المجتمع اليمني، ولذلك أفرد للأسرة حيزاً واسعاً في أهدافه وخططه وبرامجه، ويتجلى ذلك في البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ علي عبدالله صالح- رئىس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام- كما أن قيام صحيفة »الميثاق« بتنظيم هذه الندوة المهمة شاهد على اهتمام المؤتمر الشعبي العام بقضايا الأسرة والتعبير عن همومها وتطلعاتها والسعي للارتقاء بها وتوفير كافة الضمانات الشرعية والقانونية والصحية والاجتماعية التي تكفل لها البناء القويم، ولذلك فإن تحديد سن الزواج من أهم المسائل الأولية والأولوية التي تتأسس عليها الأسرة السعيدة التي تعد نواة للمجتمع الصالح.
وعلى‮ ‬هذا‮ ‬الأساس‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬واضحاً،‮ ‬أن‮ ‬تأييد‮ ‬الحاضرين‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬الندوة‮ ‬لتحديد‮ ‬سن‮ ‬الزواج،‮ ‬لا‮ ‬يمثل‮ ‬مجابهةً‮ ‬مع‮ ‬ما‮ ‬يقضي‮ ‬به‮ ‬الدين‮ ‬الحنيف،‮ ‬وليس‮ ‬إنكاراً‮ ‬لما‮ ‬عُلِم‮ ‬منه‮ ‬بالضرورة‮.‬
وإن‮ ‬الذين‮ ‬أخذوا‮ ‬جانباً‮ ‬حاداً‮ ‬من‮ ‬هذه‮ ‬القضية،‮ ‬واستنفروا‮ ‬كل‮ ‬قواهم‮ ‬لمواجهتها،‮ ‬لايجب‮ ‬أن‮ ‬يذهب‮ ‬بهم‮ ‬الحماس،‮ ‬حد‮ ‬الاعتقاد‮ ‬بأنهم‮ ‬يستأثرون‮ ‬بالحقيقة‮ ‬الشرعية‮ ‬المطلقة‮.‬
إننا جميعاً نبحث وندلي بآرائنا ونعبر عن مسئولياتنا، كلٌّ من موقعه، في قضية يقع البحث فيها ضمن الفسحة التي أتاحها ويتيحها الدين الحنيف والشريعة الإسلامية السمحة، على قاعدة أن المصالح وتقديرها، يختلفان باختلاف الزمان والمكان.
والجميع‮ ‬هنا‮ ‬يعلم‮ ‬أننا‮ ‬نعيش‮ ‬في‮ ‬بلدٍ‮ ‬إسلامي‮ ‬أكد‮ ‬دستوره‮ ‬على‮ ‬أن‮ ‬الشريعة‮ ‬الإسلامية‮ ‬هي‮ ‬مصدر‮ ‬التشريع،‮ ‬بل‮ ‬إن‮ ‬اليمن‮ ‬تميز‮ ‬بمنهج‮ ‬تقنين‮ ‬أحكام‮ ‬الشريعة‮ ‬الإسلامية‮.‬
وقد‮ ‬أتاح‮ ‬ذلك‮ ‬وجود‮ ‬قوانين‮ ‬تتفق‮ ‬مع‮ ‬أحكام‮ ‬الدين‮ ‬الحنيف،‮ ‬وتأخذ‮ ‬بالأصلح‮ ‬من‮ ‬اجتهادات‮ ‬أئمة‮ ‬المذاهب‮ ‬وعلمائها‮.‬
وذلك يعني أن توجه مجلس النواب، نحو تعديل قانوني، يسمح بتحديد سن الزواج، لن يخرج عن هذا النهج، مادام يرمي إلى تأكيد مقصدٍ شرعي مُعتبر، يتمثل في ضرورة بلوغ الفتاة أو الفتى سن الرشد، أي سن التكليف، شرطاً قانونياً للزواج.
وإن‮ ‬مما‮ ‬يؤكد‮ ‬الحاجة‮ ‬إلى‮ ‬تحديد‮ ‬سنٍّ‮ ‬للزواج،‮ ‬أن‮ ‬المجادلين‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬القضية‮ ‬يرفضون‮ ‬من‮ ‬حيث‮ ‬المبدأ‮ ‬هذا‮ ‬التحديد‮..‬
وهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن‮ ‬الفتاة‮ ‬القاصر،‮ ‬أي‮ ‬العاجزة،‮ ‬ستبقى‮ ‬ضحية‮ ‬مباحة‮ ‬لكل‮ ‬متربص‮ ‬بالزواج‮ ‬منها،‮ ‬بغض‮ ‬النظر‮ ‬عن‮ ‬فارق‮ ‬السن‮ ‬وشرط‮ ‬الكفاءة‮.‬
ولا‮ ‬أعتقد‮ ‬أن‮ ‬عاقلاً‮ ‬يستطيع‮ ‬أن‮ ‬ينفي‮ ‬وقوع‮ ‬الظلم‮ ‬في‮ ‬زواج‮ ‬القاصرات،‮ ‬فالقاصر‮ ‬إذا‮ ‬وقعت‮ ‬ضحية‮ ‬زواج‮ ‬كهذا،‮ ‬فإن‮ ‬ذلك‮ ‬يعني‮ ‬أنها‮ ‬لم‮ ‬تُستشر‮ ‬في‮ ‬مستقبلها،‮ ‬هذا‮ ‬إذا‮ ‬كان‮ ‬سنها‮ ‬يسمح‮ ‬لها‮ ‬أصلاً‮ ‬بإدراك‮ ‬مصلحتها‮.‬
وتلك‮ ‬مسئولية‮ ‬يتحملها‮ ‬بالضرورة،‮ ‬ولي‮ ‬الفتاة‮ ‬القاصر،‮ ‬الذي‮ ‬ينبغي‮ ‬عليه‮ ‬أن‮ ‬يتحرى‮ ‬مصلحتها،‮ ‬كشرطٍ‮ ‬لصحة‮ ‬ولايته‮ ‬عليها،‮ ‬وإلا‮ ‬سقطت‮ ‬ولايته،‮ ‬كما‮ ‬يرى‮ ‬الفقهاء‮.‬
الحضور‮ ‬الكريم‮..‬
إنني على يقين بأن ما تضمنته أوراق العمل يحمل من الأدلة ما يكفي لتبرير التوجه الحالي نحو تحديد سن الزواج، وما أود إضافته هنا: أن مجتمعنا اليوم يتأسس على قواعد حياة لها متطلبات تختلف عن تلك التي كانت سائدة في الماضي البعيد وحتى القريب..
فقانون‮ ‬التعليم،‮ ‬على‮ ‬سبيل‮ ‬المثال،‮ ‬وهو‮ ‬قانون‮ ‬يتفق‮ ‬مع‮ ‬أحكام‮ ‬الشريعة‮ ‬الإسلامية،‮ ‬يقضي‮ ‬بإلزامية‮ ‬التعليم‮ ‬الأساسي‮ ‬الذي‮ ‬ينتهي‮ ‬ببلوغ‮ ‬الفتى‮ ‬أو‮ ‬الفتاة‮ ‬سن‮ ‬الخامسة‮ ‬عشرة‮.‬
ألا‮ ‬يعني‮ ‬لكم‮ ‬أيها‮ ‬المعارضون‮ ‬ذلك‮ ‬شيئاً،‮ ‬ألا‮ ‬تُحرم‮ ‬الفتاة‮ ‬القاصر،‮ ‬بسبب‮ ‬زواجها‮ ‬المبكر‮ ‬من‮ ‬حق‮ ‬قانوني‮ ‬ملزم،‮ ‬هو‮ ‬التعليم؟‮!!‬
والأسرة النواة- أي التي تقتصر على الزوجين والأبناء- هي البديل الموضوعي للأسرة الممتدة- أي التي كان يتعايش فيها الأجداد والأحفاد- ويتقاسمون سبباً واحداً للرزق، وهذا يعني أن مسئولية أكبر باتت تقع على الزوج والزوجة في تأمين أسباب المعيشة لهما ولأبنائهما.
هذا بالإضافة إلى ما وفره الطب الحديث من حقائق، بشأن عدم أهلية الفتاة صحياً وجسمانياً، للحمل والإنجاب، وإن تم ذلك فإن دونه مخاطر كثيرة، كما أن القاصر تكون عاجزة ذهنياً ووجدانياً عن تدبير شئون بيتها وأبنائها.
وهذا يؤكد مسئوليتنا جميعاً تجاه هذه القضية بالغة الأهمية، ويدفعنا إلى الإيمان برسالة هذه الندوة التي تؤكد أننا نعيش واقعاً مختلفاً، ونعمل وفق قواعد حياة عملية لا تحتمل ذلك الاستدعاء القسري لممارسات وأساليب عيش كانت في الماضي السحيق، واسقاطها على واقع مغاير‮ ‬تماماً‮.‬
ونؤكد‮ ‬كذلك‮ ‬أن‮ ‬عدم‮ ‬تحديد‮ ‬سن‮ ‬معين‮ ‬للزواج،‮ ‬ليس‮ ‬من‮ ‬مصلحة‮ ‬الفتاة‮ ‬القاصر،‮ ‬ولا‮ ‬المجتمع،‮ ‬ولا‮ ‬هذا‮ ‬الوطن،‮ ‬الذي‮ ‬يحتاج‮ ‬إلى‮ ‬أمة‮ ‬تتمتع‮ ‬بالصحة‮ ‬والعافية‮ ‬والرشد،‮ ‬لتنهض‮ ‬بأعبائه‮ ‬لا‮ ‬لتضيف‮ ‬أعباءً‮ ‬عليه‮.‬
أجدد‮ ‬شكري‮ ‬وتقديري‮ ‬للقائمين‮ ‬على‮ ‬هذه‮ ‬الندوة‮ ‬وللمحاضرين‮ ‬والمشاركين‮ ‬فيها،‮ ‬ولكم‮ ‬أيها‮ ‬الحاضرون‮ ‬جميعاً‮.. ‬متمنياً‮ ‬لأعمال‮ ‬ندوتكم‮ ‬التوفيق‮ ‬والسداد‮.‬
والسلام‮ ‬عليكم‮ ‬ورحمة‮ ‬الله‮ ‬وبركاته‮.{‬
‮< ‬أكد‮ ‬الدكتور‮ ‬أحمد‮ ‬عبيد‮ ‬بن‮ ‬دغر‮ ‬الأمين‮ ‬العام‮ ‬المساعد‮ ‬للمؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬لقطاع‮ ‬الإعلام‮ ‬أن‮ ‬قضية‮ ‬تحديد‮ ‬سن‮ ‬الزواج‮ ‬قضية‮ ‬خلافية،‮ ‬أثير‮ ‬حولها‮ ‬لغط‮ ‬شديد‮..‬
وقال‮ ‬في‮ ‬كلمته‮ ‬التي‮ ‬ألقاها‮ ‬في‮ ‬الندوة‮: ‬إنه‮ ‬لابد‮ ‬أن‮ ‬نسمع‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬الموضوع‮ ‬آراء‮ ‬مختصة‮ ‬لمختصين‮ ‬خبروا‮ ‬وعلموا‮ ‬وتفقهوا‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬المسائل‮.‬
نص‮ ‬كلمة‮ ‬الأمين‮ ‬العام‮ ‬المساعد‮:‬


الأمين‮ ‬العام‮ ‬المساعد‮: ‬
يحق‮ ‬لنا‮ ‬أن‮ ‬نبحث‮ ‬في‮ ‬قضايا‮ ‬لا‮ ‬يحكمها‮ ‬نص‮ ‬واضح
نحن أمام قضية خلافية، وأعني بها قضية تحديد سن الزواج، لقد أُثير حول هذا الموضوع لغط شديد، وكانت لنا في هذا المجال تجارب سابقة قبل الوحدة وبعدها، وخلافنا في هذا الموضوع خلاف في الفروع، وليس في الأصول، هذا إذا اعتبرنا هذه القضية فرعاً من فروع الشريعة، وهي ليست‮ ‬كما‮ ‬يبدو‮ ‬لي‮ ‬كذلك‮.. ‬وأقول‮ ‬هذا‮ ‬من‮ ‬باب‮ ‬الاحتياط‮ ‬والحذر،‮ ‬ففي‮ ‬هذا‮ ‬الموضوع‮ ‬لابد‮ ‬أن‮ ‬نسمع‮ ‬آراء‮ ‬مختصة‮ ‬لمختصين‮ ‬خبروا‮ ‬وعلموا‮ ‬وتفقهوا‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬المسائل‮.‬
على أي حال هل يحق لنا أن نبحث في قضايا لايحكمها نص واضح، أو سنة متفق عليها.. بعد أربعة عشر قرناً هل يبقى باب الاجتهاد مغلقاً.. وهل هذه قضية دينية بحتة أم دنيوية.. وإذا كانت كذلك (دنيوية) أليس درء المفاسد مُقدَّماً على جلب المصالح.. أليس هو القائل (صلى الله‮ ‬عليه‮ ‬وآله‮ ‬وسلم‮): ‬أنتم‮ ‬أعلم‮ ‬بأمور‮ ‬دنياكم‮.. ‬في‮ ‬حديث‮ ‬آخر‮.‬
لهذا نحن دعوناكم، نريد أن نبحث في هذا الموضوع بكل حرية، وأقول بكل حرية، وقد حرصنا على أن تجري المناقشة من قبل المختصين والمهتمين بكل أشكال المعرفة الدينية والدنيوية، فقد طلبنا بعض الأوراق في هذه المسألة الحساسة والدقيقة، وقد استجاب لنا أخوة أعزاء، نتقدم بالشكر‮ ‬الجزيل‮ ‬لهم‮ ‬على‮ ‬هذه‮ ‬الاستجابة‮ ‬الطيبة‮.‬
أيضاً‮ ‬نتوجه‮ ‬بالشكر‮ ‬الجزيل‮ ‬لأخينا‮ ‬وأستاذنا‮ ‬الفاضل‮ ‬عبدالعزيز‮ ‬عبدالغني‮- ‬رئىس‮ ‬مجلس‮ ‬الشورى،‮ ‬الذي‮ ‬تكرَّم‮ ‬برعاية‮ ‬هذه‮ ‬الندوة،‮ ‬فقد‮ ‬كانت‮ ‬له‮ ‬تجربة‮ ‬خاصة‮ -‬كرئىس‮ ‬سابق‮ ‬للوزراء‮- ‬مع‮ ‬هذه‮ ‬المسألة‮.‬
كما نخص بالشكر الأخوة في اللجنتين التشريعيتين في مجلسي النواب والشورى، وقيادات الأحزاب، والمنظمات المدنية والشخصيات الدينية، ورجال العلم والقانون الذين أبدوا تفهُّماً وحماساً للمشاركة في هذه الندوة، والحرص على نجاحها والمشاركة في أعمالها.. إعداداً وتحضيراً‮ ‬ومساهمة،‮ ‬وعلينا‮ ‬واجب‮ ‬الشكر‮ ‬للأخوات‮ ‬اللاتي‮ ‬حضرن،‮ ‬وأعطين‮ ‬لهذا‮ ‬الموضوع‮ ‬ما‮ ‬يستحق‮ ‬من‮ ‬اهتمام،‮ ‬وبعضهن‮ ‬تقدمن‮ ‬بمساهمات‮ ‬إيجابية‮ ‬هي‮ ‬بين‮ ‬أيديكم‮..‬
وأخيراً نشكر زملاءنا في صحيفة »الميثاق«- رئىساً، وهيئة تحرير، وعاملين- فقد أُوكلت إليهم المهمة في وقت ضيق، ولكنهم أبلوا بلاءً حسناً، وكان ذلك اختباراً لجاهزيتهم، ونستطيع أن نقول نجحتم فألف شكر.. والشكر موصول لكم جميعاً..{


الدكتور‮ ‬حمود‮ ‬العودي‮:‬
الرافضون‮ ‬يخوضون‮ ‬المعركة‮ ‬لحماية‮ ‬الفضيلة‮ ‬المفترضة‮ ‬من‮ ‬طغيان‮ ‬الرذيلة‮ ‬المحتملة
‮< ‬قدم‮ ‬الدكتور‮/ ‬حمود‮ ‬العودي‮- ‬استاذ‮ ‬علم‮ ‬الاجتماع‮ ‬بجامعة‮ ‬صنعاء‮- ‬ورقة‮ ‬عمل‮ ‬بعنوان‮ »‬الموقف‮ ‬الاجتماعي‮ ‬من‮ ‬تحديد‮ ‬سن‮ ‬الزواج‮ ‬المناسب‮« ‬ننشر‮ ‬ملخصاً‮ ‬لها‮:‬
الزواج سُنَّة من أهم سنن الكون التي استنها الله سبحانه وتعالى لاستمرار الفرع البشري كما هو كذلك بالنسبة لبقية أنواع الكائنات الحية، بل وحتى النباتية أيضاً، ولا خلاف في ذلك وحتى إمكانية للخلاف فيه بالنسبة للبشر أو غيرهم من الكائنات، لأن المخلوق لا يملك أن يغيّر‮ ‬من‮ ‬سنن‮ ‬الخالق‮.‬
الا أن ما يجري الخلاف والاختلاف فيه في هذا الصدد هو الكيفيات والسلوكيات الاجتماعية التي يتم في إطارها تنفيذ هذه السنة الكونية والإلهية المتعلقة بالتزاوج والتكاثر والتي هي من صنع الانسان نفسه، وما تتعارف عليه النظم الاجتماعية والتشريعية التي قد تختلف من مجتمع لآخر، ومن مرحلة تاريخية لأخرى وبحسب تغير الظروف والأحوال وحتى المعتقدات، وذلك من قِبل الرد على تساؤلات مثل: ما هو شكل الزواج المقبول وغير المقبول اجتماعياً؟.. ما هي شروطه السابقة والتزاماته اللاحقة؟، ما هو الوقت والزمان والمكان المناسبان؟..الخ، ثم ما الاهداف‮ ‬الاجتماعية‮ ‬المباشرة‮ ‬وغير‮ ‬المباشرة‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬هذه‮ ‬الكيفيات‮ ‬الاجتماعية؟
وفي خضم هذه التساؤلات يرد »تحديد السن المناسب« للمرأة والرجل والذي لا ينبغي أن تتم الزيجة قبل حلوله، وهو موضوع خلافنا اليوم بين من يريد التحديد بسن معينة (18) سنة ومن يصر على رفض ذلك ميلاً الى جواز الزواج قبل هذا السن، وبصرف النظر عن المنحى السياسي أو الديني الذي يستند اليه كل منهما بحق أو بدون حق، والتساؤل المهم الذي يتوجب الرد عليه والكشف عنه هو: ما الاهداف والمقاصد الحقيقية وراء موقف كلٍّ من الطرفين؟ ثم ما الموقف الاجتماعي من المسألة، والبعيد عن المنحى السياسي الذي يتمترس خلفه كلا الموقفين السابقين، وإنْ‮ ‬تحت‮ ‬مظلة‮ ‬دينية؟‮ ‬وذلك‮ ‬ما‮ ‬نوضحه‮ ‬في‮ ‬الآتي‮:‬
مبررات‮ ‬دعاة‮ ‬التحديد‮ ‬بـ‮(‬19‮) ‬سنة
لاشك أن هذا الاتجاه يستند الى جملة من الحجج المنطقية من الناحية الشكلية على الاقل، لأن سن (18) بالنسبة للمرأة تكون معه قد استكملت نضجها الجسدي الذي يجعلها قادرة على الإنجاب السليم دون مخاطر، والنضج العقلي الذي يمكنها من حسن اختيار شريك الحياة والتأسيس لأسرة مستقرة والقيام بواجباتها على أحسن وجه .. الخ، غير أن الهدف الأهم وغير المعلن إلا بصورة غير مباشرة لهذا الموقف هو أن هذا الاتجاه الذي يتبناه اليوم » النظام الرسمي« للدولة هو في جانب أساسي منه مجرد استجابة سياسية لضغوط واتفاقات خارجية ودولية تم التوقيع عليها من قبل اليمن كمجرد مجاراة للآخرين حتى لا يقال بأننا أقل »حداثة وتحضُّراً منهم« والتي لا تستهدف إلا تحديد النسل بهذه الطريقة أو تلك، أما من الناحية الواقعية فإنه حتى وإن تمكنت الحكومة من تمرير القانون في البرلمان وهي قادرة على ذلك حتى ولو اقتضى الأمر استخدام‮ »‬خط‮ ‬التلفون‮ ‬الساخن‮« ‬فإن‮ ‬نفاذ‮ ‬مثل‮ ‬هذا‮ ‬القانون‮ ‬وتطبيقه‮ ‬على‮ ‬أرض‮ ‬الواقع‮ ‬هو‮ ‬مما‮ ‬لا‮ ‬يعني‮ ‬السلطات‮ ‬التنفيذية‮ ‬في‮ ‬شيء‮.‬
فعذراً‮ ‬للنساء‮ ‬الطيبات‮ ‬المتحمسات‮ ‬للقانون،‮ ‬وبخٍ‮ ‬بخٍ‮ ‬للرافضين‮ ‬له‮ ‬صدر‮ ‬أم‮ ‬لم‮ ‬يصدر‮ ‬لأن‮ ‬كل‮ ‬شيء‮ ‬سيظل‮ ‬مجرد‮ ‬جعجعة‮ ‬بلا‮ ‬طحين‮.‬

مبررات‮ ‬المعارضين‮ ‬لتحديد‮ ‬سن‮ ‬الزواج‮:‬
بالرغم من أن كل شيء سيظل يدور في حلقة مفرغة كما سبقت الاشارة فيما يشبه الخيال المسرحي الا أنه من باب الحق أن نشير إلى أهداف ومبررات الرأي الآخر الرافض لتحديد سن الزواج بـ(18) سنة بالنسبة للفتاة وإجازة ما دون ذلك دون تحديد، وأهم حجج ومبررات هذا الطرف هو النضج الجنسي أو ما يُعرف بالبلوغ والذي يصبح معه الرجل والمرأة عرضة لارتكاب الخطيئة ما لم يتيسر لهما الزواج المشروع، وهذا هو الهدف والمبرر الأبرز والمنطقي لهذا الاتجاه، والذي يرى في الوقت نفسه أن سن النضج الجسدي والجنسي يتم قبل سن (18) وهو محق في ذلك الى حد ما وليس بصورة مطلقة، وبالتالي فهو يرى مشروع القانون موضع الخلاف لو صدر فإنه سيشكل حماية قانونية لمساحة واسعة من الخطيئة قد تمتد لعمر ما بين التاسعة وهي السن المفترضة في رأي بعض اصحاب هذا الاتجاه لبداية النضج الجنسي وحتى الثامنة عشرة للفتاة، وهم لذلك يخوضون معركتهم الحالية لحماية الفضيلة المفترضة من طغيان الرذيلة المحتملة!! غير أن الشيء غير الواضح وغير المحدد في موقف هذا الاتجاه هو أنه وبالرغم من رفضه لتحديد الحد الأدنى لسن الزواج بـ(18) سنة من قبل الطرف الآخر الا أنه لا يقدم حداً أدنى آخر للزواج يمكن البناء عليه، وحتى سن التاسعة »البائس« ليس محل إجماع قط ولا يشار اليه إلا همساً، كما أن سن الرشد العقلي الممكن لكلٍّ من الرجل والمرأة من تحقيق زيجة أكثر سلامة واستقراراً ونجاحاً لا مكان له في خطاب هذا الموقف، وفي هذا وذلك تكمن أهم نقاط الضعف فيه وبُعده عن واقعية وموضوعية‮ ‬مقتضى‮ ‬الحال‮ ‬عقلاً‮ ‬وشرعاً‮ ‬إلا‮ ‬مايمكن‮ ‬اعتباره‮ ‬مجرد‮ ‬مزايدات‮ ‬سياسية‮.‬

الموقف‮ ‬الاجتماعي‮ ‬من‮ ‬المسألة‮:‬
ما يميز الموقف الاجتماعي من قضية كهذه هو خلوه من الهدف السياسي المسبق تحت أية مظلة أو شعار بقدر ما هو أميل الى مبدأ وقاعدة جلب النفع ودفع الضرر العام والخاص، وهي القاعدة الشرعية الاجتماعية المثلى والبعيدة عن الهوى، والموضح أبعادها ودلالاتها المتعلقة بسن الزواج‮ ‬المناسب‮ ‬للرجل‮ ‬والمرأة‮ ‬في‮ ‬الآتي‮:‬
1- إن الاصرار على مجرد تحديد سن الزواج بـ(18) سنة لمجرد مجاراة الآخرين دون مراعاة لجوهر تحرّي جلب النفع ودفع الضرر عن الفرد والأسرة والمجتمع في ضوء الخصوصيات الثقافية والدينية والاخلاقية لمجتمعنا هو خطأ أو مجرد البحث عن شكل بلا مضمون.
2- إن مجرد الرفض في المقابل لهذه السن دونما تقديم بدائل اجتماعية وشرعية مقنعة وملتزمة بجوهر قاعدة جلب النفع ودفع الضرر العام والخاص مع تغييب مبدأ الرشد في هذه القضية هو خطأ لا يقل فشلاً إنْ لم يكن ضرراً عن سابقه.
3‮- ‬إن‮ ‬الاصل‮ ‬في‮ ‬المسألة‮ ‬هو‮ ‬النضج‮ ‬الجسدي‮ ‬من‮ ‬جهة‮ ‬والرشد‮ ‬العقلي‮ ‬من‮ ‬جهة‮ ‬أخرى،‮ ‬والموضح‮ ‬كلاهما‮ ‬في‮ ‬الآتي‮:‬
أ- من الثابت عدم إمكانية تحديد النضج الجسدي والجنسي بسن معينة نظراً لاختلاف ظروف المناخ والمعيشة، حيث يتأتى هذا النضج مبكراً نسبياً في المناطق الحارة والأوساط الاجتماعية الميسورة، والعكس صحيح فيما يتعلق بالمناطق الباردة والأوساط الفقيرة، والريفية في مقابل الحضرية‮ ‬بشكل‮ ‬عام،‮ ‬وهذا‮ ‬أمر‮ ‬متفق‮ ‬عليه‮ ‬علمياً‮.‬
ب- من الثابت كذلك أن النضج والرشد وهو المعادل الآخر لسن الزواج المناسب لا يترافق بالنضج الجسدي والجنسي في الغالب بل هو لاحق له مباشرة، لأن النضج الجسدي يترافق مع ما يُعرف بسن »المراهقة« وهي مرحلة ما بين الطفولة والرجولة أو الرشد على الأصح بالنسبة لكلا الجنسين، وهي مرحلة شديدة الاضطراب الاجتماعي والنفسي والتي لا يمتلك معها الشخص ذكراً كان أو انثى صفة الرشد فحسب بل كثيراً ما يفقد ما يكون قد اكتسبه من رشد الطفولة النسبي وبالتالي فهي سن غير صالحة للزواج الناجح رغم ملامح النضج الجسدي غير المكتمل ايضاً في مرحلة المراهقة‮.‬
ج- إن العلاقة بين النضج الجسدي من جهة والمراهقة من جهة ثانية والرشد من جهة ثالثة هي علاقة نسبية وشديدة التداخل طبقاً للظروف، فإذا كانت الظروف المناخية والمعيشية تؤثر بشكل ملحوظ في تحديد سن النضج الجسدي فإن مرحلة المراهقة تتأثر هي الأخرى بهذه الظروف بدرجة أكبر خصوصاً ما يتعلق بالظروف الاجتماعية، حيث تتراجع وتنكمش مرحلة المراهقة في الأوساط الاجتماعية الفقيرة والمناطق الريفية الزراعية والبدوية الى ما يشبه الصفر، لأن الأسرة والمجتمع هنا يرفض التعامل مع الولد أو البنت بعد سن العاشرة وبما قبل ذلك إلا باعتباره رجلاً أو امرأة كاملي المسؤولية وليس أطفالاً قط، وتتبلور بدلاً عن ذلك مرحلة الرشد مقترنة بمرحلة النضج الجسدي والمراهقة المسيطر عليها الى حد كبير، وهنا يمكن أن تنجح زيجات مبكرة بعد السادسة عشرة وما قبل الثامنة عشرة في سياق الاسرة الممتدة والمجتمع عالي الضبط الاجتماعي، وهذا بخلاف الأوساط الاجتماعية الحضرية والميسورة حيث تقل وطأة الضبط الاجتماعي في الاسرة والمجتمع ويطول اتكال الصغار على الكبار، وتطول معه نظرة الصغار الى أنفسهم كأطفال خارج المسؤولية يشاركهم في ذلك الكبار، وهنا تتمدد مرحلة المراهقة وأعباؤها الخطيرة‮ ‬على‮ ‬حساب‮ ‬تأخر‮ ‬مرحلة‮ ‬الرشد‮ ‬والشعور‮ ‬بالمسؤولية،‮ ‬وبالتالي‮ ‬تكون‮ ‬الزيجات‮ ‬المبكرة‮ ‬قبل‮ ‬الثامنة‮ ‬عشرة‮ ‬وربما‮ ‬بعدها‮ ‬غير‮ ‬مأمونة‮ ‬المخاطر‮ ‬الصحية‮ ‬والاجتماعية‮ ‬بالدرجة‮ ‬الأولى‮.‬
4‮- ‬الخلاصات‮:‬
أ- إن مرحلة النضج الجسدي والجنسي المقترنة بالحاجة الغريزية تتحدد وفقاً للظروف المناخية والمعيشية، وإطارها الزمني العام هو ما بين نهاية السادسة عشرة والثامنة عشرة، وعلى المشرع أن يقرر الموعد المناسب في كل منطقة أو وسط اجتماعي على حدة وفقاً لظروفه المناخية والمعيشية‮.‬
ب- إن مرحلة الرشد العقلي لا ينبغي عزلها عن مرحلة النضج الجسدي ولا ينبغي تغليب مرحلة النضج الجسدي على غياب أو تأخر الرشد العقلي والتي قد تبدأ مع بداية النضج الجسدي في أوساط اجتماعية معينة مع نهاية السادسة عشرة والسابعة عشرة وقد تتأخر الى الثامنة عشرة وما بعدها‮ ‬في‮ ‬أوساط‮ ‬أخرى‮ ‬كما‮ ‬سبقت‮ ‬الاشارة،‮ ‬فهو‮ ‬لازم‮ ‬بالضرورة‮ ‬للزواج‮ ‬الناجح‮ ‬والسليم‮.‬
ج- إن مبرر الطرف الأول بتحديد السن بـ(18) سنة بدافع توافر النضج والرشد وحتى الحد من الإنجاب طبقاً لمتطلبات المنظمات الدولية غير العربية بالضرورة، وكذلك الموقف الرافض لهذا التحديد منعاً للخطيئة وحمايةً للفضيلة، فإن لكل منهما الحق في الهدف غير ان كلاً منهما يخطئ الوسيلة المؤدية إليه، لأنه إذا كان النضج الجسدي يقتضي الحق في الزواج المشروع عن حق، والإنجاب المبكر يخلق مشكلات اجتماعية واقتصادية لا حدود لها، فإن العلم قد تكفل بحل هذا الاشكال لأن الزواج المبكر في سن ما بين نهاية السادسة عشرة والثامنة عشرة وفقاً للظروف المشار اليها آنفاً يعزز الفضيلة ويمنع الرذيلة عن حق، التي يحرص عليها الطرف الثاني تنظيم الاسرة الذي يضمن تأخير الانجاب وتنظيمه بحسب الظروف يمنع المشكلة الاجتماعية والاقتصادية التي يبحث عنها الطرف الاول، لأن كل من يبحث عن تأخير سن الزواج اكثر من اللازم لا‮ ‬يعنيه‮ ‬مطلقاً‮ ‬الزواج‮ ‬بحد‮ ‬ذاته‮ ‬كحق‮ ‬غريزي‮ ‬أودعه‮ ‬الله‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬انسان‮ ‬أو‮ ‬تعطيل‮ ‬هذا‮ ‬الحق‮ ‬بقدر‮ ‬ما‮ ‬يعنيه‮ ‬توافر‮ ‬الرشد‮ ‬والحد‮ ‬من‮ ‬زيادة‮ ‬السكان‮.‬
وأخيراً‮ ‬
إنني أشعر عن يقين بأن طرفي القضية يعتركان فيما هو ثانوي وجزئي في القضية، ويتغافلان بحسن نية أو بدونها عما هو الأهم والأولى بالنقاش والعمل الجاد في نفس القضية »الزواج وتعزيز الفضيلة ومنع الرذيلة، وتحقيق أسرة سعيدة ومجتمع مستقر«، وإلا أما كان الأولى بهما معاً وبنا جميعاً أن نعترك مع الرذائل التي تهدد كل هذه القيم العظيمة في ديننا ومجتمعنا بدءاً بمغالاة المهور التي تتجاوز تجارة الإنسان بالإنسان وتحول بين 90٪ من فقراء المجتمع ومحدودي الدخل وبين يسر إكمال نصف دينهم من الرجال إلا بشق الأنفس بسبب ما يزداد تفشياً من قيم البذخ في تكاليف الاعراس من القاعات الفخمة والموائد المترفة ، فكيلوهات الذهب وأطنان الملابس .. الخ، بكل ما قد يترتب على ذلك من شيوع الخطيئة الواضحة للعيان وتفشي العنوسة الخطيرة بين النساء والرجال على السواء والميل الى تحقيق الغريزة التي لاتقهر الطرق غير المشروعة اجتماعياً على الاقل من أشكال الزواج السياحي والعرفي وزواج الاصدقاء والمسيار.. الخ، فلا نسقط الفروض ونختلف في السنن أو نتغافل عن الأهم ونتقوقع فيما هو أقل أهمية وما هو ثانوي مع إغفال ما هو أساسي.

مناقشات ساخنة احتكم فيها المشاركون للمنطق والحجة< رغم إجماع أوراقها العلمية والاجتماعية والفقهية على ضرورة تحديد سن الزواج للفتاة في اليمن ، لم تخلُ ندوة (الأدلة الشرعية والصحية والاجتماعية على جواز تحديد سن الزواج) التي نظمتها صحيفة »الميثاق« أمس الأول، من أراء ووجهات نظر مغايرة وانتقادات حادة للمؤيدين لتحديد سن الزواج، وكذا اتهامات لكتلة المؤتمر الشعبي العام في البرلمان، ومن وصفوا بالمستثمرين لقضية زواج الصغيرات (في إشارة الى تكريم نجود بأمريكا)، في نقاش ساخن وحوار ديمقراطي جاد لم تنقصه الصراحة واستند للمعلومة العلمية والتاريخية، وتميز باستيعاب الآراء المعارضة بما فيها من تهكم وحدة في الطرح هددتا بحرف مسار الندوة لولا تمكن النائب الإصلاحي/ شوقي القاضي من خفض منسوب انفعالات المشاركين في النقاش في الوقت المناسب..
وفي هذا السياق أكد النائب شوقي القاضي خلال تعقيبه على مداخلات المشاركين في الجلسة النقاشية في ختام الندوة- ان تحديد سن الزواج جاء قبل اتفاقية (السيداو) بعشرات السنين ، ضاربا المثل بتحديد سن الزواج في الدولة العثمانية والمعروف أنها من حماة الشريعة عام 1917م‮ ‬وذلك‮ ‬قبل‮ ‬نحو‮ ‬
50‮ ‬سنة‮ ‬على‮ ‬اتفاقية‮ ( ‬السيداو‮) ‬التي‮ ‬أقرت‮ ‬عام‮ ‬1979م‮ ‬ثم‮ ‬نفذت‮ ‬في‮ ‬الثمانينيات‮
.‬
مستشهداً كذلك بتحديد سن الزواج في مصر قبل الاتفاقية الدولية بأكثر من (30 سنة).. وفي قانوني شطري اليمن (قبل الوحدة) حيث قنن سن الزواج فيما كان يسمى بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بداية السبعينيات قبل ( السيداو) وقنن في ما كان يسمى الجمهورية العربية اليمنية‮ ‬في‮ ‬1978م‮ ‬قبل‮ (‬السيداو‮) ‬بسنتين‮.‬
وجاء السرد التاريخي لموضوع تحديد سن الزواج دحضا لأراء الدكتور عبدالملك التاج - أستاذ أصول الفقه واللغة بجامعة الإيمان- والتي اعتبر فيها اثارة هذه القضية استهدافا للمنظومة المستمدة من الشريعة الإسلامية ، وتنفيذا لاتفاقية (السيداو) ، ملوحا بأوراق ورشة عمل لـ(اللجنة الوطنية للمراة) قال أنها عقدت في 26 أكتوبر من العام 2008م وتلى من مضامين أوراقها (منع زواج الصغيرة والاستعانة بالأمم المتحدة، ومنع تعدد الزوجات، ونشر التعليم الجنسي، والمساواة بين الرجال بالميراث بالإضافة الى الأمر الخامس والخطير وهو تجريم الاغتصاب‮ ‬الزوجي‮) ‬حد‮ ‬تعبيره،‮ ‬متهما‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬السياق‮ (‬اللجنة‮ ‬الوطنية‮ ‬للمرأة‮ ) ‬والتي‮ ‬كانت‮ ‬رئيستها‮ ‬رشيده‮ ‬الهمداني‮ ‬وعدد‮ ‬من‮ ‬أعضائها‮ ‬في‮ ‬القاعة،‮ ‬بالسعي‮ ‬لمصادرة‮ ‬أحكام‮ ‬الشريعة‮.‬

وأكد النائب شوقي القاضي ان الأصل في القانون اليمني هو أن سن الزواج محدد، قائلاً: فالقانون محدد في الدولتين قبل الوحدة ثم لما جاءت الوحدة اليمنية المباركة قنن عام 1992م تحديد سن الزواج بـ(15) عاماً والغي هذا التقنين عام 1999م ) مكررا التأكيد على أن تحديد‮ ‬سن‮ ‬الزواج‮ ‬كان‮ ‬قبل‮ ( ‬السيداو‮) ‬بأكثر‮ ‬من‮ (‬60‮) ‬سنة‮.‬
مشيراً الى ان (السيداو) والتي عمل مدربا لمضامينها ، لم تلزم الدول بتحديد سن مناسب لكل الدول، وانما أحالت الموضوع إلى تشريعاتها واتفاقيات حقوق الطفل، والمصلحة لتلك الدول، وقال:(لم تلتزم كل الدول عند (18) عام، بعض الدول 17عام، دولة من الدول مثل تونس أخذت سن‮ 002).‬

حوار‮ ‬علمي
الدكتور عبد الملك التاج - المدرس بجامعة الإيمان- والذي تصدرالفريق المناهض لتحديد سن للزواج في الندوة ، كان استشهد بآراء لأطباء أجانب لدعم حججه ودحض ما كشفته ورقة طبية وعرض مصور عن (الآثار الصحية والنفسية لزواج الصغيرات) للدكتور توفيق البصيلي- رئيس قسم النساء والولادة كلية الطب بجامعة صنعاء- ويقول الدكتور التاج في هذا السياق مخاطبا الحضور:(وحتى لايغرنكم ما جاء به الدكتور توفيق كمتخصص في أمراض النساء والولادة ،فهناك أطباء أمريكان أعظم منا علمياً وطبياً،) ضارباً المثل بما توصل اليه الدكتور (ديفيد هارتلي) وهو طبيب أمريكي متخصص،بعد إجراء بحث له جنوب المملكة العربية السعودية ، ينقل التاج عن الطبيب الأمريكي قوله :(انه وجد ان مشاكل الزواج بين سن 20 و25 سنة أكثر من مشاكل الزواج بين 18 و17 سنة) ، مورداً كذلك رأى طبيب أجنبي أخر.. يرى ان الزواج المبكر يقلل من نسبة إصابة‮ ‬المرأة‮ ‬بسرطان‮ ‬الثدي‮ ‬،‮ ‬متوصلا‮ ‬هنا‮ ‬الى‮ ‬نتيجة‮ ‬تقول‮ ‬بان‮ ‬المسالة‮ ‬حتى‮ ‬من‮ ‬الناحية‮ ‬الطبية‮ ‬غير‮ ‬مجمع‮ ‬عليها‮ ‬حسب‮ ‬اعتقاده‮ ..‬
ولترجيح كفة أطروحاته لم يغفل أستاذ الفقه واللغة بجامعة الإيمان تذكير الحاضرين بما يعتقده فارقا بين الأطباء اليمنيين والأطباء الأجانب دونما اغماط لحق الكوادر المحلية ، غير ان الحجة الطبية الأمريكية لم تدم طويلا ، فسرعان ما أبطل النائب شوقي القاضي مفعولها ودحض ماقد يفهم من مضامينها من تأييد للطبيب الأجنبي لزواج الصغيرات ، اذا يشير القاضي في تعقيب له خلال الجلسة الى ان الطب يعترض على زواج الصغيرات ومن بينهم الطبيب الذي ذكر قبل قليل، موضحا :( هذا الطبيب يقول بالنص : إن من الأسباب التي تخفف من سرطان الثدي أن تزوج البنت بعد البلوغ بسنوات..) مشيرا الى ان سنوات هنا جمع واقلها 3 سنوات ، قائلا : ( هاتوا لي قاسما مشترك لسن البلوغ كما في قانون الجرائم والعقوبات ،و كما شئتم حتى 12 سنة ، وأضيفوا إليه 3 سنوات ) كما قال الطبيب.

جواز‮ ‬تقييد‮ ‬المباح‮ ‬
وفي تعقيبه على ورقة (الأدلة الشرعية على جواز تحديد سن الزواج ) للدكتور / عبدالمؤمن شجاع الدين - أستاذ القانون بجامعة صنعاء - طالب التاج بالتأكد من مسالة تحديد سن الزواج عند الشافعي قائلا ( فهم اختلفوا في تحديد سن البلوغ ولم يختلفوا في تحديد سن الزواج، والمسألة أجماعية كما حكاها إبن عبد المنذر، وإبن عبد البار والإمام النووي، والغزالي وغيرهم) متفقا مع الدكتور شجاع الدين في جواز تقييد المباح لكن للحالات التي فيها ضرر موضحا :( تقييد المباح هذا له شروط لا يجوز إطلاق المسألة على عواهنها ..شرط ليست المسألة كما يقال مزايدات سياسية، لا والله نحن نريد أن نصل إلى الطريق الذي يرضي المولى عز وجل) وأضاف الدكتور / عبدالملك التاج :(نريد الوصول إلى ما يوافق الشرع ولا يصادمه) معتبرا زواج الصغيرات ليست ظاهرة، وقال :(معنا الآن منذ 3 سنوات والمزايدات بحالتين ذكر منها -نجود- وحالة‮ ‬أخرى‮) ‬وأضاف‮ :(‬وهذه‮ ‬رفعت‮ ‬أمرها‮ ‬إلى‮ ‬القضاء‮ ‬وانصفتها‮ ‬الشريعة،‮ ‬ورفع‮ ‬عنها‮ ‬الضرر،‮ ‬ولو‮ ‬اشتكت‮ ‬قبل‮ ‬زفافها‮ ‬لعريسها‮ ‬لحكم‮ ‬القاضي‮ ‬بمنع‮ ‬زفافها‮).‬

جواز‮ ‬العقد‮ ‬و‮ ‬جواز‮ ‬الزفاف
وحث المشاركين على التفريق بين مسالة جواز العقد وجواز الزفاف، حيث يرى بعدم وجود ضرر في مسألة جواز العقد مشيرا في قضية متى تزف الصغيرة ؟ الى ان الفقهاء لم يغفلوا هذا الامر، وانما اشترطوا عدة شروط قائلا: (إنما رحمتهم بمسألة اشتراط عدم الضرر أعظم من مسألة اشتراط تحديد سن الزواج من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية،) وأضاف: (فهم يقولون بجواز العقد على الصغيرة لكن لا تزف إلا إذا أصبحت صالحة لدخول الزوج عليها، بمعنى رفع الضرر، وقالوا إن مسألة دخول الزوج عليها لا يحدد بسن معينة، فهي تتفاوت من بيئة لأخرى).
ويرى أستاذ الفقه واللغة بجامعة الإيمان الدكتور عبدالملك التاج أن مسألة تحديد سن للزواج غير مجدية مدللا بـ(البرنامج الألماني في كتيب قال انه وزع وزعه على المدارس) وجاء فيه (قد تبلغ الأنثى وهي في سن الثامنة، وقد تبلغ وهي في سن التاسعة، وهي في سن العاشرة)، وأضاف: إذاً مسألة التحديد غير مجدية، وخاصة كما قلت، على أنه تختلف مسألة سن البلوغ والنمو الجسماني والبدني والتقبل النفسي،مستخلصا هنا ان اشتراط الضرر هو أرحم سواء كان الزواج من قبل الـ(18) أو بعد الـ(18) سنة.

منع‮ ‬تزويج‮ ‬الصغيرات
وعلى النقيض من ذلك استعرض النائب شوقي القاضي تجارب عدد من الدول العربية وآراء عدد من العلماء ذهبت جميعها الى عدم وجود مانع من تحديد سن للزواج، ذاكراً من ذلك تجربة المملكة العربية السعودية حينما وجدت هيئة حقوق الانسان أن هناك مشكلات بسبب تزويج الصغيرات أحيل‮ ‬الموضوع‮ ‬من‮ ‬الملك‮ ‬إلى‮ ‬مجلس‮ ‬الشورى‮ ‬ثم‮ ‬شكل‮ ‬مجلس‮ ‬الشورى‮ ‬عدداً‮ ‬كبيراً‮ ‬من‮ ‬اللجان‮ ‬الطبية‮ ‬والعلمية،‮ ‬لم‮ ‬تنه‮ ‬أعمالها،‮ ‬لكنها‮ ‬اصدرت‮ ‬تعميما‮ ‬إدارياً‮ ‬لا‮ ‬يسمح‮ ‬بالزواج‮ ‬لأقل‮ ‬من‮ (‬17‮) ‬عاماً‮ ‬إلا‮ ‬بشروط‮ ‬مشددة‮.‬
ومن آراء علماء الشريعة الإسلامية التي ترى منع زواج الصغيرات ذكر القاضي علامة الحجاز بن عثيمين والذي يرى أنه (ولا نرى مانعاً من أن يمنع الآباء من تزويج بناتهم) ويقول في مقولة أخرى (والرأي الذي ذهب إليه ابن شرذمة رحمة الله عليه هو الراجح عندي) موضحا ان رأي‮ ‬ابن‮ ‬شرذمة‮ ‬يقول‮ ‬بعدم‮ ‬تزويج‮ ‬الصغيرات‮.‬
وأضاف النائب شوقي القاضي مخاطبا الحضور :(الدكتور علامة العصر يوسف القرضاوي أشاد بالقانون القطري حينما حدد 16عاماً للطفلات و17 للأولاد).. مستشهداً كذلك بما قاله علامة سوريا الأستاذ الزرقة يقول بالنص (وأما تحديد الزواج فهو من حق الحاكم إذا رأى في ذلك مصلحة وعلى‮ ‬الأمة‮ ‬أن‮ ‬تطيعه‮ ‬في‮ ‬ذلك‮) ‬ثم‮ ‬العلامة‮ ‬الأستاذ‮ ‬سلمان‮ ‬بن‮ ‬فهد‮ ‬العودة‮ ‬والذي‮ ‬قال‮ ‬القاضي‮ ‬انه‮ ‬كان‮ ‬على‮ ‬اتصال‮ ‬به‮ ‬قبل‮ ‬ايام‮ ‬ولا‮ ‬يرى‮ ‬مطلقا‮ ‬مانعا‮ ‬في‮ ‬تحديد‮ ‬سن‮ ‬للزواج‮.‬

وفيما طالب الدكتور التاج من المشاركين في الندوة وضع الأدلة في محلها عند الرجوع للتفسير ، ذكّر النائب شوقي القاضي الفريق المعارض لتحديد سن الزواج ان موضوع تحديد سن الزواج يقوم على مقتضيات أخرى، منها مقتضيات لتغيير الفتوى ، قائلا : ( تتغير الفتوى زمانا ًومكاناً‮ ‬وشخصاً‮ ‬وظروفاً،‮).‬

وأضاف:(ومن ضمن موجبات تغيير الفتوى تغيير المعلومة.. فإذا استجدت معلومة بناء على بحث علمي وبناء على التوصيف العلمي والمختبرات الدقيقة)، في إشارة الى مانشهده اليوم من تطور وتفرع في الطب التشخيصي التفصيلي.
انتقاد‮ ‬المؤتمر‮ ‬في‮ ‬عقر‮ ‬داره
وكانت الجلسة الرابعة من اعمال الندوة والتي خصصت للنقاش العام وأدارها النائب شوقي القاضي استهلت بانتقادات حادة وجهت لكتلة المؤتمر الشعبي العام في البرلمان من قبل الصحفي صالح الصريمي - من صحيفة الصحوة التابعة لتجمع الاصلاح المعارض- على خلفية عدم تصويت كتلة المؤتمر في البرلمان على التعديل القانوني الذي يحدد سن الزواج ، وعبر أن أمنياته أن تمتلك كتلة المؤتمر الشعبي العام الشجاعة وتصوت على القانون كونها ليست بحاجة للآخرين وقال: ( إنهم لا يلتفتون إلى وجهة نظر بعض الدعاة وليس العلماء إلا عندما يريدون المزايدة على المجتمع،‮ ‬أما‮ ‬عندما‮ ‬يريدون‮ ‬تمرير‮ ‬مليارات‮ ‬الدولارات‮ ‬بالفساد‮ ‬فإنهم‮ ‬يمرورنها‮ ‬حتى‮ ‬في‮ ‬الليل‮)..!‬

استثمار‮ ‬الصغيرات‮ ‬
الصحفي الصريمي اعتبر موضوع النقاش غير ذات أهمية من وجهة نظره لكنه يتفق مع الدكتور/ حمود العودي - أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء- والذي تحدث عن (التأثيرات الاجتماعية والأسرية على زواج الصغيرات)- بوجود أولويات كارثية تحل بالمجتمع ، متعهدا في نفس الوقت أنه لن‮ ‬يزوج‮ ‬بناته‮ ‬إلا‮ ‬وفقاً‮ ‬للقانون‮ ‬الذي‮ ‬سوف‮ ‬يقره‮ ‬مجلس‮ ‬النواب‮. ‬
ويعتقد‮ ‬الصريمي‮ ‬بوجود‮ ‬مزايدات‮ ‬سياسية‮ ‬باسم‮ ‬الصغيرات،‮ ‬وأنهن‮ ‬أصبحن‮ ‬شماعة‮ ‬لمن‮ ‬أراد‮ ‬الظهور‮ ‬على‮ ‬الشاشة،‮ ‬وعلى‮ ‬منابر‮ ‬المساجد‮ ‬ومنصات‮ ‬المناظرات‮..‬
وفيما‮ ‬أشار‮ ‬الى‮ ‬ان‮ ‬اغلب‮ ‬كتلة‮ ‬الإصلاح‮ ‬في‮ ‬البرلمان‮ ‬باستثناء‮ ‬القلة‮ ‬قال‮ ‬ان‮ ‬لهم‮ ‬رأيهم‮ ‬الشخصي،‮ ‬طالب‮ ‬كتل‮ ‬المؤتمر‮ ‬والإصلاح‮ ‬والمشترك‮ ‬بالإسراع‮ ‬في‮ ‬سن‮ ‬قانون‮ ‬تحديد‮ ‬سن‮ ‬الزواج‮.‬

اعتراض‮ ‬على‮ ‬عنوان‮ ‬الندوة‮ ‬وتكريم‮ (‬نجود‮)‬
الدكتور عبدالملك التاج - أستاذ أصول الفقه واللغة بجامعة الإيمان - كان اعترض في بداية حديثه على عنوان الندوة الذي قال انه حمل حكما مسبقا وليس بحثا ومن ثم الوصول الى الحقيقة ، وبالتالي فهو يرى ان الأفضل عدم تعليق اللوحة الأمامية بعنوان الندوة وبحيث لا يظهر‮ ‬في‮ ‬الفضائيات‮ ‬أن‮ ‬كل‮ ‬من‮ ‬حضر‮ ‬هو‮ ‬مع‮ ‬الحكم‮ ‬المسبق،‮ ‬شاكرا‮ ‬في‮ ‬نفس‮ ‬الوقت‮ ‬المنظمين‮ ‬للندوة‮.‬
ولم ينس التاج انتقاد تكريم (نجود) وهو يشير اليها في القاعة منتقدا كذلك من قال انهم يستثمرون بقضيتها قائلا:(فأقول المسألة ليست مسألة يريد إضرار الصغيرة كما يصور، وجلسوا يستثمروا من ظهر الطفلتين هذه، وبدل ما كانت في اليمن الطفلة الصغيرة، يكرمونها في الولايات‮ ‬المتحدة‮ (‬نجود‮) ‬امرأة‮ ‬العالم‮ ‬أصبحت‮ ‬امرأة‮ .. ‬ونكتفي‮ ‬بهذا‮..).‬

استغلال‮ ‬سياسي‮ ‬وحملة‮ ‬انتخابية‮ ‬مبكرة
من جانبه أيد محمد الكميم ما ذهب إليه الشيخ حسن الشيخ في تكوين لجنة تضم مجموعة من العلماء والأطباء وعلم الاجتماع ليناقشوا القضية بهدوء ولمنع هذه المظاهر العجيبة التي قال إنها تسيئ إلى مجتمعنا وديننا. وعبر الكميم عن ذهوله لما عرضه الأطباء، منتقدا تقصير وسائل الإعلام، في تسليط الضوء على المخاطر الصحية والإضرار على الأسرة بعيداً عن تحديد سن الزواج.. مقترحاً ان توصي الندوة وسائل الإعلام بالقيام بدورها فيما يتعلق بالجوانب التوعوية الصحية والاجتماعية لأضرار زواج الصغيرات وليس زواجاً مبكراً.
كما شكر القائمين على الندوة وتمنى لو أن قاعتها اتسعت اكثر لتشمل عددا كبيرا من أبناء الوطن للمناقشة بهدوء، مترحما على العلماء الأجلاء الذين قاموا بتقنين احكام الشريعة الإسلامية قبل نحو 30 سنة في مجلس النواب، وكانت هذه القوانين من أفضل القوانين في الدول العربية‮ ‬والإسلامية‮.‬
وأضاف‮: ‬تصوروا‮ ‬يا‮ ‬أخوان‮ ‬لو‮ ‬أن‮ ‬هذا‮ ‬الجدال‮ ‬كان‮ ‬موجوداً‮ ‬في‮ ‬تلك‮ ‬الأيام‮ ‬التي‮ ‬شرعنا‮ ‬فيها‮ ‬هذه‮ ‬القوانين‮.‬
ويعتقد الكميم بوجود استغلال سياسي لقضايا تشريعية مهمة، تتعلق ببناء اللبنة الأساسية للأسرة وهذا خطأ كبير من كل الأحزاب والتنظيمات السياسية، وقال: (يبدو أننا دخلنا في المعركة الانتخابية قبل أوانها)..

درء‮ ‬المفاسد‮ ‬بمشاركة‮ ‬المرأة
مريم الجوفي - من اتحاد نساء اليمن - قالت انها صعقت كثيراً للجذب والشد في الموضوع، مشيرة الى انه (عندما نتكلم على قانون الأسرة .. اللبنة الأساسية لتنظيم هذا المجتمع نتكلم عن تنظيم سن الزواج، ننطلق من الشريعة الإسلامية ونبحث عن المصلحة).. مشيرة الى ان مصلحة‮ ‬الفتاة‮ ‬في‮ ‬أن‮ ‬يحدد‮ ‬سن‮ ‬للزواج،‮ ‬مشددة‮ ‬على‮ ‬ضرورة‮ ‬العمل‮ ‬بالقانون‮ ‬وليس‮ ‬وضعه‮ ‬فقط‮.‬
وقالت (وعندما نقر سن الزواج لابد أن نقرنها بعقوبة حتى تكون رادعاً، وحتى هذا الأب الذي يجهل القانون أو الجانب الشرعي، سيرتدع بالعقوبة، سواء بالنسبة لولي الأمر أو من يعقد الزواج)، وهى ضمانة قانونية تمنت الدكتورة مريم الجوفي أن تقترن بهذا التحديد.
وحثت‮ ‬المشاركين‮ ‬على‮ ‬تجنب‮ ‬المكايدات‮ ‬السياسية‮ ‬وقالت‮(‬لانريد‮ ‬أن‮ ‬يطلق‮ ‬على‮ ‬فئة‮ ‬أو‮ ‬جهة‮ ‬أو‮ ‬منظمة‮ ‬أنها‮ ‬خارجة‮ ‬عن‮ ‬الإسلام‮) ‬مشيرة‮ ‬الى‮ ‬القاعدة‮ ‬الفقهية‮ ( ‬درء‮ ‬المفاسد‮ ‬يقدم‮ ‬على‮ ‬جلب‮ ‬المصالح‮). ‬
وأيدت‮ ‬تشكيل‮ ‬لجنة‮ ‬متخصصة‮ ‬من‮ ‬الأطباء‮ ‬وعلماء‮ ‬الشريعة‮ ‬بمشاركة‮ ‬المرأة‮ (‬لأنهن‮ ‬أكثر‮ ‬قرباً‮ ‬ومعرفة،‮ ‬حتى‮ ‬تكون‮ ‬موضوعية‮).. ‬واضافت‮ :(‬أعتقد‮ ‬لو‮ ‬أن‮ ‬مجلس‮ ‬النواب‮ ‬حسم‮ ‬الموضوع‮ ‬لكنا‮ ‬في‮ ‬غنى‮ ‬عن‮ ‬هذا‮ ‬الجدل‮).‬

تعدد‮ ‬الزوجات
وفيما تنازلت الإعلامية والناشطة الحقوقية جميله على رجاء عن حقها في الحديث لرشيدة الهمداني ، عبرت منى باشراحيل عن شكرها لمعدي الندوة مشيرة الى الجدل الدائر حول سن الزواج منذ مابعد تحقيق الوحدة اليمنية ، واستعرضت عضو مجلس الشورى تجربة لطفلة بمحافظة حضرموت قالت‮ ‬انها‮ ‬وجدتها‮ ‬وقيل‮ ‬لها‮ ‬انها‮ ‬تقضي‮ ‬شهر‮ ‬العسل‮ ‬مع‮ ‬زوجها‮ ‬والتي‮ ‬ظنت‮ ‬أنه‮ ‬أبوها‮.. ‬وأضافت‮: (‬لا‮ ‬نجعل‮ ‬الإسلام‮ ‬شماعة‮ ‬لأخطائنا‮.. ‬نحن‮ ‬مسلمون‮ ‬ونشرنا‮ ‬الإسلام‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬بقاع‮ ‬العالم‮).‬
وفيما‮ ‬تطرقت‮ ‬الى‮ ‬مشاكل‮ ‬تعدد‮ ‬الزوجات‮ ‬شددت‮ ‬باشراحيل‮ ‬على‮ ‬ضرورة‮ ‬الزامية‮ ‬تعليم‮ ‬الفتاة‮.‬

تكفير‮ ‬المخالفين
هذا وكان النائب الاصلاحي شوقي القاضي شكر للمعارضين لتحديد سن الزواج حضورهم ومشاركتهم ، مشيدا بقبول الندوة للآراء المخالفة مقارنة بفعاليات اخرى لم تقبل بغير رأي واحد، وقال :(لأن الفعاليات الأخرى لم تتح للمعارض أن يقول كلمة).
واضاف‮ : ‬شكرا‮ ‬لهذه‮ ‬الندوة‮ ( ‬لأن‮ ‬الفعاليات‮ ‬الأخرى‮ ‬تجاوزت‮ ‬الحد‮ ‬ورأت‮ ‬أن‮ ‬الذين‮ ‬يرون‮ ‬بالتحديد‮ ‬دعاة‮ ‬شذوذ‮ ‬ودعاة‮ ‬زنا‮..).‬
وقال النائب شوقي القاضي :(أنا لمست في كلمة أخي أحمد عبيد بن دغر ، ماشعرت انه اختار لفظاً جافاً تجاه الآخرين حينما قال عقول فيها شيء من التخلف.. فوالله لا تزن هذه الكلمة ربع ما كفر الناس به وعندي خمسة أشرطة كلها تتهم من يرى بتحديد سن الزواج بالآثام والكبائر‮)..


زواج‮ ‬القاصر‮ ‬استدعـــــــــــــــــــــــاء‮ ‬لممارسات‮ ‬جاهلية‮ ‬الشيخ‮/ ‬حسن‮ ‬عبدالله‮ ‬الشيخ‮:‬
‮ ‬أينما‮ ‬وُجدت‮ ‬المصلحة‮ ‬العامة‮ ‬فثمَّ‮ ‬شرع‮ ‬الله
< أشار الشيخ حسن عبدالله الشيخ إوكيل وزارة الأوقاف والإرشاد- إلى أن هذه الندوة تعد خطوة على الطريق الصحيح لإعادة الأمور الى نصابها والمياه الى مجاريها.. بفتح باب الحوار الهادئ حول المسألة وفق آلية محكمة وإغلاق باب القيل والقال وردود الافعال ومراعاة متطلبات‮ ‬شبابنا‮ ‬وشاباتنا‮ ‬من‮ ‬العفة‮ ‬والطهارة‮ ‬وإبعادهم‮ ‬عن‮ ‬مؤثرات‮ ‬الحياة‮ ‬وإيقاعاتها‮ ‬المتسارعة‮ ‬التي‮ ‬أصبحت‮ ‬تهيج‮ ‬المشاعر‮ ‬وتثير‮ ‬الغرائز‮ ‬وتجرفهم‮ ‬الى‮ ‬مستنقع‮ ‬الرذيلة،‮ ‬ومسالك‮ ‬الانحراف‮.‬
وفيما‮ ‬يلي‮ ‬نص‮ ‬الكلمة‮ ‬التي‮ ‬ألقاها‮ ‬الشيخ‮ ‬حسن‮ ‬الشيخ‮ ‬عن‮ ‬أصحاب‮ ‬الفضيلة‮ ‬العلماء‮..‬
الحمد‮ ‬لله‮ ‬رب‮ ‬العالمين‮ ‬والصلاة‮ ‬والسلام‮ ‬على‮ ‬إمام‮ ‬المتقين‮ ‬وسيد‮ ‬المرسلين‮ ‬محمد‮ ‬وعلى‮ ‬آله‮.. ‬أما‮ ‬بعد‮:‬
فإن مستند الشريعة في تعاملها الحياتي حِلاً وحرمة جوازاً ومنعاً، صلاحاً وفساداً على النصوص النقلية، والقواعد الاصولية، والمقاصد الشرعية وكلها تصب عند تنزيلها على مجريات الواقع على ما يجري فيه من تغيرات وتقلبات وعوارض وبما يحقق مصلحة مجلوبة، أو مفسدة مدفوعة،‮ ‬وإنْ‮ ‬تباين‮ ‬التطبيق‮ ‬من‮ ‬زمان‮ ‬الى‮ ‬زمان،‮ ‬ومن‮ ‬مكان‮ ‬إلى‮ ‬مكان،‮ ‬ومن‮ ‬شخص‮ ‬إلى‮ ‬شخص‮.‬
فقد‮ ‬وجد‮ ‬في‮ ‬المسائل‮ ‬الفقهية‮ ‬الاجتهادية‮ ‬تباين‮ ‬في‮ ‬الحكم‮ ‬عند‮ ‬الفقهاء‮ ‬على‮ ‬المستوى‮ ‬الجماعي‮ ‬وعلى‮ ‬المستوى‮ ‬الفردي‮.‬
ففي‮ ‬المسألة‮ ‬الواحدة‮ ‬نجد‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬رأي‮ ‬ينتج‮ ‬عنه‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬حكم‮ ‬عند‮ ‬العالم‮ ‬الواحد،‮ ‬فكيف‮ ‬بمجموع‮ ‬العلماء‮.‬
عُبّر‮ ‬عن‮ ‬ذلك‮ ‬بالمذهب‮ ‬أو‮ ‬القول‮ ‬القديم‮ ‬أو‮ ‬المذهب‮ ‬أو‮ ‬القول‮ ‬الجديد‮ ‬كما‮ ‬هو‮ ‬حاصل‮ ‬في‮ ‬حق‮ ‬الإمام‮ ‬الشافعي،‮ ‬وينسحب‮ ‬ذلك‮ ‬على‮ ‬جميع‮ ‬أئمة‮ ‬المذاهب‮.‬
يقول‮ ‬ابن‮ ‬القيم‮ ‬رحمه‮ ‬الله‮ ‬في‮ ‬كتابه‮ ‬القيّم‮ (‬أعلام‮ ‬الموقعين‮) ‬4‭/‬3‮ ‬تحت‮ ‬عنوان‮ »‬فصل‮ ‬في‮ ‬تغير‮ ‬الفتوى‮ ‬واختلافها‮ ‬بحسب‮ ‬تغير‮ ‬الأزمنة‮ ‬والأمكنة‮ ‬والأحوال‮ ‬والنيات‮ ‬والعوائد‮«.‬
هذا‮ ‬فصل‮ ‬عظيم‮ ‬النفع‮ ‬جداً،‮ ‬وقع‮ ‬بسبب‮ ‬الجهل‮ ‬به‮ ‬غلط‮ ‬عظيم‮ ‬على‮ ‬الشريعة،‮ ‬أوجب‮ ‬من‮ ‬الحرج‮ ‬والمشقة‮ ‬وتكليف‮ ‬ما‮ ‬لا‮ ‬سبيل‮ ‬إليه‮ ‬ما‮ ‬يُعلم‮ ‬أن‮ ‬الشريعة‮ ‬الباهرة‮ ‬التي‮ ‬في‮ ‬أعلى‮ ‬رتب‮ ‬المصالح‮ ‬لا‮ ‬تأتي‮ ‬به‮.‬
فإن‮ ‬الشريعة‮ ‬مبناها‮ ‬وأساسها‮ ‬على‮ ‬الحكم‮ ‬ومصالح‮ ‬العباد‮ ‬في‮ ‬المعاش‮ ‬والمعاد،‮ ‬وهي‮ ‬عدل‮ ‬كلها‮ ‬ورحمة‮ ‬كلها‮ ‬ومصالح‮ ‬كلها‮ ‬وحكمة‮ ‬كلها‮.‬
فكل‮ ‬مسألة‮ ‬خرجت‮ ‬عن‮ ‬العدل‮ ‬الى‮ ‬الجور‮ ‬وعن‮ ‬الرحمة‮ ‬الى‮ ‬ضدها،‮ ‬وعن‮ ‬المصلحة‮ ‬الى‮ ‬المفسدة،‮ ‬وعن‮ ‬الحكمة‮ ‬الى‮ ‬العبث‮ ‬فليست‮ ‬من‮ ‬الشريعة،‮ ‬وإن‮ ‬أدخلت‮ ‬فيها‮ ‬بالتأويل‮.‬
فالشريعة‮ ‬عدل‮ ‬الله‮ ‬بين‮ ‬عباده،‮ ‬ورحمته‮ ‬بين‮ ‬خلقه‮ ‬وظله‮ ‬في‮ ‬أرضه‮ ‬وحكمته‮ ‬الدالة‮ ‬علىه‮ ‬وعلى‮ ‬صدق‮ ‬رسوله‮ ‬صلى‮ ‬الله‮ ‬عليه‮ ‬وآله‮ ‬وسلم‮ ‬أتم‮ ‬دلالة‮ ‬وأصدقها،‮ ‬الى‮ ‬آخر‮ ‬كلامه‮ ‬القيّم‮ ‬الثمين‮.‬
ثم‮ ‬ساق‮ ‬بعد‮ ‬ذلك‮ ‬جملة‮ ‬من‮ ‬الأمثلة‮ ‬في‮ ‬مواضيع‮ ‬شتى‮ ‬أكتفي‮ ‬ببعضها‮ ‬مراعاة‮ ‬للوقت‮.‬
المثال‮ ‬الأول‮:‬
ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم شرع لأمته إيجاب انكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف مايحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض الى الله ورسوله فإنه لايسوغ إنكاره وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله.
وهذا‮ ‬كالإنكار‮ ‬على‮ ‬الملوك‮ ‬والولاة‮ ‬بالخروج‮ ‬عليهم،‮ ‬فإنه‮ ‬أساس‮ ‬كل‮ ‬شر‮ ‬وفتنة‮ ‬الى‮ ‬آخر‮ ‬الدهر‮.‬
وقد‮ ‬استأذن‮ ‬الصحابة‮ ‬رسول‮ ‬الله‮ ‬صلى‮ ‬الله‮ ‬عليه‮ ‬وآله‮ ‬وسلم‮ ‬في‮ ‬قتال‮ ‬الأمراء‮ ‬الذين‮ ‬يؤخرون‮ ‬الصلاة‮ ‬عن‮ ‬وقتها،‮ ‬وقالوا‮:‬
أفلا‮ ‬نقاتلهم؟‮ ‬فقال‮: »‬لا‮ ‬ما‮ ‬أقاموا‮ ‬الصلاة‮.. ‬وقال‮: »‬مَنْ‮ ‬رأى‮ ‬من‮ ‬أميره‮ ‬ما‮ ‬يكرهه‮ ‬فليصبر‮ ‬ولا‮ ‬ينزعن‮ ‬يداً‮ ‬من‮ ‬طاعة‮«.‬
ومن‮ ‬تأمل‮ ‬ما‮ ‬جرى‮ ‬على‮ ‬الاسلام‮ ‬في‮ ‬الفتن‮ ‬الكبار‮ ‬والصغار‮ ‬رآها‮ ‬من‮ ‬إضاعة‮ ‬هذا‮ ‬الاصل‮ ‬وعدم‮ ‬الصبر‮ ‬على‮ ‬المنكر،‮ ‬فطلب‮ ‬إزالته‮ ‬فتولد‮ ‬منه‮ ‬ما‮ ‬هو‮ ‬أكبر‮ ‬منه‮.‬
فقد كان الرسول يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها، بل لما فتح مكة وصارت دار الاسلام عزم على تغيير البيت ورده على قواعد إبراهيم، ومنعه من ذلك مع قدرته عليه خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام، وكونهم حديثي عهد بكفر ولهذا‮ ‬لم‮ ‬يأذن‮ ‬في‮ ‬الإنكار‮ ‬على‮ ‬الأمراء‮ ‬باليد،‮ ‬لما‮ ‬يترتب‮ ‬عليه‮ ‬من‮ ‬وقوع‮ ‬ما‮ ‬هو‮ ‬أعظم‮ ‬منه‮.‬
المثال‮ ‬الثاني‮:‬
أن النبي عليه الصلاة والسلام »نهى أن تُقطع الأيدي في الغزو« رواه أبو داوود.. فهذا حد من حدود الله تعالى، وقد نهى عن إقامته في الغزو خشية أن يترتب عليه ماهو أبغض الى الله من تعطيله أو تأخره من لحوق لصاحبه بالمشركين حمية وغضباً كما قال عمر وأبو الدرداء وحذيفة، وقد نص أحمد واسحاق بن راهوية والأوزاعي وغيرهم من علماء الاسلام على أن الحدود لا تقام في أرض العدو، وذكرها أبو القاسم الخرقي في مختصره، فقال: لا يقام حد على مسلم في أرض العدو.. وقد أتى بشر بن أرطأة برجل من الغزاة قد سرق مجنّة فقال لولا أني سمعت رسول الله‮ ‬عليه‮ ‬الصلاة‮ ‬والسلام‮ ‬يقول‮: »‬لا‮ ‬تُقطع‮ ‬الأيدي‮ ‬في‮ ‬الغزو‮ ‬لقطعت‮ ‬يدك‮« ‬رواه‮ ‬أبو‮ ‬داوود‮ ‬وقال‮ ‬أبو‮ ‬محمد‮ ‬المقدسي‮ ‬وهو‮ ‬إجماع‮ ‬الصحابة‮ ‬صفحة‮ (‬6‮).‬
المثال‮ ‬الثالث‮:‬
أن المطلق في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزمن خليفته أبي بكر وصدراً من خلافة عمر، كان إذا جمع الطلقات الثلاث بفم واحد جعلت واحدة كما ثبت ذلك في الصحيح عن ابن عباس: فروى مسلم في صحيحه عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس:
‮»‬كان‮ ‬الطلاق‮ ‬الثلاث‮ ‬على‮ ‬عهد‮ ‬رسول‮ ‬الله‮ ‬وأبي‮ ‬بكر‮ ‬وسنتين‮ ‬من‮ ‬خلافة‮ ‬عمر‮ ‬طلاق‮ ‬الثلاث‮ ‬واحدة‮«.‬
فقال‮ ‬عمر‮ ‬بن‮ ‬الخطاب‮: ‬إن‮ ‬الناس‮ ‬قد‮ ‬استعجلوا‮ ‬في‮ ‬أمر‮ ‬كانت‮ ‬لهم‮ ‬فيه‮ ‬أناة‮ ‬فلو‮ ‬أمضيناه‮ ‬عليهم،‮ ‬فأمضاه‮ ‬عليهم‮« ‬صفحة‮ (‬30‮).‬
وقال‮ ‬ابن‮ ‬القيم‮:‬
والمقصود‮ ‬ان‮ ‬هذا‮ ‬القول‮ ‬قد‮ ‬دل‮ ‬عليه‮ ‬الكتاب‮ ‬والسنة‮ ‬والقياس‮ ‬والاجماع‮ ‬القديم‮ ‬ولم‮ ‬يأتِ‮ ‬ما‮ ‬يبطله‮.‬
ولكن رأى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن الناس قد استهانوا بأمر الطلاق وكثر منهم إيقاعه جملة واحدة، فرأى من المصلحة عقوبتهم بإمضائه عليهم، ليعلموا أن أحدهم إذا أوقعه جملة بانت منه المرأة وحُرّمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة يراد للدوام لا نكاح تحليل.. ورأى أن ما كانوا عليه في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعهد الصديق وصدراً من خلافته كان الأليق بهم، لأنهم لم يتتابعوا فيه، وكانوا يتقون الله في الطلاق، وقد جعل الله لكل من اتقاه مخرجاً، فلما تركوا تقوى الله وتلاعبوا بكتاب الله وطلقوا على غير شرع الله ألزمهم‮ ‬بما‮ ‬التزموه‮ ‬عقوبةً‮ ‬لهم‮) ‬صفحة‮ (‬36‮)‬
وهناك‮ ‬أمثلة‮ ‬أخرى‮ ‬تدل‮ ‬على‮ ‬تغير‮ ‬الفتوى‮ ‬بتغير‮ ‬الزمان‮ ‬والمكان‮ ‬والأحوال‮.‬
نخلص‮ ‬من‮ ‬ذلك‮ ‬إلى‮ ‬موضوعنا‮ ‬وهو‮:‬
هل‮ ‬يجوز‮ ‬تحديد‮ ‬سنٍّ‮ ‬للزواج؟
أقول مما لاشك فيه أنه قد ثبت شرعاً جواز زواج الصغيرة، وقال بذلك أئمة الفقه، وهذا ما هو موجود في كتبهم وجرت عليه أزمانهم وكان ذلك أليق بهم، أما عصرنا الحاضر فقد تغيرت الاحوال وحصلت بإباحته أضرار نشأت بسبب سوء تصرف الانسان وماسنت القوانين وضبطت تصرفات البشر إلا‮ ‬بسبب‮ ‬ذلك،‮ ‬واللغط‮ ‬الحاصل‮ ‬بسبب‮ ‬هذا‮ ‬الموضوع‮ ‬وتشنيع‮ ‬كل‮ ‬طرف‮ ‬على‮ ‬الآخر‮ ‬وتجييش‮ ‬الأنصار‮ ‬والأعوان،‮ ‬تصرفات‮ ‬لسنا‮ ‬بحاجة‮ ‬إليها‮.‬
إذاً‮ ‬الأمر‮ ‬أيسر‮ ‬من‮ ‬ذلك‮.‬
والأصل أن يجتمع مجموعة مختارة من العلماء والأطباء والمختصين لمناقشة الموضوع والخروج برؤية مشتركة تغلب فيها المصلحة على المفسدة وتدفع الضرر وتجلب المنفعة انطلاقاً من قاعدة »لا ضرر ولا ضرار« وأينما وجدت المصلحة فثمَّ شرع الله.
وبعد‮ ‬ذلك‮ ‬يُدفع‮ ‬ما‮ ‬يتم‮ ‬التوصل‮ ‬اليه‮ ‬الى‮ ‬مجلس‮ ‬النواب‮ ‬لإخراجه‮ ‬كقانون‮ ‬يلزم‮ ‬به‮ ‬الجميع،‮ ‬يراعي‮ ‬طبيعة‮ ‬الزمان‮ ‬والمكان‮ ‬وما‮ ‬أحدثه‮ ‬الناس‮.‬
ونبتعد‮ ‬عن‮ ‬اتهام‮ ‬العلماء‮ ‬بالوحشية‮ ‬والجهل‮ ‬بالواقع‮ ‬واتهام‮ ‬غيرهم‮ ‬بمخالفة‮ ‬الشريعة‮ ‬وإشاعة‮ ‬الفاحشة،‮ ‬كما‮ ‬نبتعد‮ ‬عن‮ ‬الضغوط‮ ‬والمقررات‮ ‬الخارجية،‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬تراعي‮ ‬خصوصية‮ ‬مجتمعنا‮ ‬ومقررات‮ ‬شرعنا‮.‬
ولعل في هذا اللقاء وتبني جريدة »الميثاق« له، ورعاية الاستاذ عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى له خطوة على الطريق الصحيح لإعادة الأمور الى نصابها والمياه الى مجاريها.. بفتح باب الحوار الهادئ حول المسألة وفق آلية محكمة وإغلاق باب القيل والقال وردود الافعال‮ ‬ومراعاة‮ ‬متطلبات‮ ‬شبابنا‮ ‬وشاباتنا‮ ‬من‮ ‬العفة‮ ‬والطهارة‮ ‬وإبعادهم‮ ‬عن‮ ‬مؤثرات‮ ‬الحياة‮ ‬وإيقاعاتها‮ ‬المتسارعة‮ ‬التي‮ ‬أصبحت‮ ‬تهيج‮ ‬المشاعر‮ ‬وتثير‮ ‬الغرائز‮ ‬وتجرفهم‮ ‬الى‮ ‬مستنقع‮ ‬الرذيلة،‮ ‬ومسالك‮ ‬الانحراف‮.‬
ونحن‮ ‬والحمد‮ ‬لله‮ ‬في‮ ‬بلد‮ ‬تحكمه‮ ‬شريعة‮ ‬الله‮ ‬ويسيّره‮ ‬منهج‮ ‬الله،‮ ‬والكل‮ ‬يحرص‮ ‬على‮ ‬قيم‮ ‬الأمة‮ ‬وأخلاقها‮ ‬وتماسك‮ ‬الأسرة‮ ‬واستقرارها‮.‬
وليس عيباً أن تُسن القوانين لمواجهة المستجدات وما يحدثه الناس من تصرف طالما أنها تستند الى مرجعية شرعية وواقعية، وتراعي مجموع من تُسن من أجلهم، وليست من أجل معالجة حالة فردية أو وقوع حدث طارئ لا يشكل ظاهرة ولا ممارسة جماعية.
وبالمقابل‮ ‬قد‮ ‬يمنع‮ ‬ولي‮ ‬الأمر‮ ‬أمراً‮ ‬مباحاً‮ ‬وجائزاً‮ ‬لمصلحة‮ ‬راجحة‮ ‬إذا‮ ‬لم‮ ‬يحسن‮ ‬الناس‮ ‬التعامل‮ ‬معه‮ ‬لا‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬اعتبارات‮ ‬مذهبية‮ ‬أوحزبية‮ ‬أو‮ ‬مقررات‮ ‬خارجية‮.‬
وفي إطار هذا الضابط يمكن أن نتعامل مع الموضوع المطروح.. وخير شاهد على ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: »إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بُدّ نتحدث فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق‮ ‬حقه‮..‬
قالوا‮: ‬وما‮ ‬حقه‮ ‬يا‮ ‬رسول‮ ‬الله؟
قال‮: ‬غض‮ ‬البصر،‮ ‬وكف‮ ‬الأذى،‮ ‬ورد‮ ‬السلام،‮ ‬والأمر‮ ‬بالمعروف‮ ‬والنهي‮ ‬عن‮ ‬المنكر‮« ‬متفق‮ ‬عليه‮.‬
والله‮ ‬من‮ ‬وراء‮ ‬القصد‮ ‬وهو‮ ‬حسبنا‮ ‬ونعم‮ ‬الوكيل‮.{‬
‮ ‬
الدكتور‮ ‬توفيق‮ ‬البصيلي‮: ‬الوفاة‮ - ‬تلف‮ ‬الأعضاء‮- ‬الإعاقة‮- ‬الأورام‮ ‬الخبيثة‮ ‬وأمراض‮ ‬نفسية‮.. ‬أبرز‮ ‬مخاطر‮ ‬الزواج‮ ‬المبكر

< ‬الزواج‮ ‬المبكر‮ ‬ومخاطره‮ ‬على‮ ‬الحمل‮ ‬والولادة
كان ذلك هو عنوان ورقة العمل للدكتور توفيق البصيلي رئيس قسم النساء والولادة بكلية الطب جامعة صنعاء، حيث أشار في مستهل عرضه لورقته إلى أن نسبة وفيات الأمهات في اليمن تشكل 365 لكل مائة ألف امرأة ، ثلثهن تحت سن العشرين.
فالحمل والولادة تحت سن العشرين يؤدي إلى عواقب وخيمة منها:الوفاة، وتلف الأعضاء، والإعاقة، وأورام خبيثة، وأمراض نفسية، وارتفاع نسبة الطلاق، بالإضافة إلى مشاكل اقتصادية أسرية، وإعاقة التنمية بسبب تخلف شريحة كبيرة من المجتمع باعتبار المرأة نصف المجتمع.
وقال‮ ‬الدكتور‮ ‬البصيلي‮ ‬إنه‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬هذا‮ ‬كله‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬ننظر‮ ‬للقضية‮ ‬من‮ ‬عدة‮ ‬محاور‮ ‬منها‮:‬
أولاً‮: ‬على‮ ‬مستوى‮ ‬المرأة‮ ‬نفسها‮.‬
وثانياً‮: ‬على‮ ‬مستوى‮ ‬المولود‮ ‬وما‮ ‬يحدث‮ ‬من‮ ‬نقص‮ ‬أوزان‮ ‬أو‮ ‬تشوهات‮ &#
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "منتدى الميثاق الأسبوعي"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي

ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*

"الكوتشينا".. على الطريقة الإيرانية..!!
د. عبدالوهاب الروحاني

أبوراس.. موقف مشرّف مع القضية الفلسطينية
سعيد مسعود عوض الجريري*

" غَزَّة ".. كاشفة
أحمد الزبيري

حتى لا يصبح بلد الحكمة منسياً وفاشلاً.. “دعوة للحوار والسلام”
عبدالله الصعفاني

حب الوطن أغلى من المال
عبد السلام الدباء

ماذا تفعل البحرية الهندية في البحر الأحمر؟
منذر سليمان

دولة العدل والمساواة
علي القحوم

عنتر أبو "الجَلَن" !!
عبدالرحمن بجاش

اليمن على مدار السرطان!!
علي أحمد مثنى

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)