مراد القدسي -
تمسكنا بالحوار المبدئي الجاد باعتباره قيمة أخلاقية وسياسية من ناحية ووسيلة فضلى للتعامل مع قضايا الخلاف بين شركاء الحياة السياسية من ناحية أخرى، لا يستثنى منه أحد، يؤمن بالجمهورية نظاماً، وبالوحدة قدراً ومصيراً، وبالديمقراطية نهجاً ووسيلة.
لكن ما يدور في الساحة اليمنية من جدال سياسي بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك يبين بجلاء أن الأخير يجاهد في تعزيز مواقفه السلبية بمواقف أكثر سلبية من قضايا وطنية هامة لا يمكن اللعب بها كأوراق ضغط على الآخر إلا إذا كانت النوايا تخرج عن دائرة الاتفاق إلى الاختلاف الذي لا نهاية له.
هاهو المؤتمر الشعبي العام يجدد دعوته للمشترك لتنفيذ اتفاق فبراير بل ويحمله المسؤولية لنتائج تهربه من التنفيذ.
هذه الرسالة تؤكد التزام المؤتمر بالنهج الديمقراطي العقلاني والسليم بدعوته للمشترك إلى الجلوس حول طاولة الحوار في سبيل الوصول إلى حلول للقضايا الوطنية بشفافية.
هذا الحرص الذي أكده عليه المؤتمر وترجمه, يجب أن يقابله حرص مماثل من القوى السياسية وبالتحديد الأحزاب الموقعة على اتفاق فبراير 2009م الذي بموجبه تم التمديد لمجلس النواب الحالي لمدة عامين.. إلا أن حالة الغياب التي أصابت تلك الأحزاب عن القضايا الوطنية المصيرية والدستورية نجدها ترسم صورة عبثية لماهية المسؤولية التي يجب أن يكون عليها أحزاب اللقاء المشترك ودأبها لإفشال الحوار وجر البلاد إلى واقع متأزم وغير مرحب به من كل فئات الشعب.
كلنا يعلم أن تنفيذ اتفاق «فبراير» الذي ينص على ضرورة القيام بإصلاحات دستورية تؤدي إلى تطوير النظام السياسي. « ومن ثم الانتقال إلى نظام انتخابي يتوافق عليه الجميع، نظام يأخذ في الاعتبار خصوصيات التجربة الديمقراطية في اليمن ولا يقفز على الواقع أو يسعى لتحقيق مصالح حزبية آنية، دون مراعاة لمصالح الوطن والمجتمع والدولة اليمنية الموحدة وظروف وتعقيدات المرحلة, والتصدي لمخططات المتآمرين الهادفة النيل من إنجازات الشعب اليمني العظيم. هذا الاتفاق التزمت به جميع الأحزاب الموقعة عليه وهاهو موعد الانتخابات النيابية المقبلة بات قريباً ولا يحتمل الابتزاز السياسي والاختلاف الفوضوي خاصة بعد أن أضاعت أحزاب اللقاء المشترك فرصاً عديدة منها عدم تجاوبها مع دعوات عديدة من المؤتمر الشعبي العام للحوار فهي للأسف الشديد تذهب بعيدا عن الاستحقاقات الدستورية والوطنية إلى حواراتها الجانبية على أنغام وأرضية الملتقى ألتشاوري الذي كرس لما كرس له.
إن دعوة المؤتمر لأحزاب اللقاء المشترك للعودة إلى طاولة الحوار واحترام « اتفاق فبراير» والمضي بصدق نحو تطبيق بنوده، وعدم البحث عن أسباب ومبررات لتجاوزه، والتي يكون من أكثرها سوءاً الاتكاء على الآخرين في الداخل أو الخارج دعوة صادقة,ولكن يبدو أن المشترك ونقولها مرة أخرى وللأسف - لم يكتف بالهروب من الحوار مع المؤتمر بل ذهب إلى مساندة وتأييد الأعمال التخريبية التي تنفذها عناصر خارجة على الدستور والقانون في بعض المحافظات,والتي أثارت الزوابع ،وخلقت حالة من الفوضى في بعض المديريات، فقطعت الطرق واعتدت على المارة ، وأن قياداتها دعت إلى ممارسة الفوضى وزرع الكراهية بين أبناء الوطن الواحد وحاولت تشويه صورة الوطن لدى العالم الخارجي».
وهو ما يؤكد عجز «المشترك» عن التعاطي مع القضايا الوطنية والمخططات التي تستهدف وحدة اليمن.
فإلى أين يريد (المشترك) أن يقود الوطن وهل ننتظر أن يخرج من تقوقعه في براثن العجز السياسي الطافح بالمآسي والويلات؟
إننا نقول لهؤلاء الموتورين إن مساعيكم لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء لن تنجح، وسوف يقف شعبنا اليمني العظيم سداً منيعاً في وجه كل المؤامرات التي تستهدف وحدته ونظامه الوطني الجمهوري الديمقراطي وسوف تتحطم على صخرة وعيه الوطني وتلاحمه الاجتماعي مخططاتكم الرجعية الشطرية.
وأمام هذا الموقف لا يجد الشعب حلا سوى السير نحو الديمقراطية والانتخابات وتمكين الشعب من حكم نفسه بنفسه بعيدا عن ثقافة العداء للدولة ومؤسساتها.